جمعية أمغار بخنيفرة تحتفل بذكرى “معركة لهري” في لقاء حول الذاكرة الجماعية كدعامة للتنمية

0
  • علال الحاج

على غرار كل سنة، احتفت “جمعية أمغار للثقافة والتنمية”، بخنيفرة، صبيحة يوم الأحد 20 نونبر 2022، بالذكرى 108 لمعركة الهري الخالدة، وقد اختارت الجمعية شعارا لهذه السنة: الذاكرة الجماعية دعامة أساسية للتنمية”، ومن أجل تسليط الضوء على مجريات هذا الحدث المميز في تاريخ زيان بشكل خاص، والذاكرة الجماعية للبلد بصفة عامة، بادرت الجمعية إلى دعوة الأكاديمي المتخصص في تاريخ المقاومة، الدكتور إدريس أقبوش، الذي تنقل من مدينة أزرو للمشاركة وإغناء اللقاء.

بعد كلمة ترحيبية، خص بها المسير الحاضرات والحاضرون الذين حجوا لقرية الهري، الإطار المكاني الذي جرت فيه واقعة المعركة التاريخية الراسخة في ذهنية الإنسان الزياني بشكل خاص، والانسان الأمازيغي عامة، افتتحت جمعية أمغار أشغال اللقاء بكلمة رحبت من خلالها بكل المناضلين والمناضلات وعموم الضيوف الذين شرفوها بالحضور، فيما لم يفتها الوقوف عند أهمية الحدث وامتداداته التاريخية و السياسية والسوسيوثقافية.

ومن جهته، توقف الدكتور إدريس أقبوش، عند المبررات الموضوعية والذاتية التي جعلته يستجيب لدعوة أمغار، مبرزا أن “موضوع الذاكرة، خاصة في ربطه بموضوع التنمية، ينطوي على مخاطر وانزلاقات تستوجب التسلح بمنهجية علمية صارمة، والإلمام بتخصصات مكملة من قبيل السوسيولوجيا والأنتروبولوجيا والجغرافيا”، وهو ما لا يتأتى للباحث المتخصص بسهولة بالنظر للتكلفة الزمنية والانشغالات المختلفة.

وفي ذات السياق، تناول الدكتور أقبوش، بالعرض والتحليل، مجريات معركة لهري، والدروس المستخلصة منها، وكيف أن “قضية الأرض عند إمازيغن هي مسألة حياة أو موت، الأمر الذي جعلهم يسترخصون دماءهم في سبيل تحريرها من قبضة الاستعمار الفرنسي الغاشم”، لافتا الانتباه ل “مدى قيمة الاتحاد بين القبائل الأمازيغية، إذ رغم كل الصراعات، منها الطبيعية، والتي تنم عن حيوية ودينامية الجسم القبلي، فالجميع يتوحد ويرص الصفوف كلما تعلق الأمر بالخطر الخارجي، من أجل الدفاع عن الأم “الأرض” التي يستمد منها الانسان الأمازيغي وجوده”.

بعدها توقف الدكتور أقبوش عند شخصية موحى أحمو، قائد المقاومة الزيانية، وأحد أوجهها البارزة، مبرزا أن القائد كان “يتمتع بفطنة وذكاء سياسيين تمكن من استثمارهما في استدراج العدو وإلحاق الهزيمة به”، وعلى عكس العديد من الكتابات التاريخية التي تنتقص من قيمة هذا النوع من المقاومة، بوصفها محدودة الأفق، فند الدكتور أقبوش هذه المقولة، مؤكدا أن موحى أحمو “كان يتميز بحس وطني استثنائي وتصور شامل لتحرير للبلد ككل”.

وعلى عكس هذا الغنى التاريخي والحضاري الذي تتميز به قبائل زيان، فإن البؤس الراهيني، لهذه المنطقة يحيل على ان السياسة المتبعة من قبل القيمين على الشأن العام هي سياسة انتقائية، لا تنطلق من القيمة المتساوية للمجال الوطني مكرسة بذلك السياسة التي سنتها السلطات الاستعمارية، قبل أن يعرج الأستاذ المحاضر على سبل استثمار الذاكرة الجماعية في تحقيق التنمية، مبرزا أن القضية ليس بالبساطة التي نتصورها، خاصة في ميدان الممارسة بالنظر للواقع السياسي والسوسيوثقافي المغربي الذي يجعل من الحفاظ الذاكرة وتثمين التراث آخر رهاناته.

وتميز اللقاء بفتح باب النقاش، حيث أبان الحضور عن ارتفاع منسوب الوعي بأهمية الذاكرة في لم الشمل وبناء مستقبل مشترك، مستنكرين بذلك الإهمال غير المفهوم من قبل الدولة مع هذا التراث المادي و الرمزي اللذين تزخر بهما المنطقة، في الوقت الذي تعتبر فيه الذاكرة المحلية بكل مكوناتها، في جل الدول والمجتمعات المتقدمة، كنزا حقيقيا تستثمره في إثبات كينونتها ووجودها في ظل عالم معولم تزحف فيه الثقافة الواحدة على الخصوصيات المحلية الضاربة في أعماق التاريخ.