في حوار مع سليمان أزواغ …الرهان هو تنظيم مدينة الناظور وجعلها قبلة للاستثمارات المنتجة

0

عبد السلام المساوي
إن الرهان الأساسي الذي يواجهنا هو إعادة الاعتبار للجماعة الحضرية للناظور ، لكي تقوم هذه المؤسسة المنتخبة بالتنمية ، وليتصالح الناظوريون والناظوريات مع الشأن المحلي لما يلعبه من دور حاسم في التنمية المجتمعية والتربية على المواطنة …
إن الرهان اليوم هو تنظيم مدينة الناظور وتأهيلها وجعلها قبلة للاستثمارات المنتجة ، كما أن الرهان اليوم يتجلى في تحسين جودة الحياة في المحيط الحضري والارتقاء بالخدمات العمومية في الاتجاه الذي يقوي الإحساس بالمواطنة ويجعل السكان يشعرون بكل اطمئنان أن المؤسسة المنتخبة في خدمة التنمية ، في خدمة المصلحة العامة لا خدمة المصالح الشخصية .
زمن التسيب والنهب ولى ، زمن الخطب والشعارات الرنانة انتهى …إنه زمن جديد وعهد جديد يعترف بالدراسة العلمية الموضوعية والعمل الميداني ، الكفاءة هي العنوان والنزاهة سيدة الميدان ….
في الماضي كان المرء يتسلل إلى الناظور كالجرذ ، فالناظور كان – إلى عهد قريب – مرادفا للتهريب ومافيا الهجرة السرية …، أما اليوم فالإنسان يدخل إلى الناظور كالفاتح ؛
أيام 23 – 24 – 25 فبراير 2021 ، في زيارة ميدانية لمدينة الناظور ، هذه المدينة الأم ، المدينة التي ولدت ، كبرت في أحضانها ، وغادرتها لضرورة الدراسة أولا ولضرورة العمل ثانيا …كنت أغيب لشهور ، لكن كنت أزورها من حين لآخر ؛ في العطل وفي المناسبات العائلية ….لكن أشهد أن هذه الزيارة تختلف عن سابقاتها ؛ ليست هذه هي الناظور التي أعرفها !
الناظور ، اليوم ، تعرف تحولات كبرى وتغيرات بنيوية ؛ طلقت الرداءة وعانقت الجمال …الناظور أصبحت مدينة ، تخلصت من مظاهر البدونة والقرية ؛
وللوقوف على أسباب التحول وعوامل التغير ، جلست إلى عمدة الناظور سليمان أزواغ ، وفي حوار مطول ، صريح وبعيد عن لغة الخشب …تبين لي أن العمدة بأغلبيته وفي تعاون تام مع السلطات المحلية ، تبين لي أن الرئيس في تدبيره وتسييره لجماعة الناظور ، تحكمه رؤية مستقبلية مؤسسة على منهجية واضحة المعالم ؛ منهجية عالمة ؛ تشخيص الاختلالات ، تحديد بؤر الفوضى والتسيب ، كيفية العلاج والإنقاذ …تابعوا معي محاور الرؤية وأهداف المنهج :
يقول سليمان أزواغ : نشتغل وفق استراتيجية مؤسسة على 3 محاور كبرى هادفة وناجعة ؛
أولا ، المحور البيئي ؛
ثانيا ، المحور الاقتصادي المرتبط بخلق بنية تحتية تروم جذب الاستثمار وإنعاش السياحة ؛
ثالثا ، المحور الثقافي والاجتماعي ؛
رابعا، الحكامة وتجويد الخدمات على مستوى الإدارة .
1- البعد البيئي في تنمية مدينة الناظور ، ماذا أنجز وماذا ينجز ؛
بعد استحقاقات سبتمبر 2008 ، ومباشرة بعد تشكيل مجلس جماعة الناظور وانتخاب سليمان أزواغ رئيسا ( حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية – رمز الوردة ) ، تم العزم على تطهير مدينة الناظور من النفايات ( المرض المزمن ) ، وتحريرها من النقط السوداء التي كانت تشكل مقابر للأزبال والسموم والروائح القاتلة ، وذلك وفق منهجية عملية دقيقة ؛

  • التتبع اليومي والمراقبة الصارمة للشركة المفوض لها تدبير قطاع النفايات ؛
  • الحرص على تنفيذ جميع بنود دفتر التحملات المتعلق بالتدبير المفوض للنفايات ؛
  • تفعيل دور الشرطة الإدارية لتقوم بأدوارها على مستوى نظافة المدينة ؛
    • التوعية والتحسيس ؛
    • مراقبة فضاءات المقاهي والمطاعم والأماكن العمومية ؛
    • زجر وفرض الجزاءات والضرائب على المخالفين لطريقة التخلص من النفايات ؛ مخالفة الكيفية والتوقيت ؛
  • إجبار الجميع على استعمال الأكياس لتفادي العشوائية وتشويه الشوارع والأزقة .
    وهذه العملية ، إضافة إلى أنها تروم تنظيف المدينة ، فإنها تساهم في خلق فرص للشغل ، تشغيل الشباب كمستخدمين عرضيين لتخليص شوارع وفضاءات المدينة من النفايات التي يخلفها الراجلون .
    الحفاظ على جمالية المدينة من خلال :
    ١- الحد من الفوضى والتسيب ، وذلك بتحرير الملك العمومي من ” الفراشة ” ، والقضاء على مظاهر وأساليب الإحتلال العشوائي للأرصفة والشوارع في المركز والمحيط ؛ ولهذا الغرض تم منع العربات المجرورة بالدواب وتنظيم مراكز للباعة المتجولين .
    الناظور مدينة نظيفة
    تدبير التخلص من النفايات هو أحد أهم الإختصاصات الموكولة لمجالس الجماعات المحلية التي انتخبناها في 8 شتنبر ، ويرتبط بشكل وثيق بالحفاظ على الأمن الصحي للمواطنين . وإذا كانت هاته الجماعات تتوفر على ملايير الدراهم من أجل الإبقاء على أزقتنا نظيفة ، فإن ذلك لم يتحقق بعد ما تركت أغلب الجماعات لشركات التدبير المفوض التي ما زالت لم تجد الوصفة السحرية لمعالجة المشاكل المرتبطة بنظافة شوارعنا ، وما أصبحت تشكله من تهديد حقيقي للبيئة وسط ما يشهر من رهانات على ” الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة “
    الجماعة الحضرية لمدينة الناظور ، وفي ذلك اليوم الديني العظيم ، كانت في الموعد ، كسبت التحدي ونالت شكر الساكنة ؛ بذلت من الجهود الكثير ، سخرت طاقات بشرية وإمكانات لوجستيكية كبيرة لتطهير مدينة الناظور وأحيائها التي تتحول مع كل مناسبة عيد أضحى إلى جبل من النفايات .
    الجماعة الحضرية لمدينة الناظور بتعاون مع السلطات المحلية وكل من يهمه شأن النظافة والبيئة ، تجندت في حرب شرسة ” زنقة زنقة ، شارع شارع ، بيت بيت ” مع منتوجات القمامة ومخلفات الأضاحي …وهكذا ، ولأول مرة ، بدت مدينة الناظور جميلة ونظيفة .
    وأتذكر ، وأنا إبن الناظور ، أن أحياء مدينة الناظور بعد كل عيد أضحى تتحول إلى مقبرة تنبعث منها روائح قذرة وسامة …
    واليوم ، وأنا أزور الناظور ، أجوب شوارعها ، أزقتها وفضاءاتها ، لاحظت على الأرض وفي الميدان ، أن الحملة التي نظمت في الأضحى ، لم تكن مؤقتة وعابرة ، لم تكن بهرجة وتغليطا …الإستثناء إلى قاعدة وشعار يومي ودائم : ناظور نظيف وسليم .
    لقد ترسخت لدى الجماعة الحضرية ورئيسها ، قناعة مبدئية لا رجعة فيها : النظافة والمحافظة على البيئة أولوية الأولويات لأنها ضرورة وجودية ؛
    لقد سئمت ساكنة الناظور العيش في محيط متسخ ؛ أزبال في كل مكان ، روائح سامة وقاتلة تنبعث من هنا وهناك ، حتى البحر لم يسلم من هذه الأخطار …بالأمس القريب ، الناس كانت تهجر مدينة الناظور ومحيطها وتفر إلى مدينتنا المحتلة- مليلية ، حيث الهواء النقي والمحيط الجميل ؛
    ما كان حلما أصبح واقعا ، المستحيل ليس ناظوريا …بفضل جهود الجماعة الحضرية لمدينة الناظور ، بفضل إرادة رئيسها سليمان أزواغ ، وبفضل كل أعضاء هذه المؤسسة المنتخبة ، وكل أطرها وموظفيها وعمالها ، وبفضل التعاون مع السلطات المحلية بمختلف مكوناتها …تحولت الناظور ، وفي ظرف وجيز ، إلى مدينة نظيفة مستقطبة لساكنتها وزائريها ؛
    أصبحت الناظور مدينة نظيفة وجميلة ، إنها بمساحاتها الخضراء التي الإهمال تحولت إلى حديقة تسر المقيم والزائر ؛
    لم تعد مليلية هي المنقذ والخلاص ، فما كان مفقودا في مدينة الناظور ومتوفرا في مدينتنا المحتلة ، أصبح متوفرا وبامتياز في مدينة الناظور …
    ٢- تأهيل الحدائق العمومية ؛
    صيانة المناطق الخضراء وحمايتها من الإهمال والانقراض ، الاعتناء بها في إطار ترشيد الثروة المائية عن استخدام آلية جديدة للسقي التي تعتمد استغلال الينابيع الجوفية بدل الماء الصالح الشرب ؛
    إحداث نافورات كبيرة في الساحات العامة كمتنفس للساكنة ، ولتوفير شروط الترفيه والاستجمام للأطفال والشيوخ والنساء في إطار بيئة طبيعية سليمة .
    ٣ – التمدن ؛
    _ إحداث مرافق صحية في المدينة ، خصوصا في الفضاءات التي تعرف رواجا كبيرا كالأسواق والمراكز التجارية ….
    2- توفير البنية التحتية شرط التأهيل الاقتصادي ؛
    ١- ترشيد استهلاك الطاقة ؛
    في إطار الترشيد العقلاني لاستهلاك الطاقة ، ارتأى المجلس إعادة هيكلة الإنارة العمومية في جميع أنحاء مدينة الناظور باستثمار أكثر من 40 مليون درهم ؛
    -إعادة هيكلة مجموعة من المناطق الناقصة التجهيز ؛
  • إعادة قنوات الصرف الصحي ؛
  • تعبيد مجموعة من الطرقات والأزقة الناقصة التجهيز .
    ٢- تنظيم السير والجولان ؛
    من أجل إنسيابية السير والجولان ، تم على مستوى التشوير العمودي والأفقي ، تم إعادة هيكلتها بشكل كلي ؛
    فتح مسالك جديدة ومدارات جديدة ؛
  • مدار الناظور – أزغنغان – بني أنصار ؛
  • مدار أكوناف – الناظور – بني أنصار ؛
    الدراسات في طور الإنجاز لخلق أنفاق تحت أرضي في مدخل المدينة ومخارجها .
    3 – الثقافة ؛
    في إطار الاختصاصات المخولة لمجلس الجماعة على المستوى الاجتماعي والثقافي ، تم ؛
  • افتتاح مركز أنكولوجي لأول مرة ، وتم افتتاح مركز تصفية الكلي ؛
  • بناء مكتبة عمومية في طور الإنجاز ؛
  • المصادقة في الدورة الأخيرة للمجلس على إنشاء قاعة للسينما ومركز تكوين مهن السينما ؛
  • بناء مركز ثقافي متعدد التخصصات بمبلغ يفوق 70 مليون درهم ، ويعد هذا أكبر مشروع يروم النهوض بالثقافة في الناظور ؛
  • بناء العديد من ملاعب القرب ؛
  • الرفع من الاعتمادات المخصصة للجمعيات الرياضية والثقافية والاجتماعية ، من 250 مليون إلى 600 مليون درهم .
    4- الحكامة وتجويد الخدمات ؛
    لتقريب الإدارة من المواطن ، عملت الجماعة على :
    ١- إعادة تجهيز مجموعة من الملحقات التابعة للجماعة ؛
    ٢- تفعيل مراسيم تكوين الأطر والمنتخبين ؛
    ٣- زرع دينامية منتجة في الإدارة من خلا إعادة انتشار الموظفين ؛
    ٤-تسوية ترقيات جميع الموظفين ؛
    ٥- التحفيز المادي والمعنوي للموظفين بهدف الرفع من الإنتاج والمردودية ….
    الخاتمة – المقدمة
    إن تدبير شؤون المواطنين وخدمة مصالحهم مسؤولية وطنية ، وأمانة جسيمة ، لا تقبل التهاون والتأخير ؛ ضمن نص خطاب وجهه جلالة الملك محمد السادس ، الى أعضاء البرلمان برسم افتتاح الدورة الأولى من الولاية التشريعية ، يوم الجمعة 14 اكتوبر 2016 , قال جلالته ” مع كامل الأسف ، يلاحظ ان البعض يستغلون التفويض الذي يمنحه لهم المواطن لتدبير الشأن العام في اعطاء الأسبقية لقضاء المصالح الشخصية والحزبية ، بدل خدمة المصلحة العامة ، وذلك لحسابات انتخابية ، وهم بذلك يتجاهلون أن المواطن هو الأهم في الانتخابات ، وليس المرشح او الحزب ، ويتنكرون لقيم العمل السياسي النبيل …فاذا كانوا لا يريدون القيام بعملهم ولا يهتمون بقضاء مصالح المواطنين ، سواء على الصعيد المحلي او الجهوي ، وحتى الوطني ، فلماذا يتوجهون اذن الى العمل السياسي ؟ (….) ان الالتزام الحزبي والسياسي الحقيقي يجب ان يضع المواطن فوق أي اعتبار ، ويقتضي الوفاء بالوعود التي تقدم له ، والتفاني في خدمته ، وجعلها فوق المصالح الحزبية والشخصية …”
    ان انجاز التنمية يقتضي انخراط الجميع ومساهمة كافة الأطراف ، من ادارات مركزية ولا مركزية ، وجهوية ومحلية ، وجماعات مختلفة ، وهيئات مهنية ، ومقاولات ومؤسسات جامعية ومجتمع مدني …يقول جلالة في خطاب ثورة الملك والشعب ، 20 غشت 2019 “واننا نتطلع ان يشكل النموذج التنموي ، في صيغته الجديدة ، قاعدة صلبة ، لانبثاق عقد اجتماعي جديد ، ينخرط فيه الجميع : الدولة ومؤسساتها ، والقوى الحية للأمة ، من قطاع خاص ، وهيئات سياسية ونقابية ، ومنظمات جمعوية ، وعموم المواطنين .
    كما نريده ان يكون عماد المرحلة الجديدة ، التي حددنا معالمها في خطاب العرش الأخير ، مرحلة المسؤولية والاقلاع الشامل .”