قافلة من خنيفرة إلى الأقاليم الجنوبية ومعبر الكركارات لأجل ترسيخ جسور التواصل بين أطلس المغرب وصحرائه

0
  • أحمد بيضي

من بين أنشطة المجتمع المدني، بخنيفرة، والمسجلة خلال الأسابيع الأخيرة، تجلت “قافلة الوحدة والتواصل” التي بادرت إلى القيام برحلة جماعية أخرى، في نسختها الخامسة، نحو أقاليمنا الجنوبية بالصحراء المغربية، في سبيل “ربط جسور التواصل بين وسط المغرب وجنوبه، ثم التبادل الثقافي بين القبائل الأمازيغية والقبائل الصحراوية، وكذا التعريف بالمؤهلات الطبيعية والغنى الإيكولوجي لأطلس البلاد، منطقة خنيفرة أساسا”، وفق تقرير في الموضوع، وتميزت هذه القافلة بمشاركة فاعلين مدنيين، حرفيين ومهنيين، وعسكريين متقاعدين، إضافة إلى معتقل سابق بسجون البوليزاريو، وشاعر أمازيغي (أنشاد)، مع تمثيلية النوع الاجتماعي.

القافلة أو “المسيرة الثقافية”، التي انطلقت تزامنا مع الذكرى 46 لانطلاق المسيرة الخضراء، نجحت في تمكنها من زيارات ميدانية، شملت مدن العيون والداخلة، وصولا إلى المعبر الحدودي الكركارات، وقد اختار منظموها أن ينطلقوا بها من نقطة النصب التذكاري ل “معركة لهري” الشهيرة بما ألحقه من هزيمة تاريخية للاستعمار الفرنسي، ولما لذلك من “دلالة رمزية في ربط ماضي الملاحم البطولية، بالحاضر الغني بالإنجازات لتثبيت الوحدة الترابية وحمايتها”، بحسب التقرير، وبعدها تم المرور من عدة محطات، منها كلميم وطانطان، قبل التوغل في أقاليمنا الجنوبية التي دوَّن فيها المشاركون  ما عرفته هذه الأقاليم من أوراش تنموية.   

وأكد المنظمون في تقريرهم، أن من بين الأهداف الأساسية للقافلة هو “ربط جسور التواصل بين وسط المغرب وجنوبه، عبر إحياء صلة الرحم مع إخواننا في الأقاليم الجنوبية، فكانت لنا محطتي كلميم وطانطان لزيارة بعض الأصدقاء ممن اعتادت القافلة أن تتبادل معهم الزيارات، باعتبار صداقتهم القوية مع المحتجز السابق لدى عصابات البوليزاريو، عضو القافلة، السيد محمد أغزاف، ما منح لمحطتي كلميم وطنطان، سواء في الذهاب أو الإياب، طابعا خاصا، حيث كانتا مناسبة لاسترجاع ذكريات جحيم معتقلات عصابات البوليزاريو، واستحضار المواقف النبيلة أيضا بين المحتجزين في الدفاع عن بعضهم البعض.

أما بمحطة العيون، فقام المشاركون في القافلة بالمشاركة في الندوة الوطنية المنظمة حينها من طرف “الجمعية المغربية مبادرة”، حول موضوع “المسيرة الخضراء المظفرة ملحمة ملك وشعب”، وذلك بمداخلة حول “الملاحم الوطنية بين الأمس واليوم”، تناولت المسيرة الخضراء ومبادرة الحكم الذاتي كآلية لاستكمال البناء الديمقراطي للمملكة، عبر نهج الجهوية الموسعة داخل الدولة الموحدة، فيما تمت المشاركة أيضا في هذا اللقاء بقصيدة شعرية أمازيغية عن المقاومة، من إنشاد عضو القافلة، الشاعر محمد مجاهد، فيما تم عقد لقاءات عملية مع عدد من جمعيات المجتمع المدني القادمة من عدة مناطق على المستوى الوطني، لحضور فعاليات الندوة.

ولم يفت المشاركين في “قافلة الوحدة والتواصل” أيضا “الترويج والتسويق للمواقع الإيكولوجية والمآثر التاريخية لإقليم خنيفرة، عبر توزيع بعض الهدايا الرمزية كاللوحات التشكيلية والفوتوغرافية لتلك المواقع، وبعض منتوجات الصناعة التقليدية، مع مناقشة سبل عقد شراكات”، كما كانت الندوة، من جهة أخرى، “مناسبة للتعرف على جانب كبير من التراث الثقافي اللامادي أو الرمزي الصحراوي، من خلال المعرض الثقافي المقام على هامش هذه الندوة، من معرض تشكيلي ومعرض لبعض الأدوات المنزلية والموسيقية التقليدية لهذه القبائل، وكذا جلسات الشاء بجميع طقوسها، والتي تحتل مكانة خاصة في الموروث الثقافي المغربي، ولازالت الأسر الصحراوية تحافظ عليها”.

وقبل توجهها نحو معبر الكركارات، توقفت القافلة بمدينة بوجدور التي جرى تتويجها ب “لقاء مع باشا المدينة ورئيس مقاطعة بها، تم خلالها اطلاع المشاركين في القافلة على حجم الإنجازات والمشاريع التنموية التي شهدتها المنطقة”، ذلك قبل مدينة الداخلة التي “جمعتهم بالمدير الجهوي للتجهيز والنقل الذي خصهم باستقبال متميز”، وسجلوا مدى تقدم هذه المدينة التي أضحت قبلة للسياحة والاستثمار، وطنيا ودوليا، لتواصل القافلة طريقها نحو المعبر الحدودي الكركارات، لما له من “دلالة قوية في تثبيت الأمن والاستقرار في المنطقة، ومدى دور المغرب فيها، ليس كبوابة نحو إفريقيا فحسب، وإنما كقوة وازنة، سياسيا واقتصاديا، في العلاقات بين أوربا وأفريقيا”.

وحتى في طريق عودتها، لم يكن الطريق خاليا من الأنشطة بالنسبة للقافلة، حيث “حضرت لقاء تواصليا، بمدينة كلميم، جمع عددا من الفعاليات المدنية والسياسية والإدارية، في حضن “جمعية النخيل للثقافة والفن والتربية”، وجرى خلالها استحضار الملاحم البطولية التي أغنت تاريخنا الوطني، بينما ركز المشاركون في القافلة على “المسؤوليات الجسام الملقاة على عاتق الجميع في تثمين الجهود التي بدلها الأسلاف في تحقيق الاستقلال واستكمال الوحدة الترابية للمملكة، عبر العمل الجاد في البناء الحضاري لبلادنا، وتحقيق التنمية المستدامة والرفاه الاجتماعي المنشود، كل في مجال اختصاصه ومجاله”، حسب نص التقرير.

وبمحطة مراكش، حضرت القافلة في لقاء تواصلي جمع ثلة من الأساتذة المنتمين ل”جمعية مدرسي علوم الحياة والأرض – فرع مراكش”، بحضور رئيس المؤتمر الوطني لهذه الجمعية، حيث “أنصت المشاركون في القافلة لعرض، مرفوق بشريط، حول أنشطة وإنجازات هذه الجمعية النشيطة في المجال البيئي، وطرقها المبتكرة في تلقين الناشئة أساسيات حماية البيئة، عبر عدد من التقنيات العملية كدورة الماء مثلا، والتي لم يفت القافلة القيام بزيارة ميدانية لمدارها”، لتختتم القافلة جولتها التي لم تكن سياحية بقدر ما كانت بزيارات عمل طبعتها مبادرات مثمرة مرتبطة بمجهودات ملموسة.