“تصفية حسابات عمياء” تنتهي ب “تعليمات” لإغلاق مقلع بإقليم خنيفرة، وتشريد وتجويع 180 عاملا + فيديو

0
  • أنوار بريس

لم يكن العديد من متتبعي الشأن العام، بإقليم خنيفرة، يتوقعون أن ترتقي “تصفية الحسابات الشخصية” إلى نحو إصدار “تعليمات عمياء” بإغلاق مقلع شركة “سميتراك”، الممثلة في شخص النائب البرلماني، نبيل صبري، بسيدي بوعباد (جماعة سيدي لامين)، على حساب تشريد 180 عاملا لم يتم وضع حقوقهم ولا أرزاقهم بعين الاعتبار، سيما على مشارف شهر رمضان، فضلا عما خلفته ظروف جائحة كوفيد-19 من أزمات، حيث لم يتخلف العمال عن تنظيم وقفة استنكارية بعين المكان الذي شهد انزالا أمنيا غير مسبوق بالمنطقة، شاركت فيه عناصر من الدرك والمخازنية والسلطات المحلية، وتلاوين أخرى أكدت للمراقبين مدى النية المبيتة في استهداف صاحب المقلع وحزبه.

وقد تمكن حشد من العمال، صباح الثلاثاء 30 مارس 2021، من كسر الطوق الأمني، وأفعال نزع اليافطات والهواتف والأعلام الوطنية منهم، لتنظيم شكلهم الاحتجاجي الذي لم تتوقف حناجرهم فيه عن التنديد باستهداف المقلع بدقة متناهية، وإغلاقه بصورة مبالغ فيها، وبمبررات مشوبة بالتمييز والشطط، دون أن يفوت مصادر منهم التعبير عن اندهاشهم إزاء الجهات التي عمدت إلى تشريدهم وتجويعهم، في الوقت الذي تحسب فيه هذه الجهات نفسها على حماة الحقوق العمالية من أي خروقات أو انتهاكات، مطالبين بفتح مصدر قوتهم وقوت أسرهم، ومهددين بتنظيم مسيرة على الأقدام، فيما شددوا على مطالبتهم وزير الداخلية بفتح ما ينبغي من التحقيقات في الموضوع.

وجاء “قرار الاغلاق الغريب” استنادا لمحضر “لجنة اقليمية للمقالع”، على هامش اجتماع لها جرى عقده، في ظل تعليمات قوية، بمقر عمالة الإقليم، يوم 26 مارس 2021، وهي اللجنة التي نزلت بثقل مثير للغاية على تراب المنطقة، ومن بين أسطول السيارات التي نزلت بعين المكان، سجل الملاحظون، باستغراب شديد، قيام أعضاء من “لجنة مراقبة المقالع” باستعمال “سيارة للنقل المدرسي”، لا تحمل لوحة الترقيم، وحديثة التسلم من مجلس جهة بني ملال خنيفرة، بغاية منحها لمدارس بالعالم القروي في إطار تعزيز الجهود المبذولة للحد من ظاهرة الهدر المدرسي، وتشجيع التمدرس بالعالم القروي.

وأمام سرعة تنفيذ القرار المتوج أصلا بحرب منظمة ضد صاحب المقلع، بمشاركة عدد من تجار التضليل والصراعات الانتخابوية، ارتفعت وتيرة اندهاش الكثيرين بخصوص مبررات الواقفين وراء إغلاق المقلع، والواردة في وثيقة مديرية التجهيز من خلال إشعارها الشركة بقرار التوقيف المؤقت لاستغلال المقلع “إلى حين الحسم في موضوع أحقية ملكية العقار”، علما أن هذا النوع من القضايا هي من اختصاص القضاء ولا جهة أخرى غيره يمكنها البث فيه، وملف القضية يوجد على طاولة القضاء في نزاع، كغيره من النزاعات، بين الشركة المستغلة للمقلع وأطراف تدعي ملكيتها لموقع هذا المقلع، والملف ما يزال معروضا أمام القضاء تحت عدد 112/7110/ 2020.

ووفق الوثائق المحصل عليها، فالأطراف التي تدعي ملكيتها للأرض، وهي ورثة معمر فرنسي، سبق لها أن تقدمت للمحافظة العقارية بمطلب للتحديد، إلا أن هذا التحديد جاء سلبيا بتاريخ 4 شتنبر من عام 2006، مع ضرورة الاشارة الى ان الشركة المعنية بالأمر تستغل المقلع منذ 1965، ولها كامل حق الانتفاع، فيما حصل صاحب الشركة على وصل تصريح من مديرية التجهيز والنقل واللوجستيك، تحت رقم 3703/ م ت م ع م/ 173/ 281/ 2020، بتاريخ 8 شتنبر 2020، يرخص له بتجديد استغلال المقلع لمدة 20 سنة أخرى، وفق نص الوصل المحصل عليه، على خلفية احترامه لكل الشروط والمعايير القانونية .

وفي مراسلة لمديرية التجهيز بخنيفرة، أوضح محامي شركة “سميتراك”، أن النزاع الوارد في مبررات القائمين باغلاق المقلع، لا يعني الشركة في شيء، على اعتبار أن الترخيص الممنوح إليها قد جاء طبقا للمادة 9 من القانون 27/13 المتعلق بالمقالع، وكذا القانون رقم 12/03 المتعلق بدراسة التأثير على البيئة المؤرخ في 4 نونبر 2008، وردا على “حيثية الحسم في أحقية موضوع ملكية العقار” أكد محامي الشركة أن القضاء فات له أن حسم في هذه النازلة، بمقتضى القرار الاستئنافي عدد 450 الصادر عن استئنافية مكناس في 29 فبراير 1986، مضمومين بملفين عدد 1600/83 والملف عدد 2966/83، حيث قضى برفض طلب إفراغ الشركة من العقار.

من أول ردود الفعل، إقدام “الاتحاد العام للشغالين بالمغرب” على التقدم بعدة مراسلات للجهات المسؤولة، تطالب فيه ب “إعادة النظر الفوري في قرار إغلاق المقلع تفاديا لكل ما من شأنه أن يهدد الاستقرار الاجتماعي بالمنطقة الهشة أصلا”، دون أن يفوت النقابة ذاتها تسجيل “عدم احترام عملية الاغلاق للإجراءات القانونية في تدرجها، انطلاقا من مرورها الى السرعة القصوى، والقاضية بالإغلاق الفوري المؤقت، معتبرة القرار “جائرا في حق الشركة التي تعتبر مصدر أرزاق العمال وقوتهم اليومي”، فيما شددت على استغرابها من استهداف المقلع بعينه، وبشكل مباشر ومحاط بأكثر من علامة استفهام.

وبينما استعرضت “شهادات لبعض العمال النشيطين، والتي أكدوا فيها استفادتهم من جميع حقوقهم، ومن شروط السلامة والمعاملة اللائقة والمرافق الضرورية”، ذكرت النقابة المذكورة في ذات بيانها “تأثير الاغلاق على حياة 180 عاملا، والعديد منهم عملوا بالمقلع لمدة تتراوح ما بين 30 و40 سنة، وبعد إشارتها لما تعانيه المنطقة من مظاهر الهشاشة، لم تكن تتوقع صدور قرار مجحف لن يقود إلا لتأجيج السخط والتوتر بالمنطقة، في الوقت الذي تصر فيه الدولة على تشجيع المقاولات الانتاجية، لمساهمتها الأساسية في توفير اليد العاملة وضمان الاستقرار الاجتماعي للأجراء.