ثمانية عمال بمناجم عوام يواصلون اعتصامهم بعمق 700 متر تحت الأرض، وحقوقيون يحلون بالمنطقة
- أحمد بيضي
عادت مناجم عوام، بجماعة الحمام، إقليم خنيفرة، لدائرة الضوء، إثر مواصلة 8 عمال اعتصامهم على عمق حوالي 700 متر تحت الأرض، منذ الفاتح من مارس الجاري، تعبيرا منهم عن احتجاجهم على عملية طردهم تعسفا من العمل، وتتبنى ملفهم نقابة “الاتحاد العام للشغالين بالمغرب” التي فات لها أن وجهت بيانا للرأي العام تندد فيه بسياسة الشركة المنجمية تويسيت، وباتفاقياتها التي وصفتها بالتراجعية عن بعض المكاسب العمالية، وقد جرت بعض الاتصالات المارطونية في محاولة لاحتواء وضعية الاحتقان، غير أن إدارة الشركة المنجمية ما تزال حريصة على تعنتها وركوب تسويفاتها السافرة.
وصلة بالموضوع، نظم فرع خنيفرة ل “الهيئة المغربية لحقوق الإنسان”، بمنجم سيدي أحمد، وقفة تضامنية مع العمال المعتصمين، في حضور رئيس المكتب التنفيذي للهيئة وعضو من مجلسها الوطني، إلى جانب عدد من العمال المنجميين ومنتمين للنقابة العمالية المشار إليها، حيث لم تتوقف حناجرهم، طيلة زمن الشكل التضامني، عن ترديد مجموعة من الشعارات والهتافات التي تم التنديد فيها بممارسات الشركة المنجمية، وأوضاع المناجم، فيما تناوب ممثلون عن الهيئة الحقوقية والنقابة العمالية، وبعض العمال، على إلقاء كلمات حول ظروف العمل بمناجم عوام ودواعي اعتصام العمال وتداعياته.
ولم يفت رئيس المكتب التنفيذي ل “الهيئة المغربية لحقوق الانسان”، امبارك العثماني، تأكيد الموقف التضامني للهيئة مع العمال المعتصمين، معربا عن استنكاره الشديد حيال الوضعية المأساوية التي يعيشها العمال خلف التجاهل الممنهج من جانب شركة تويست التي تعمد إلى مواصلة استغلالها البشع لثروات المنطقة منذ سنوات مقابل الإمعان في تهميش المنطقة التي تعاني نزيف الهجرة السكانية والأضرار البيئية والهشاشة الاجتماعية، فيما لم يفت رئيس الهيئة مطالبة السلطات المعنية، إقليميا ومركزيا، بالخروج عن صمتها والتدخل العاجل لحماية الحقوق العملية والمادية والصحية للعمال المنجميين.
وفات لفرع خنيفرة لذات الهيئة الحقوقية أن عمم بيانا على الرأي العام المحلي والوطني، أن أعلن عن “متابعته، بقلق شديد، الاحتقان الذي تعرفه مناجم عوام، بالموازاة مع دخول عدد من العمال في اعتصام مفتوح بباطن الأرض”، مقابل “تراجع الشركة المنجمية تويست عن تطبيق بروتوكول اتفاق تم توقيعه سنة 2017، تحت إشراف السلطات الاقليمية”، وبينما أعرب عن “تضامنه مع العمال المعتصمين”، شدد فرع الهيئة على مطالبة السلطات ب “فتح حوار فوري للوصول إلى نتائج مرضية”، كما أعرب عن “تحميله عامل الإقليم والشركة المنجمية مسؤولية ما سيؤول إليه الوضع الصحي للمعتصمين”، على حد نص البيان.
وتؤكد مصادر عمالية أن الملف المطلبي العالق منذ أوائل 2019، يعود إلى تاريخ انتهاء فترة ما سمي حينها ب “السلم الاجتماعي لمدة أربع سنوات”، والذي جرى التوقيع عليه، خلال نهاية أبريل 2017، على أساس “رفع كل المعارك الاحتجاجية التي من شأنها عرقلة أشغال مشروع بئر منجمي جديد بإغرم أوسار أو إعاقة دورة الانتاج”، غير أن إدارة الشركة تنكرت، بعد نهاية تاريخ الاتفاق، لوعودها والتزاماتها، وعمدت إلى تجميد الملف المطلبي، ومواجهة ممثلي العمال بأساليب سافرة من التجاهل والتسويف، وبالتنكر للعديد من المكتسبات التي لم تتوقف النضالات من أجل تحقيقها وتفعيلها.
ومعلوم أن الملف المطلبي للعمال كان متضمنا لعدد من النقاط، منها أساسا الزيادة في الأجور، الزيادة في أساس احتساب منحة المردودية والتعويض عن الكراء، وفي منحة العيد والتدفئة والمنحة السنوية، وفي منحة المحالين على التقاعد، والمكافأة عن الإنتاج السنوي، والرفع من عملية ترسيم العمال، والعمل الجدي على تحسين ظروف الاشتغال نظرا للعدد الكبير من الضحايا الذين تساقطوا، إما جرحى أو قتلى، دونما أي تدخل لتحديد المسؤوليات في مدى احترام الشركة المنجمية لشروط الصحة والسلامة والتأمين عن الأمراض المهنية، وفي هذا الصدد كشف عدد من العمال عن انعدام منافذ الاغاثة والتهوية ببعض المناجم ومنها المنجم الذي يحتضن المعتصم حاليا.
ويذكر أن مناجم عوام سبق لها، قبل حوالي ثلاثة أشهر، أن عاشت اعتصاما لأزيد من 100 عامل، ينتمون لنقابة “ا م ش” بأعماق تتراوح بين 500 و800 متر، على مستوى ثلاثة مناجم متفرقة، هي منجم عوام، منجم إغرم أوسار ومنجم سيدي أحمد، وعرف هذا الاعتصام تضامنا واسعا من جانب أجهزة النقابة المعنية (ا م ش)، فضلا عن عدة منظمات عمالية دولية، على رأسها الاتحاد الدولي للمناجم والصناعات المعدنية، ولم يتم رفع الاعتصام الا بعد اتفاق جرى توقيعه بين إدارة “شركة تويسيت” المنجمية ونقابة “الاتحاد المغربي للشغل” بمناجم عوام، وهو الاتفاق الذي عممت بشأنه نقابة “الاتحاد العام للشغالين بالمغرب” بيانا استعرضت فيه ملاحظاتها وموقفها منه.