على خلفية الجدل القوي الذي أثارته طبيعة أشغال “مشروع تأهيل الشطر الثاني من شارع المسيرة الخضراء”، بخنيفرة، وما خلفه ذلك من انتقادات ميدانية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، احتضن مقر جماعة خنيفرة، مساء الأربعاء 4 دجنبر 2024، اجتماعاً طارئا دعت إليه السلطات المحلية، في محاولة أولا لتهدئة الأوضاع وثانيا لمناقشة الإشكالات المرتبطة بالمشروع المعني بالأمر، وذلك في حضور باشا المدينة، قائد المقاطعة الإدارية، رئيس جماعة خنيفرة ونائب له، إلى جانب لجنة حوار ممثلة لتنسيقيتي “شارع المسيرة الخضراء أمالو إغريبن” و”مناهضة الغلاء والدفاع عن الخدمات العمومية”.
وجاء الاجتماع قبيل ثلاثة أيام فقط من بيان للتنسيقيتين المذكورتين يدعو عموم السكان والحرفيين ومكونات المجتمع المدني إلى المشاركة في وقفة احتجاجية كان قد تقرر خوضها، مساء يوم السبت 7 دجنبر 2024، بقلب الشارع المذكور، وذلك في سياق متابعة التنسيقيتين للاختلالات التي تم تسجيلها على المشروع، سيما أن هذا المشروع قد عرف تعثرا في الإنجاز، رغم مرور أشهر على انطلاق أشغاله، وقد بسطت لجنة الحوار عدة ملاحظات دقيقة وموضوعية أبرزت العيوب التي شابت تدبير أشغال هذا المشروع، مع اقتراح حلول عملية ترمي إلى تحسين جودته وضمان تحقيق أهدافه بعيدا عما يخالف الانتظارات.
ومن بين المقترحات، التي جرى عرضها في الاجتماع، شملت توسيع قارعة الطريق بإضافة مترين مع إنشاء ممرات للراجلين، تحسين الإنارة العمومية لتشمل جانبي الشارع بدل جانب واحد، تشجير جوانب الطريق، إصلاح مجاري المياه العادمة، ووضع إشارات مرورية أفقية وعمودية تسهم في تنظيم حركة السير، فيما لم يفت لجنة الحوار التشديد على ضرورة وضع سير الأشغال تحت التتبع والمراقبة في إطار مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وقد أبدى باشا المدينة “تفهماً كبيراً لكل الملاحظات، وأكد التزام السلطات بالعمل على تنفيذها بشكل فوري”، حسب بلاغ رأى في ذلك ما يعكس الاهتمام الجاد والمسؤول بالموضوع.
ومن جانبها، رحبت التنسيقيتان بمخرجات الاجتماع بوصفها “خطوة إيجابية ونية حسنة نحو معالجة الإشكالات المطروحة”، وعلى ضوئها أعلنتا عن “تعليق برنامجها النضالي في الوقت الراهن أو إلى أجل آخر في حال أي تملص مما تم الاتفاق عليه”، مع التأكيد على استمرار متابعة تطورات المشروع، مقابل الإشارة إلى أن مطالب المحتجين ظلت تلح على “إنجاز تهيئة الشطر الثاني من شارع المسيرة الخضراء وفقا لما أنجز بالشطر الأول من توسعة وإنارة وتشجير”، وهو الوضع الذي قاد إلى ميلاد “تنسيقية شارع المسيرة الخضراء” ودخول “التنسيقية المحلية لمناهضة الغلاء والدفاع عن الخدمات العمومية” على الخط.
وكان المشروع، الذي انطلق بعد انتهاء الشطر الأول وتوقف طيلة فترة جائحة كورونا، بتكلفة تُقدر بحوالي ملياري سنتيم، تحت إشراف الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع، وقد تم تكليف مقاولة معينة بتنفيذه على مدى سنة، ولم يكن متوقعا أن تنطلق أشغاله “من القدمين إلى الرأس والعكس صحيح” على حد تعليق أحد المتتبعين، ما رفع من وتيرة الانتقادات والشكايات بخصوص ما تم الإجماع على وصفه ب “الاختلالات السافرة” في تدبير هذا الورش، وسط دعوات لتسريع وتيرة الإنجاز وضمان احترام معايير الجودة والجدول الزمني المحدد، حتى لا ينضاف المشروع للائحة الحالات المتعثرة أو المغشوشة.
ومعلوم أن شارع المسيرة الخضراء يعد واحدا من أهم الشوارع الرئيسية في المدينة، ويشكل عصبا اقتصاديا واجتماعيا وتجاريا حيويا، إلى جانب موقعه الاستراتيجي وسط أكبر حي بالمدينة، بل أنه ليس مجرد ممر عادي، بل هو معبر لأهم المواقع السياحية والطبيعية، وأن شروط توسعته، بما تم التخطيط له، لا تقتصر على البنية التحتية فحسب، بل تشمل أيضا تلبية متطلبات السير والجولان في ظل تزايد الكثافة السكانية وحركة المرور، مع توفير إنارة كافية وتشجير موحد إلى غير ما يساهم في تعزيز جاذبية الشارع وتحويله إلى نموذج يحتذى به لبقية المناطق، ومن هنا، تتطلب نزاهة تهيئته تكاثف الجهود لضمان نجاحها دون تخبطات.