خلدت ساكنة مدينة مكناس، أمس الثلاثاء، الذكرى 87 لمعركة بوفكران، التي تشكل محطة بارزة في سجل المقاومة الوطنية ضد الاستعمار. ويظل هذا الحدث، الذي وقع يومي 1 و2 شتنبر 1937، محفورا في الذاكرة الوطنية الجماعية كرمز للشجاعة والإصرار في مواجهة التسلط الاستعماري. وتمثل معركة بوفكران، المعروفة أيضا باسم “معركة الماء الحلو”، لحظة محورية في مسيرة الكفاح من أجل نيل الاستقلال، وهي تجسد المقاومة الشرسة للمكناسيين ضد محاولات السلطات الاستعمارية الفرنسية الاستيلاء على الموارد المائية الحيوية للمنطقة، على حساب الساكنة المحلية. وأكد المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، مصطفى الكثيري، في تصريح صحفي، أن “هذا الحدث التاريخي الفريد من نوعه، وقع ما بين 1 و2 شتنبر 1937″، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق بـ “انتفاضة جماهيرية واسعة خاضها سكان مدينة مكناس المجاهدون ضد الوجود الأجنبي”. وأوضح أن هذه الانتفاضة جاءت بعد قرار سلطات الحماية الفرنسية تحويل مسار مياه الوادي لصالح المستوطنين والمعمرين الذين كانوا مستقرين في هذه المنطقة المجاهدة سعيا لاستغلال مواردها وخاصة المياه. واستحضر السيد الكثيري، في هذا الصدد، كيف تعبأت الساكنة المكناسية بشكل جماعي لهذه الانتفاضة الجماهيرية، انطلاقا من المسجد الكبير حيث تجمعت لتنظيم انتفاضتها. وأضاف “لقد حققت ما كان متوقعا، وهو تراجع سلطات الحماية الفرنسية عن قرارها الجائر، إلا أن النتيجة كانت سقوط عدد من الشهداء والضحايا الأبرياء والعزل، فضلا عن الجرحى والمصابين، في هذه المواجهة مع السلطات الاستعمارية”. من جانبه، قال رئيس الجمعية الإسماعيلية لحفظ التراث والذاكرة ودعم إصلاح المساجد وصيانة المقابر بمكناس، عربوني سلام، إن “تخليد هذه الذكرى يندرج في إطار الحفاظ على الذاكرة التاريخية المحلية، الذي يشكل أحد أهداف الجمعية الإسماعيلية”. وأوضح أن الهدف من هذا الاحتفال هو الانفتاح على الأجيال الصاعدة وتعريفهم بالتاريخ المحلي وهذه الأحداث وهذه الملاحم البطولية التي عاشها أجدادهم الذين ضحوا بأغلى ما لديهم. وأضاف أن الجمعية بمختلف أعضائها، لديها قناعة بأن الحفاظ على الذاكرة التاريخية يجب أن يشكل أولوية، خاصة من خلال ترميم مقابر الشهداء بمقبرة الشيخ الكامل وشهداء الانتفاضة الكبرى. وتميز تخليد هذه الذكرى، بتنظيم أنشطة متنوعة، من بينها مهرجان خطابي وندوة علمية حول موضوع “دور المسجد الكبير بمكناس في أحداث انتفاضة ماء بوفكران وترسيخ الوعي الوطني”. وتروم هذه الفعاليات تخليد ذكرى هذه المعركة التاريخية، ونقل دروسها للأجيال القادمة. وبالمناسبة، تم تكريم صفوة من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، وتوزيع إعانات مالية وإسعافات اجتماعية على عدد من المنتمين لأسرة المقاومة وجيش التحرير وأرامل المتوفين منهم المستحقين للدعم المادي والاجتماعي.