الإجهاد المائي وندرة المياه بحوض وادنون وأية آفاق للتنمية بجهة باب الصحراء

0

.كلميم/مبارك أورغ

عقد مرصد الجنوب للدراسات والأبحاث والتنمية المستدامة خلال شهر مارس ويونيو من السنة الجارية مائدتين مستديرتين تحت عنوان الإجهاد المائي وندرة المياه بحوض وادنون:أية افاق للتنمية؟.

وخلصت هاتين المائدتين المستديرتين إلى أن حوض كَلميم يعرف إجهادا مائيا خطيرا لا يتوافق مع الإمكانيات المائية المحدودة له.كما خلصت إلى التأكيد على أن هذا الموضوع يجب أن يكون ضمن البرامج والأولويات بالإقليم والجهة.

ونظرا لأهمية ملف الماء بحوض وادنون فإنه يتصدرقائمة اهتمامات جلالة الملك محمد السادس نصره الله ، ويوليه عناية كبيرة ومتابعة ملكية دقيقة، خاصة أن حوض نون صياد من بين الأحواض المائية التي تتمركز بالجنوب المغربي، بحيث يمتد على مساحة 6873 كم²،وتبلغ الموارد المائية السطحية بحوض كلميم حوالي 57 مليون متر مكعب والموارد الجوفية حوالي 29 مليون متر مكعب وهو ما يشكل أكثر من 45 % من مجموعة الفرشات المائية الجوفية بالجهة.

وكانت وكالة الحوض المائي قد قدرت العجزالمائي بكلميم ب2 مليون متر مكعب في السنة، وهو رقم تعرضه مصالح هذه الوكالة منذ سنة 2010، في الوقت الذي يؤكد فيه مرصد الجنوب أنه يحتاج إلى التدقيق والواقعية وأن العجزالمائي بالحوض أكثر بكثير من هذا الرقم المتداول، وخصوصا وأن حوض وادنون لم يعرف تساقطات مطرية منذ سنة 2014.

هذا وتعتبر الفلاحة من أهم القطاعات المستهلكة للموارد المائية بحوض كلميم حيث تستنزف أكثر من 80 مليون مترمكعب في السنة مقابل 9 مليون متر مكعب للماء الصالح للشرب ، خاصة أن القطاع الفلاحي في حوض كَلميم شهد تطورا قياسيا في المساحات المزروعة منذ سنة 2008، مما أدى إلى تنامي مختلف أشكال وأنماط الاستغلال الفلاحي بالحوض.

فحسب دراسة أنجزها أحد الباحثين بمرصد الجنوب تبين من خلالها أن مساحة الزراعات المسقية انتقلت من 350 هكتار سنة 2008 إلى 1350 هكتار سنة 2022 ،

كما انتقلت من أقل من 50 هكتارا سنة 2008 إلى 200 هكتارا سنة 2022 من البيوت المغطاة الدفيئة.

كما أكدت دراسة كرطوغرافية قام بها المرصد بأن مساحة أحواض تجميع المياه الفلاحية المكشوفة في مجال السقي بحوض كلميم تقدر بحوالي 420457 متر مربع وأن الصبيب المستخرج سنويا عن طريق الأنشطة الفلاحية مرتفع بشكل كبير ومن المتوقع، إذا ما استمر بهذا الشكل أن يتوقف في القريب العاجل نظرا لأن مستويات الفرشات أصبحت تقدر حسب تقدير المرصد ببضع مترات نتيجة الضخ المستمر العشوائي في استغلال الماء.

هذه المعطيات تأتي عكس ما تعرضه المصالح المكلفة بالماء والفلاحة، وبالتالي فالأرقام الحالية تسائل وكالة الحوض المائي لدرعة وادنون والمديرية الجهوية للفلاحة والمديرية الجهوية للبيئة الغائبة في تقييم التدهورالبيئي حول آفاق هذه الفرشة المائية في ظل غياب التساقطات المطرية وغياب البدائل لحد الآن.

ولذلك فهذه الدينامية الفلاحية حسب المعطيات المتوفرة لا تتماشى والخصوصيات المناخية والمجالية لحوض كَلميم، وهنا نسجل بأسف شديد عدم انسجام السياسة الفلاحية مع السياسة المائية بحوض كلميم وادنون.

كما نسجل كذلك داخل مرصد الجنوب إرتفاعا كبيرا لعدد الآبارالفلاحية غيرالمرخصة بالحوض التي قدرناها بحوالي 30–40 في المائة من مجموع الآبار، اعتمادا على صور الأقمارالاصطناعية وأغلبها في ملكية المستفيدين من الريع في القطاع الفلاحي بالجهة أولا، ثم الفلاحين الرحل ثانيا، والذين يتجولون بين الأحواض المائية المغربية بحثا عن الثروة المائية أينما وجدت.

فهذا الأمر إذن يستدعي تكوين لجان مختلطة للوقوف على هذه المعضلة والحزم في تفعيل شرطة الماء كما نص على ذلك خطاب جلالة الملك وتنزيل قانون الماء. 36-15

كما أكدت التحريات الميدانية التي يباشرها مرصد الجنوب،أن أكثرمن 250 بئرا غير مرخصة منتشرة بالمجال الحضري بكَلميم وبأحياء متفرقة داخل المدينة، وبالفيلات والمنازل الفاخرة “منازل الأعيان”والسياسيين ورؤساء المصالح.

ولذلك فهذا الوضع يستدعي التدخل وتزويد هذه العقارات بعدادات في إطارالحق في العدالة المائية التي ينص عليها قانون الماء 36-15 والمساواة في ضمان الاستفادة مع الإبقاء على الآبارالموجهة للمصحات وآبارالمساجد، والآبار الموجهة للمنفعة العامة.

وكان المرصد قد سجل بأسف شديد التأخرالكبير في المصادقة على عقدة الفرشة ويحمل مسؤولية تأخير تنزيلها للمستفيدين من هذا الريع، مع العلم أن الدراسات الميدانية التي قام بها فريق مرصد الجنوب تشير كذلك في نفس الإطار إلىأن حوالي 30 % من صبيب المياه الصالحة للشرب بمدينة كلميم تضيع بسبب قِدم قنوات مياه الشرب المهترئة .

وفي الأخير تطرح أسئلة على الجهة المكلفة بتدبير وتوزيع الماء الشروب والترخيص للآبار: ما هي المعادلة التي تعتمد في إقامة أنشطة فلاحية مستهلكة للماء في ظل محدودية الفرشة المائية الوحيدة والاستمرار في استنزافها؟.

وإلى متى سيستمر الصمت على استنزاف المصدر الوحيد للتزود بالماء والإجهازعلى المنظومات الطبيعية ؟ كيف يمكن مواجهة ظاهرة التصحر غير المسبوقة سبب تدهور الغطاء النباتي والمرتبط بالإنخفاض السريع لمستويات الفرشة المائية؟

أين وصل مستوى المياه بالفرشة المائية بإقليم كلميم مادام ما تبقى منها تساهم الأُثقاب المائية العميقة في تسربه نحو باطن الأرض بعد اتلاف قعرها؟؟

             .مبارك اوراغ أستاذ جامعي ورئيس مرصد الجنوب للدراسات والأبحاث والتنمية المستدامة