“إشكالية الموارد المائية بجهة كلميم وادنون بين إكراه الندرة-الإجهاد وسبل الاستدامة” موضوع لقاء بكلميم

0

 شكل موضوع “إشكالية الموارد المائية بجهة كلميم وادنون بين إكراه الندرة-الإجهاد وسبل الاستدامة” محور مائدة مستديرة نظمت مساء أمس السبت بكلميم، بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للماء الذي يصادف 22 مارس من كل سنة.

وتوخى هذا اللقاء الذي نظمه مرصد الجنوب للدراسات والأبحاث والتنمية المستدامة بكلميم، بمشاركة باحثين ومسؤولين وفاعلين في المجال البيئي، الوقوف عند إكراهات ندرة الموارد المائية وسبل التدبير المستدام لها في ظل الظرفية الراهنة التي تعيشها المملكة وكذا التغيرات المناخية، إضافة إلى مجموع التدابير والإجراءات اللازمة لتحقيق الأمن المائي. وأكد رئيس مرصد الجنوب للدراسات والأبحاث والتنمية المستدامة، مبارك أوراغ، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن اللقاء مناسبة لتدارس إكراهات الموارد المائية بجهة كلميم وادنون والوقوف عند هشاشة هذه الموارد بحوض وادنون، مبرزا أن الموارد المائية بالمغرب والعالم ككل تعرف تدهورا كبيرا جراء التغيرات المناخية.

وأضاف أن هذه المائدة المستديرة هي أيضا فرصة لفتح نقاش عمومي يساهم فيه الجميع من باحثين ومسؤولين وأيضا الساكنة قصد الخروج بتوصيات عملية لمواجهة خطر تراجع الموارد المائية وندرتها داخل حوض وادنون. وتم خلال هذا اللقاء تقديم مجموعة من العروض والمداخلات من قبل مسؤولين وباحثين، منها عرض لوكالة الحوض المائي لدرعة وادنون، تطرق إلى وضعية الموارد المائية بجهة كلميم وادنون والتي تشمل موارد سطحية وأخرى جوفية.

وأوضح ممثل وكالة الحوض المائي أن الموارد المائية السطحية تتوزع على أربعة أحواض هي حوض الصياد-أساكا (إقليم كلميم)، وحوض سيدي إفني، وحوض أسا الزاك، وحوض بنخليل (إقليم طانطان)، بينما تتوزع الموارد المائية الجوفية على الفرشة المائية لكلميم، والفرشة العميقة بجبال الأطلس الصغير، وفرشة باني بأسا (إقليم أسا الزاك)، ثم الفرشة المائية لطانطان. وأبرز أن الحاجيات الحالية من الماء بجهة كلميم وادنون تصل على 79.6 مليون متر مكعب في مجال الفلاحة (93.5 مليون متر مكعب في أفق 2050)، و 18.11 مليون متر مكعب بالنسبة للماء الصالح للشرب (26.04 مليون متر مكعب في أفق 2050).

وبعد أن توقف عند إكراهات تدبير الموارد المائية بالجهة، ومنها ارتفاع الطلب بسبب التزايد المطرد للساكنة وتزايد المساحات المسقية، وتوالي سنوات الجفاف، استعرض المتدخل بعض الإجراءات المقترحة لمواجهة إشكالية الموارد المائية والتي تهم تدبير العرض والطلب، مشيرا بخصوص تدبير العرض المائي إلى ضرورة تقوية هذا العرض عبر تعبئة المياه الجوفية، والتغطية الاصطناعية للفرشة المائية، وإعادة استعمال المياه العادمة المعالجة. أما بخصوص تدبير الطلب فإن ذلك من خلال ترشيد استعمال الماء عبر تغيير الزراعات الأكثر استهلاكا للماء بأخرى مقتصدة في الماء، وتعميم نظم السقي الموضعي، والحد من توسيع المساحات المسقية، وكذا تقوية شرطة المياه لمراقبة عمليات حفر الآبار، وتحسيس وتوعية المواطنين ومستعملي المياه من أجل ترشيد استعمال الماء.

من جهته، قدم المدير الجهوي للوكالة الوطنية للمياه والغابات بكلميم وادنون، أنور جوي، عرضا بعنوان “الأنظمة الغابوية في ظل ندرة المياه والتغيرات المناخية بجهة كلميم وادنون”، استعرض خلاله معطيات حول الغطاء الغابوي بالمغرب عامة وجهة كلميم وادنون على وجه الخصوص، مشيرا إلى أن المغرب يزخر بتنوع بيولوجي وإيكولوجي يتوزع على نطاقات إيكولوجية وتنوع منظوماتي يشمل منظومات غابوية وشبه غابوية وغابات صحراوية.

كما تطرق إلى أدوار المجال الغابوي ومنها حماية التربة والمياه وإغناء الفرشة المائية، بالإضافة إلى تدخلات الوكالة الوطنية للمياه والغابات على مستوى الجهة وذلك من خلال عدة برامج منها البرنامج التنموي للأقاليم الجنوبية 2016-2021 (تخليف التشكيلات الغابوية المحلية، حماية المياه والتربة، إحداث أحزمة خضراء ..)، و برنامج تكثيف وتنمية غابات الأركان بالجهة في إطار استراتيجية “غابات المغرب 2020-2030 ” (تشجير وإنتاج شتائل ..). ودعا السيد جوي إلى ضرورة تظافر جهود جميع المتدخلين من أجل الحفاظ على الموارد المائية، بالإضافة إلى أهمية تفعيل اللجان الوطنية والجهوية والمحلية في هذا المجال من أجل المحافظة على هذه المادة الحيوية.

من جانبه، أكد بلعيد ضمير، عن مرصد الجنوب للدراسات والأبحاث والتنمية المستدامة، في عرض حول حالة الفرشة المائية لكلميم، أن الموارد المائية وخاصة المياه الجوفية بإقليم كلميم تتعرض منذ السنوات الأخيرة إلى تدهور وانخفاض مستمر نتيجة الضغط الممارس عليها وارتفاع الطلب على الماء المرتبط أساسا بالأنشطة الفلاحية المكثفة داخل المجال السقوي بحوض وادنون وخاصة إقليم كلميم باعتبار أن المنطقة المسقية التي تمارس فيها الأنشطة الفلاحية تتوفر على مياه جوفية عذبة عكس المجالات الأخرى التي توجد فيها مياه مالحة. وأشار إلى أنه على الرغم من المجهودات المبذولة على مستوى جميع القطاعات المعنية إلا أن هذه المجهودات وحدها غير كافية نظرا لتوالي سنوات الجفاف وأن الطلب على الماء هو كبير مما يساهم في استنزاف الفرشة المائية بشكل سريع وبالتالي فإن ذلك سيؤدي إلى اندثار مجموعة من الأنظمة الإيكولوجية الحيوية من واحات وأودية بها غابات وكذا غطاء نباتي سيتأثر أكثر بانخفاض مستوى المياه.

وتناولت باقي المداخلات دور شرطة المياه كجهاز إداري يتمتع بالصفة الضبطية من مهامه مراقبة استغلال واستعمال الملك المائي العام وحماية الفرشة من الاستغلال المفرط والتصدي لظاهرة الحفر العشوائي للآبار .

كما تم التطرق إلى دور المؤسسات التعليمية في ترشيد واستدامة الموارد المائية وذلك من خلال اعتماد مقاربتين هما إدماج موضوع الماء في المناهج الدراسية والقيام بأنشطة موازية في سياق انفتاح المؤسسة التعليمية على المجتمع المدني، وذلك باعتماد عدة مرجعيات منها خارطة الطريق 2022-2026 ، والقانون الإطار 17-51 الذي يحث على غرس قيم المواطنة لدى المتعلمين.