كاتدرائية القلب المقدس، معلمة تاريخية متميزة ورافعة للإشعاع الثقافي بالدار البيضاء

0

 

بمبناها الأبيض المهيب تتمازج كاتدرائية القلب المقدس بشكل مثالي مع الديكور العام لمدينة الدار البيضاء.. هذه المعلمة التي تتميز بهندستها المعمارية تتمتع بتاريخ طويل ينصهر مع تاريخ المدينة. فبعد أن شكلت على مدى عقود فضاء روحانيا للعبادة بالنسبة لآلاف الكاثوليك، تشكل الكنيسة اليوم ملاذا ثقافيا يساهم في إشعاع المدينة العالمية التي ألهمت واحتضنت العديد من الأسماء اللامعة من مختلف المشارب. تقع الكاتدرائية في زاوية شارع الجزائر وشارع رشدي، بحي غوتييه في قلب مدينة أنفا القديمة، وستستضيف الكاتدرائية التي تم تأهيلها مؤخرا، نهاية الأسبوع الحالي حفلا موسيقيا خاصا بطرب (الآلة) تحت شعار “الموسيقى الأندلسية المغربية: تراث يجب الحفاظ عليه، وشغف للتقاسم”، معلنة بذلك، مرة أخرى، عن إعطاء نفس جديد وحياة جديدة لهذا المبنى الرمزي للعاصمة الاقتصادية للمملكة.

وتم الكشف الرسمي عن الهوية الجديدة للكاتدرائية في نونبر الماضي، وذلك من خلال التوقيع على 3 اتفاقيات تهدف إلى النهوض بالأنشطة الثقافية والفنية، والتي تجمع وزارة الشباب والثقافة والتواصل وجماعة الدار البيضاء وشركة التنمية المحلية الدار البيضاء للتنشيط والتظاهرات.

وتعتبر الكاتدرائية بالنسبة لسكان الدار البيضاء، جزءا من الهوية البصرية والمعمارية للمدينة وتراثها التاريخي. وهذا ما يؤكده عمر سائق سيارة أجرة بالمدينة قائلا: “من دون شك، تثير البناية إعجاب الزوار، فهي متميزة عن باقي البنايات المعتادة. بالنسبة لنا، نحن البيضاويين، هي جزء طبيعي من الديكور العام الذي اعتدنا عليه”.

تم بناء كنيسة القلب المقدس عام 1930 إبان الحماية الفرنسية، وقد تم تصميمها من طرف المهندس المعماري بول توغنون، وهو أيضا من صمم سنتين قبل ذلك “كنيسة نوتردام دو لوسيون” بأسلوب معماري يجمع بين الطراز النيو-قوطي والآرت ديكو، مع جانب من المعمار الإسلامي المغربي لتشكل مكانا للعبادة للمجتمع الكاثوليكي.

وتحيط بالكاتدرائية المعروفة بهندستها المعمارية الفريدة والمتميزة حديقة عمومية واسعة، وهي حديقة الجامعة العربية.. وتعتبر هندستها المعمارية مستوحاة من جمالية الكاتدرائيات الأوروبية، التي تجمع بين طرازين مختلفين مما يجعلها معلمة تاريخية فريدة من نوعها.

وتذكر نوافذها التي تخترق الأجزاء العلوية من الكاتدرائية بزخرفة مستوحاة من المساجد، كما تتميز الدعامات الخارجية على طول السقف بزوايا قائمة حادة بدلا من المنحنيات المعتادة.

وتشتهر الكاتدرائية أيضا بنوافذها الزجاجية الملونة الرائعة، والتي استغرق بناؤها وقتا أطول من المتوقع بسبب الحرب العالمية الثانية.

في عام 1956، بعد استقلال المغرب مباشرة، اضطلعت الكاتدرائية بدور مدرسة ومن تم تحولت إلى مركز ثقافي، إلى أن أضحت اليوم فضاء يستضيف المعارض والفعاليات الثقافية.

ما تزال كنيسة القلب المقدس، التي تعتبر جوهرة معمارية لمدينة الدار البيضاء، تثير إعجاب السياح الذين يبهرهم لونها الأبيض الناصع وطرازها المعماري الفريد، ثم تصميماتها الداخلية التي تخطف الأنفاس.