طالب بكلية الآداب ببني ملال يحصل على الماستر ببحث حول حياة آيت إسحاق خلال النصف الأول من القرن العشرين

0
  • أعدها للنشر: أحمد بيضي

احتضنت قاعة المحاضرات بكلية الآداب والعلوم الإنسانية، التابعة لجامعة السلطان مولاي سليمان،  ببني ملال، مساء يوم الأربعاء 12 يوليوز 2023، مناقشة البحث لنيل شهادة الماستر في التاريخ والتراث الجهوي، تقدم به الطالب الباحث عبد العزيز ويبورش تحت عنوان: “جوانب من الحياة الاجتماعية والاقتصادية لأيت إسحاق (إقليم خنيفرة) خلال النصف الأول من القرن العشرين، من خلال الإنتاج المكتوب والذاكرة الجماعية”، وبعد المناقشة والفحص والإدلاء بوجهات النظر، قررت اللجنة العلمية منح شهادة الماستر في التاريخ والتراث الجهوي للطالب المعني بالأمر. 

وتشكلت لجنة المناقشة من ذة. سعاد بلحسين، ذ. الحسن بودرقا، ذ. محمد بويقران، ذ. رشيد طلال وذ. كمال أحشوش، حيث قدم الطالب الباحث عبد العزيز ويبورش أمامها تقريرا موجزا ومختصرا حول بحثه المتضمن ل “جوانب من الحياة الاجتماعية والاقتصادية لأيت إسحاق خلال النصف الأول من القرن العشرين”، مستعرضا من خلاله الخطوط العريضة لموضوع هذا البحث، ومتوقفا عند إشكاليته، ومبرزا بالتالي الخلاصات التي توصل إليها، وأهم التوصيات والمقترحات التي خرج بها، قبل أن تجمع مداخلات اللجنة على قيمة البحث جودة ومجهودا.

وأبرز الطالب محاور البحث انطلاقا من الفترة الزمنية التي تم الاعتماد عليها وفرضتها المادة المصدرية، خاصة الكتابات الاستعمارية والذاكرة الجماعية، أي في فترة لا تتعدى خمسة عقود، عرفت فيها قبيلة أيت إسحاق تحولات اجتماعية واقتصادية، أثرت على الهياكل التقليدية للقبيلة، وعلى ذهنيات الساكنة، ونمط عيشها، خاصة عقب دخول المستعمر الفرنسي إلى المنطقة سنة 1920م، حيث أوضح الطالب أن الفترة ليست معزولة عن أحداث العصرين الحديث والمعاصر بصفة عامة، وأحداث النصف الثاني من القرن التاسع عشر بصفة خاصة.

وأكد الطالب الباحث، عبد العزيز ويبورش، أن إشكالات الحياة الاجتماعية والاقتصادية قد حتمت عليه السفر في مختلف الفترات التاريخية، منذ نهاية الدولة السعدية وقيام الإمارة الدلائية، أما المجال المكاني، فلم يكن قارا، من حيث خضع لمختلف الأحداث التاريخية التي عايشتها قبيلة أيت إسحاق، وعموما، فهو يشمل مجال نفوذ هذه القبيلة، أي رقعة جغرافية في منطقة الدير، تشمل مناطق من الأطلس المتوسط والسهول المجاورة لقبائل زيان وأيت أم البخت أي أنه ينفتح على المجال التادلي، فهو مجال استراتيجي تمر منه الطريق السلطانية الرابطة بين العاصمتين التقليديتين للمغرب (فاس ومراكش). 

كما لم يفت الطالب استعراض مكامن انطلاقه في بحثه من إشكالية مركزية، تتوخى دراسة من جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية لأيت إسحاق، انطلاقا من العلاقة التفاعلية بين الإنسان والمجال، وكل ما ينتج عن هذه العلاقة، من تراث ثقافي، اجتماعي واقتصادي، وما يرتبط به من أسلوب العيش، وقيم وأحداث تاريخية مميزة للمنطقة والوقوف على أهم الخصائص المميزة لهذه الحياة الاجتماع، سواء فيما يتعلق بالأنشطة الاقتصادية، في علاقتها بالمعيش اليومي، أو العلاقات والتنظيمات الاجتماعية، المرتبطة بالمؤسسة العرفية والحياة الدينية، والتي تنعكس على سلوكات الناس ومواقفهم، وأنماط عيشهم.

ويروم البحث تحقيق مجموعة من الأهداف لخصها الطالب الباحث في التعريف بقبيلة أيت إسحاق، خاصة الحياة الاجتماعية والاقتصادية، تنزيل الغايات التي تبناها ماستر التاريخ والتراث الجهوي لجهة بني ملال-خنيفرة، والتي تسعى إلى كتابة تاريخ جديد، يجعل التاريخ الاجتماعي والاقتصادي منطلقا للتجديد في الكتابة التاريخية، ثم إبراز غنى وتنوع التراث الثقافي بمنطقة أيت إسحاق عامة، والتراث الاجتماعي والاقتصادي خاصة، علاوة على إبراز وتوثيق جوانب من الذاكرة الجماعية لأيت إسحاق، إلى جانب ما تم الاعتماد عليه من مصادر، ومنها أساسا أرشيف المحكمة العرفية “البربرية” لأيت إسحاق، المصادر التاريخية المغربية التقليدية، ثم الرواية الشفوية والمصادر الأجنبية.  

ولم يفت الطالب عبد العزيز ويبورش استعراض لما فرضته إشكالية البحث والمادة المصدرية من تصميم، حيث جاء الفصل الأول، مُبينا للحدود الجغرافية والمحيط القبلي لمجال البحث، ثم لخصائصه الطبيعية، مع إبراز معطياته البشرية، وإطاره التاريخي، فيما تم تخصيص الفصل الثاني للتعريف بالتنظيم الاجتماعي كمبحث أول، مع إفراد مبحث ثان للعرف كمؤسسة تنظم الحياة الاجتماعية والاقتصادية، مع تناول الحياة الدينية وعلاقتها بتنظيم الحياة اليومية في مبحث ثالث، أما الفصل الثالث فاختاره الطالب الباحث لعرض جوانب من الحياة الاقتصادية، من خلال تناول الرعي كآلية من آليات تنظيم المجال، إبراز ملامح الأنشطة الفلاحية والحرفية والتجارية.  

وقد عمل الطالب الباحث على تسجيل الخلاصات والاستنتاجات عند نهاية كل فصل، ليخلص إلى عرض استنتاجات البحث من خلال خاتمة، أراد لها أن تكون استشرافية ومتطلعة، تفتح باب النقاش في موضوعات غنية للبحث التاريخي والتراثي بمجال أيت إسحاق، مع خلاصات واستنتاجات تاريخية وتراثية و تنموية لخصها في كون منطقة أيت إسحاق تستمد أهميتها التاريخية من الدورين الاقتصادي والاستراتيجي اللذين لعبتهما، لكونها ممرا ضروريا، كان يربط الجنوب بالشمال (الطريق السلطانية)، وبالتالي فإن البيئة المحلية لسكان المجال في تفاعلها مع حركيته التاريخية، قد وفرت لسكانها إمكانية الاستقرار، وممارسة أنشطة زراعية ورعوية فرضتها طبيعة المجال الجغرافي المتميز بتنوع خصائصه.

وزاد الطالب الباحث فأوضح أكثر كيف لعبت الظروف الطبيعية، بما فيها المناخ والتضاريس، دورا أساسيا في توجيه اقتصاد القبيلة، إذ فرضت الاهتمام بالدرجة الأولى بالزراعة والرعي كأنشطة أساسية، بالإضافة إلى أنشطة أخرى مكملة كالصناعة، التي يغلب عليها الطابع التقليدي، والتي تمارس من طرف الأقلية من السكان، معتمدين في ذلك على مواد أولية وأدوات محلية، فيما أبرز كيف أن تاريخ المجتمع الإسحاقي هو تاريخ العادات والأعراف والتقاليد، ومعقل للعديد من المؤسسات التقليدية التي شكلت لعقود من الزمن مصدر رئيسيا في تنظيم الشأن العام المحلي وتدبير الحياة اليومية لساكنة المنطقة.

بينما أوضح الطالب ويبورش مدى استطاعة الإنسان الإسحاقي، عبر تاريخه العريق، ابتكار العديد من القوانين والمؤسسات العرفية التي أسهمت بشكل كبير في تنظيم الحياة العامة للساكنة، على جميع الأصعدة اجتماعيا، اقتصاديا، ثقافيا وسياسيا، رغم غنى وتنوع التراث الاجتماعي والاقتصادي المادي وغير المادي، الذي تزخر به المنطقة، فإنها تعرف مجموعة من المشاكل التي تعرقل الحفاظ على هذا التراث وتثمينه (ضعف البنية التحتية- غياب ثقافة تراثية – الصراعات الداخلية…).

ومن التوصيات التي قدمها الطالب المعني بالأمر لتجاوز المشاكل المذكورة، الدعوة للتعجيل بإحداث مندوبيتين للثقافة والسياحة بإقليم خنيفرة، وتشخيص التراث الاجتماعي والاقتصادي الإسحاقي المحلي، ثم صيانته، والعمل على دعم البنية الطرقية بالمحاور الجبلية، وتحسين أسلوب التشوير والإرشاد، بإعداد دلائل ولوحات تشويريه تحمل خرائط ومعلومات حول مؤهلات المنطقة بلغات متنوعة، لفتح الآفاق نحو استكشاف المواقع المغمورة، مع إنتاج برامج وأفلام وثائقية تعريفية بتراث المنطقة، وكذا تقديمه في المهرجانات والتظاهرات الوطنية والدولية .