جمعيتا “دار الأمان” و”تدبير”، بخنيفرة، تخلدان النسخة الثالثة لفعاليات “اليوم الوطني للأشخاص في وضعية إعاقة”

0
  • أحمد بيضي
تخليدا ل “اليوم الوطني للأشخاص في وضعية إعاقة”، التأمت “جمعة دار الأمان للإعاقة والتربية ما قبل المدرسية” و”جمعية تدبير مركز تأهيل وإدماج الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة”، بخنيفرة، على مدى أيام الثلاثاء، الأربعاء، الخميس والجمعة 7، 8، 9 و10 مارس 2023، في تنظيم مشترك لفعاليات النسخة الثالثة للأيام التحسيسية والتواصلية، بشراكة مع وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، ومؤسسة التعاون الوطني، والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وبشراكة مع مندوبية التعاون الوطني بخنيفرة ومجلس جهة بني ملال خنيفرة، وتهدف المناسبة، وفق ورقة في الموضوع، إلى زيادة الفهم لقضايا الإعاقة، ودعم التصاميم الصديقة للجميع.
وشملت الأيام التحسيسية زيارة وحملة تواصلية من جانب الجمعيتين، معززتين بفريق متعدد الاختصاصات، لقسم الموارد للتأهيل والدعم بمؤسسة تعليمية دامجة (مدرسة الخنساء)، وحفل بهيج بمشاركة أطفال وطلاب الجمعيتين المنظمتين، وبفقرات مسرحية (مسرحية الأعمى والأعرج) ورقصات استعراضية وقراءات شعرية وعرض للأزياء ولوحات فولكلورية (من فن أحيدوس)، وبينما سجل الحفل حضورا لافتا للأمهات والآباء، عرف حضور عدد من الشخصيات العسكرية والأمنية والمدنية، ومن السلطات المحلية، والعاملين في الحقل التربوي والصحي والجمعوي، وبمصالح المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، إلى جانب المنسق الجهوي والمندوب الإقليمي للتعاون الوطني، والمدير الجهوي للثقافة.
وتميزت الأيام التحسيسية بزيارة جماعية ل “ركن الصور”، حيث تم فيه استعراض حصيلة الأنشطة المنظمة من طرف جمعيتي “دار الأمان” و”تدبير”، منذ انطلاق شراكتهما مع وزارة التضامن والإدماج الإجتماعي والأسرة ومؤسسة التعاون الوطني، وقد اطلع عبرها الحضور على مسيرة ومنجزات الجمعيتين، كما جرى الاطلاع ب “ركن الزيارات التاريخية” على عدة مطويات وألبومات موثقة للشخصيات الحاضرة والمشاركة والداعمة لأنشطة الجمعيتين، ومنها احتفالات اليوم الوطني للأشخاص في وضعية إعاقة، والذين “رسخوا معنى الدمج المجتمعي وثمنوا مهارات وانتظارات الأطفال في وضعية إعاقة”، دون أن يفوت الجميع زيارة معرض إبداعات وأعمال يدوية أطفال الجمعيتين.
كما تميزت النسخة الثالثة هذه السنة بإعلان رئيسة “جمعية دار الأمان”، ذة. ماجدة الهكاوي، عن إطلاق النسخة التجريبية من “دليل تسيير مراكز الأشخاص في وضعية إعاقة”، والذي تقرر عرضه على كل من وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، مديرية التعاون الوطني بالرباط، ومنسقيتها ببني ملال، ثم مديرية التعليم ومندوبية الصحة، والذي تم إنجازه بتنسيق وشراكة مع مندوبية التعاون الوطني بخنيفرة، في أفق توزيعه على “الجمعيات الرائدة والمشتغلة في مجال الإعاقة لإبداء ملاحظاتهم” قبل وضعه رهن إشارة العموم بغاية الاستفادة منه، سيما الجمعيات حديثة النشأة في مجال الإعاقة.
وقد افتتحت فعاليات الأيام التحسيسية بكلمة أبرزت أهمية المناسبة، مع استحضار قيمة التضامن في مواجهة الإقصاء والتمييز، والمنجزات الرامية إلى إدماج الأشخاص في وضعية إعاقة في المجتمع كفاعلين، وكذا المجهودات التي يقوم بها المغرب في هذا الصدد، وأسئلة ما يجب القيام به من برامج تكوينية وإشعاعية وتنموية وحقوقية، وما يجب تحقيقه لأجل تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة، فيما لم يفت المنسق الجهوي للتعاون الوطني استعراض ما حققته مؤسسته من برامج وأعمال ومبادرات ومشاريع، بينما لم يفت مدير المركز الثقافي أبو القاسم الزياني دعوة مكونات المجتمع المدني العاملة في المجال الإنساني إلى “التعاون المشترك والفعل الجماعي”.
ذلك قبل تتويج الحفل بالانتقال إلى قاعة الندوات لحضور ندوة تحت عنوان: “الدمج المدرسي للأطفال في وضعية إعاقة: تحديات وآفاق”، بمشاركة المندوب الاقليمي للتعاون الوطني، ذ. رشيد القرشي، الجامعي بالمدرسة العليا للتكنولوجيا، د. حوسى أزارو، ممثل المندوبية الإقليمية لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، ذ. إدريس مبروكي، الأخصائي النفسي بجمعية تدبير مركز تأهيل وإدماج الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، ذ. حسن بن الشيخ، الأخصائي النفسي بجمعية دار الأمان للإعاقة والتربية ما قبل المدرسية، ذ. محمد إزماون، ورئيسة مصلحة التربية الدامجة بالأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، ذة. لالة حفيظة العلوي.
الندوة افتتحت بكلمة المندوب الاقليمي للتعاون الوطني بخنيفرة، أبرز فيها مراحل المصادقة على التعاون الوطني، وما يتعلق بفئة الأشخاص في وضعية إعاقة على مستوى المخططات الوطنية ومضامين الدستور، والاشكالات التي يطرحها المجال، ثم الرؤى المشتركة مع المتدخلين لربح الرهانات على ضوء المقاربات التنموية والتضامنية، فيما لم يفته استعراض تجارب وخدمات مؤسسته وموقعها في المشهد الاجتماعي، ودورها في برامج الحماية والتماسك الاجتماعي، وانفتاحها على عموم المبادرات ذات الاهتمام المشترك، وذات العلاقة بتحسين ظروف تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة، داعيا إلى محاربة جميع أشكال التمييز والمزيد من تظافر الجهود.
وعقب أشغال الندوة، حضرت رئيسة مصلحة التربية الدامجة بالأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين، ذة. لالة حفيظة العلوي، التي أبت إلا المشاركة بمداخلة مركزة حول “المجهودات الملموسة والقفزات النوعية التي أخذت تتسع ببلادنا بخصوص حقوق وإدماج الأشخاص في وضعية إعاقة”، مؤكدة أن “الإعاقة ليست حاجزا بقدر ما هي عبارة عن اختلاف يجب تقبله”، فيما انتقلت بحديثها إلى ما يقوم به الفاعلون في المجال من جهود، داعية إلى المزيد من المبادرات والتحركات طالما أن “الإعاقة التي ظلت إلى وقت قريب من الطابوهات قد أضحت أمرا مجتمعيا تحت أضواء واسعة من الانخراط الوطني”.
أما الأستاذ الجامعي، د. حوسى أزارو، فلم يفته التوقف عند مسألة الإعاقة وضرورة الإدماج والسبل الممكنة لرفع التحديات، انطلاقا من سؤال “مدى امتلاكنا لما يكفي من القوانين والبنيات الضرورية لدعم الأشخاص في وضعية إعاقة؟”، معتبرا “بلادنا متقدمة على المستوى القانوني والتشريعي مقابل تأخرها على المستوى الميداني والواقعي بخصوص مسألة الفئة المذكورة”، فيما أشار إلى “تحدث الجميع عن قيم التعاون والكرامة وقبول الآخر بينما السؤال المطروح يظل حول مدى استيعاب الشرائح الاجتماعية والمؤسسات العمومية وضعية الإعاقة؟”، وحول “مدى تمكن القوانين من بلوغ ما يمكن من القوة لتغيير المجتمع للأفضل؟”.
وبينما أكد “الحاجة لإعادة شكل التربية الاجتماعية من داخل الأحزاب والمدارس والمؤسسات، وتجاوز وضعية القبول نحو وضعية التأهيل”، شدد د. حوسى أزارو على “ضرورة التفكير الجدي في إحداث شعب جامعية خاصة بموضوع الإعاقة، وتكثيف محطات التكوين والتأهيل في المجال”، مقابل طرحه لعدة تساؤلات من قبيل: “أي مشاريع استراتيجية قامت بها الدولة بدل المشاريع الاجتماعية التي قد يكون فيها تكريسا للتمييز؟”، ومن هنا توقف بحديثه عند “الحاجة الملحة لمشاريع مقبولة، ولتنظيم جديد ومؤسسة متممة، ومراكز تسهر على تنزيل الإدماج الحقيقي لفئة الأشخاص في وضعية إعاقة”.
وبدوره، انطلق ممثل مندوبية وزارة الصحة والحماية الاجتماعية، ذ. إدريس مبروكي، من مساهمات الوزارة الوصية على القطاع في “ضمان كرامة الأشخاص في وضعية إعاقة، بناء على مضامين الدستور والمواثيق الدولية، ومخطط 2015/ 2020 المتعلق بفئتهم على مستوى التكفل والتكوين والإدماج”، مستعرضا محاور أساسية ساهمت بها وزارة الصحة، بينها تعزيز خدمات التأهيل وإشراك المتدخلين وتطوير النظام المعلوماتي والبحث العلمي والبنيات التحتية، ثم المراقبة الاستباقية لصحة الحوامل في سبيل تحسين الإنجاب والحد من المضاعفات المرضية التي قد تتسبب في الإعاقة، فضلا عن المساعدات الاجتماعية والوحدات المتنقلة وتكوين الأطر المختصة.
ومن جهته، شارك الأخصائي النفسي في “جمعية تدبير مركز تأهيل وإدماج الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، ذ. حسن بن الشيخ، بمداخلة تحت عنوان” التربية الدامجة كنموذج لتدبير الإعاقة”، تساءل في مستهلها حول: “ما إذا التربية الدامجة هي النموذج المناسب لتدبير الإعاقة؟، وشارحا مفاهيم تتعلق بالمجال، وإلى جانب استعراضه لمستوى انتشار الإعاقة على العالم العربي، وكذا تنامي وتطور حالات التوحد (بنسبة حالة في كل 30 ولادة)، فيما أكد تسجيل بلوغ عددهم إلى نحو 50 ألف حالة، قبل عودته لاستعراض أهداف التربية الدامجة، والتدخلات الممكنة لتحقيق الدمج المطلوب، وكذا الحواجز أو الموانع البيداغوجية المعيقة لتنزيل هذه التربية الدامجة.
وفي ذات الندوة، تناول الأخصائي النفسي ب “جمعية دار الأمان للإعاقة والتربية ما قبل المدرسية”، ذ. محمد إزماون، موضوع: “الدعم النفسي والدمج المدرسي، أية علاقة؟”، مستعرضا من خلاله “دور هذا النوع من الدعم في دمج الأطفال والأشخاص في وضعية إعاقة”، وكذا “الاكراهات والتحديات التي تواجه الأخصائي أو فريق العمل”، إلى جانب التعريف ب “المواكبة النفسية وشروطها واستراتيجياتها لهدف تنمية المهارات الاجتماعية والسلوكية”، فيما تطرق لمراحل الدعم النفسي وإعداد التقارير، انطلاقا من بنية حالة الشخص ووسطه الأسري وملفه الطبي، دون يفوت المتدخل فتح قوسين قصد الإشارة لمشكل قلة أطباء الأمراض النفسية على مستوى الجهة.
ولم يسدل الستار على أشغال الندوة قبل تقدم أحد المكفوفين بشهادة مؤثرة استهلها ب “المواكبة العالقة لأوضاع الأشخاص في وضعية إعاقة”، مستعرضا حالته كرجل كفيف متزوج تعترضه الكثير من العقبات في حياته، بالقول مثلا إنه “كلما تقدم لإيجار منزل يصطدم بالرفض والتهرب”، وكلما “دخل المسجد لأداء الصلاة يعتقد الناس أنه يتسول”، بل سبق له أن “رغب في فتح حساب بإحدى الوكالات البنكية التي امتنعت عن تلبية طلبه ما لم يتم الحصول منه على وثيقة من وكيل الملك تتحمل فيها زوجته المسؤولية”، وأمام ذلك أعرب عن ألمه حيال هذا الوضع، وداعيا لتغيير نظرة المجتمع لمن هم في وضعية إعاقة بدء من حقهم في مجانية النقل الحضري.
وعلى هامش الأيام التحسيسية تم عرض فيديو خاص بأنشطة “جمعية دار الأمان” وأخر خاص بأنشطة “جمعية تدبير”، لتختتم التظاهرة بلقاءات تواصلية للتحسيس باليوم العالمي للتوحد، وتندرج المناسبة عموما، حسب تقرير للجمعيتين، في الحملات التحسيسية الساعية ل “ضمان حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، وزيادة الوعي بإدماجهم في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية”، كما هي مناسبة ل “تقييم وتثمين المنجزات والخطوات التي تم قطعها من أجل المساهمة في حماية حقوق هؤلاء الأشخاص والنهوض بها على كل المستويات”، وكذا إبراز “التحديات المرتبطة بقضايا الإعاقة ببلادنا، ما بعد التنصيص عليها دستوريا والمصادقة على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وببروتوكولهما الاختياري الملحق بها في 8 أبريل 2009”.