حول العاصفة الرعدية والأمطار الطوفانية التي اجتاحت إقليم خنيفرة

0
  • أحمد بيضي

وفق ما توقعته مديرية الأرصاد الجوية الوطنية في نشرة إنذارية، عاشت مدينة خنيفرة، ومناطق أخرى بالإقليم كمريرت وأجلموس والبرج، عشية الأربعاء 12 أكتوبر 2022، عاصفة رعدية قوية مصحوبة بأمطار طوفانية نتجت عنها خسائر مادية مختلفة وهيجان بالشعاب والأودية، فيما اجتاحت السيول والأوحال العديد من الأزقة والشوارع الرئيسية، وتسببت في قطع بعض الطرقات وتوقف حركة المرور والسير لساعات عدة، خصوصا بين خنيفرة وأجلموس وبينها ومريرت، ذلك دون تسجيل خسائر في الأرواح.

دقائق معدودة جدا من التساقطات المطرية كانت كافية لأن تغرق أطراف مختلفة من المدينة، وترفع من منسوب واد أم الربيع، وأودية تطوين وتيغزى وكرو وسرو، وشعاب آمالو إغريبن، تيزي الميزان، بولحية، حمرية، المسيرة، أشبارو، لاسيري، تازارت إعراضن، بينما تسببت السيول في جرف سيارة رباعية الدفع، بالطريق الرابطة بين سوق تازارت إعراضن وبويجمان، على متنها أربعة أشخاص، ثلاثة منهم أجانب من هولندا (زوجان وابنهما) وسائق مغربي، تمكنت عناصر فرق التدخل من إنقاذهم جميعا ونقلهم لأحد فنادق المدينة.

كما تابع الرأي العام المحلي والوطني، عبر منصات التواصل الاجتماعي، حالة تلميذة صغيرة كانت تحمل مظلتها وتضع محفظتها على ظهرها، قادها “تهورها الطفولي البريء” إلى محاولة قطع سيل جارف رغم تحذيرات المواطنين لها، ليجرفها مجرى السيل لمسافة طويلة في مشهد مرعب، قبل أن يتمكن بعض الشباب من إنقاذها وإعادتها للحياة، وشوهدت وهي في وضعية نفسية مرتبكة إلى درجة امتناعها عن القبول باستضافتها لدى إحدى المواطنات، وبعدها تابع رواد مواقع التواصل عملية إنقاذ دابة (فرس) جرفتها المياه بمريرت.  

ولم تسلم عدة بنايات من زحف السيول الغاضبة، ومنها أحد الحمامات الشعبية النسائية التي غمرتها المياه الموحلة، ما أثار فزع عدد من النساء المستحمات اللواتي حاولن الهرب إلى الشارع مخافة محاصرتهن، فيما لم تتوقف مواقع التواصل الاجتماعي عن تداول فيديوهات وصور توثق لما خلفته السيول الطوفانية من أوحال وأعشاب وأشياء جرفتها السيول، دون أن يفوت بعض العدسات نقل تجند عمال النظافة والسلطات المحلية والمصالح الأمنية والوقاية المدنية، والمكتب الوطني للماء وبعض المنتخبين، على مستوى التعبئة والاستنفار.

وفي ذات السياق، تحدث الكثيرون عن حالات من انقطاع السبل في وجه بعض التلاميذ ممن فوجؤوا بالعاصفة الرعدية وهم يغادرون مؤسساتهم التعليمية في الوقت الذي كان فيه على الجهات المسؤولة اتخاذ الاجراءات الاستباقية عبر التفاعل بجدية مع تحذيرات مديرية الأرصاد الجوية الوطنية في نشرتها الإنذارية، فيما علق آخرون حيال مشكل السيول الجارفة التي تهدد المدينة من سفوح الجبال المحيطة بالمدينة، ومنها جبل أقلالـ على سبيل المثال، الذي حمل مجموعة من المقترحات بخصوص ما ينتج عنه، خلال العواصف الرعدية، من سيول طوفانية توقظ الشعاب النائمة.

ومن التساؤلات الأخرى التي عادت لتخيم من جديد على أوساط الرأي العام المحلي، مساءلة الحوض المائي بشأن مشروع خاص بالحماية من الفيضانات، والذي تم تعليق أشغاله في ظروف مجهولة، فيما عاد التساؤل حول نتائج ومراحل المشروع الألماني المغربي للتطهير، مع المطالبة بالإسراع في ما تمت مناقشته في دورة استثنائية لجماعة خنيفرة، صباح الخميس 30 يونيو المنصرم، بخصوص اتفاقية شراكة لإنجاز مشروع البنية التحتية المتعلقة بقطاع الصرف الصحي على مستوى المنطقة الشمالية للمدينة.

وهي نفس الدورة التي لم يفت فيها المدير الإقليمي للمكتب الوطني للماء التفاعل مع التدخلات، انطلاقا من تفهمه للتساؤلات المطروحة، مؤكدا أن الوضع لا يخلو من اكراهات وتحديات من الممكن حلحلتها وتجاوزها لاحقا، فيما أعرب عن مدى ثقته في الجهود القائمة مع المتدخلين والشركاء في انتظار انطلاق المشاريع المبرمجة فور التأشير على الاتفاقية المشار إليها، والتي ستشمل أجزاء من جماعات محاذية لمشارف المدينة، مثل تاعبيت (جماعة موحى وحمو الزياني) والمدرسة العليا للتكنولوجيا (جماعة البرج).

وارتباطا بالموضوع، انقسمت آراء وتعاليق الشارع العام بالمناطق التي شملتها فيضانات العاصفة الرعدية، منهم من واجهوا الوضع بانتقاد الحالة التي توجد عليها البنية التحتية وقنوات الصرف الصحي، وبين من رأوا في ذلك “قوة طبيعية” تتجاوز طاقة هذه البنية والقنوات، فيما لم تهتم الغالبية العظمى بما خلفته الفيضانات بقدر ما انشغلت بالتساقطات التي أحيت الأرض بعد سنوات من الجفاف وتأثيرها سلبا وضررا على الحياة الاقتصادية والاجتماعية والبشرية والفلاحية، وساهم في أزمة المياه وتراجع السدود إلى مستويات غير مسبوقة.