من المسؤول وراء “إفشال” المباراة الجهوية للتبوريدة التي احتضنتها مدينة خنيفرة؟

0
  • أحمد بيضي

تسبب احتجاج  فرسان “سربات فن التبوريدة”، بخنيفرة، في إنهاء “مباراة جهوية” قبل “إطلاق البارود الرسمي”، يوم 18 مارس 2022، على ساحة “الكورس” ضاحية المدينة، وهي الأرض التي ظلت حاملة لهذا الاسم منذ عقود طويلة لاحتضانها “سباقات الخيل”، ولم يكن متوقعا أن يتفرق “الفرسان” في ظروف تضاربت حولها الاتهامات والخلافات بين فرسان “السربات” من جهة، وبين المتتبعين وأطراف “المكاتب العميقة” من جهة أخرى، لتزحف النقاشات نحو مواقع التواصل الاجتماعي والمنابر الاعلامية، وتجر إليها الذين فضلوا “الحياد” إلى حين يتبين لهم الخيط الأبيض من الخيط الأسود.

وقد انفض “فرسان التبوريدة” على خلفية الاعتراض على إشراك “سربة” في الإقصائيات بدعوى عدم انتمائها لجهة بني ملال- خنيفرة ولا لجهة درعة تافيلالت، وانتمائها لجهة الرباط سلا (تمارة)، ليتطور الأمر إلى درجة استعمال البعض ورقة القبلية والعرقية في النزاع المفاجئ الذي أضاع على المدينة فرصة الاستمتاع بالتظاهرة التي غابت عن ساحتي “الكورس” و”أزلو” منذ سنوات طويلة جدا، حتى أن المنظمين لهذه التظاهرة التقليدية فشلوا في رأب الصدع وضمان سير التباري المبرمج في ظروف طبيعية، الأمر الذي فرض على الرأي العام مواجهة غموض شديد بقدر ما أوقع بفرسان “السربات” في “سوء فهم” لما حدث.

وبينما شدد معارضون ل “فرسان السربة المعلومة” على أن موقفهم صحيح، وأن قائد هذه “السربة” حاول، بطرق ملتوية، الاستقواء عليهم باللجنة المشرفة والسلطات المحلية، رأى آخرون أن “السربة” لا علاقة لها، ولا لخيولها أو فرسانها، بالجهتين المشاركتين في الإقصائيات، ولا حتى لجهة درعة تافيلالت التي دخل باسمها غمار التباري، وأن قائدها ليس من أبناء “آيت مولي” بجهة درعة تافيلالت كما يدعي، وبين هؤلاء وأولئك لم تتوقف عدة أصوات عن البحث في مدى مسؤولية المشرفين على التظاهرة وراء المشكل الذي لا يد لأي واحد من الفرسان فيها، كما لم يستبعد الكثيرون ربط ما حدث بوجود تنسيق مرتجل وتدليس مبهم.

وصلة بالموضوع، رأى المحتجون في السربة المعلومة “سربة غريبة” عن الجهتين المذكورتين، على أساس أن قائدها من تمارة، ومختلفة، شكلا ولونا، عن “السربات” المتنافسة، وأن نزولها للساحة، بعدة قوية وفرسان محترفين، هدفه نزع الفوز من بين 11 سربة مشاركة في النزال، ورغم كل المفاوضات الماراطونية، التي شاركت فيها السلطات المحلية والإقليمية، ظل “الحبل مشدودا” إلى أن تقطَّع، وكأن شيئا لم يكن، حتى أن رأي البعض بأنه كان على “سربات الجهتين” تجاوز الخلاف والاختلاف لم يلق في “السربات المشاركة” التنازل الممكن والقبول الاضطراري بمشاركة “السربة المعلومة” في المباراة، حيث لا أحد ينكر مدى براعة الفارس الأطلسي.

وبدعوة من قائد “السربة المرفوضة”، عبدالعالي بوخليق، لم يتوقف الأخير، في لقاء به، عن استغرابه الشديد من الضجة التي أثيرت ضده، بالتأكيد على أن مشاركته في المباراة كانت قانونية وطبيعية للغاية، وأنه ليس من “تمارة”، بل هو من أبناء جهة درعة تافيلات، أبا عن جد، وتحديدا من زاوية سيدي الهواري، قصر تيزوكاغين، ضواحي تنجداد، قبل انتقال والده لآيت مولي بجماعة زايدة، إقليم ميدلت، كما عاش بعض أفراد أسرته، لفترة طويلة، بمدينة خنيفرة، كما هو من المولعين بتربية الخيول، ويملك خيولا مسجلة بدفتر خاص ورقم تسلسلي، بينهم حصان باسم “أصيل الرشيدية”، وقد شارك في عدة تظاهرات وملتقيات وإقصائيات للتبوريدة.

وبعد توقفه لحوالي ست سنوات، بسبب ظروف خاصة، عاد قبل سنتين، حسب قوله، للميادين، وفور اطلاعه على إعلان المباراة التي ستجرى بخنيفرة، سارع إلى إنجاز ملفه القانوني، وفق الشروط المطلوبة، وسجل مشاركته باسم جمعيته “فرسان الأطلس لفن التبوريدة وتربية الخيول بآيت مولي”، التي يترأسها شقيقه، وذلك على أساس التباري ضمن 3 سربات من جهة درعة تافيلالت، بغاية التنافس على مقعد يمثل هذه الجهة، ذلك في نفس الزمان والمكان الذي جمعهم ب “السربات” ال 11 التي تمثل جهة بني ملال خنيفرة، وهذه الأخيرة دخلت المباراة أيضا للتنافس حول مقعدين من أصل 8 مقاعد، منها 4 تخص الجهة و4 لمنطقة زاوية الشيخ وحدها.

وبينما كان “قائد السربة”، بين الفينة والأخرى، يدلي بالوثائق التي تؤكد أقواله، لم يكن يتوقع أن دمج الجهتين في ملعب واحد سيخلق “سوء في الفهم”، بينما شدد على أن “الشركة الملكية لتشجيع الفرس” هي صاحبة قرار دمج الجهتين في ملعب واحد وزمان واحد (ساحة “الكورس” بخنيفرة)، على خلفية افتقار جهة درعة تافيلالت لملعب خاص بسباق الخيول، والذي من المقرر إنجازه العام المقبل 2023، وكم كانت حيرة المتحدث قوية وهو يشير لقائدي “السربتين” المنتميتين لجهة درعة تافيلالت، ولمدى مفاجأته بانقلابهما ضده، وانضمامهما للحلف الآخر رغم أن لهما معه رسالة مشتركة للجامعة الملكية في الموضوع.

وإلى حدود الساعة، ما تزال ملابسات “إجهاض المباراة الجهوية للتبوريدة” من بين “القضايا” التي يجري تداولها، مؤخرا، بين أوساط الرأي العام المحلي، في غياب أية جهة أو مصدر يمكنه تحرير المعلومة المطلوبة، وإلا كيف فشل المحتضنون والمنظمون في احتواء “أزمة” المباراة المذكورة في الوقت الذي ترتفع فيه النقاشات حول السبل والبرامج الممكنة لتشجيع السياحة بالإقليم، واحتضان التظاهرات الثقافية، حيث كان على الأقل الوقوف على المتسببين الحقيقيين في خنق التظاهرة في مهدها، بدء من مستوى البرمجة أو التنظيم، وإلى ما أثار الخلاف والاختلاف، سواء بين “الفرسان” أو بين متتبعي الشأن المحلي.