المجلس العلمي بخنيفرة يفتح موضوع “الأمن الأسري” في ندوة على هامش اليوم العالمي للمرأة

0
  • أحمد بيضي

“الأمن الأسري: نحو مقاربة متكاملة”، كان هو موضوع ندوة نظمها المجلس العلمي المحلي لخنيفرة، عشية الجمعة 11 مارس 2022، تخليدا لليوم العالمي للمرأة، وذلك بمشاركة ذة. لطيفة زيان (مدونة الأسرة ودورها في تحقيق الأمن القانوني للمرأة)، دة. نوال خادي (الصحة النفسية وأثرها في تعزيز الأمن الأسري)، ود. المصطفى زمهنى (مفاهيم أساسية في تحقيق الأمن الأسري)، فيما اختيرت ذ. سعيدة الفقير لتسيير هذه الندوة التي سجلت حضورا متميزا ونوعيا من الفعاليات النسائية والمرشدات، وثلة من أطر المجلس العلمي.

الندوة التي احتضنتها غرفة التجارة والصناعة والخدمات، افتتحت بمداخلة ذة. لطيفة زيان حول مدونة الأسرة، وظروف خروجها إلى النور، بناء على مطالب التنظيمات النسائية والحقوقية لأجل تحقيق نوع من الأمن القانوني والكرامة المجتمعية للمرأة المغربية، دون أن يفوت المتدخلة الحديث عن الأسرة قبل وبعد المدونة، وأيضا عما عرفته هذه المدونة من تعديلات ومقتضيات ضامنة لحقوق المرأة على مستوى المساواة المطلوبة والأمان الشخصي وسن الأهلية وحق الولاية في الزواج وغيرها.

وفي ذات السياق، حرصت المتدخلة ذة. لطيفة زيان على استعراض مجموعة من البنود والفصول والمواد التي تضمنتها المدونة، مع تقديم تفسيرات وشروحات لبعض ما يتعلق بالحياة الزوجية في “ارتباطها بتغير الظروف الاقتصادية والاجتماعية”، قبل أن تتطرق لما جاءت به المدونة حول التعدد المشروط بموافقة سلطة القضاء بناء على المحصل عليه من مبررات موضوعية، فيما انتقلت المتدخلة أيضا للحديث أكثر حول المقتضيات القانونية الواردة بخصوص حالة إنهاء العلاقة الزوجية.

وصلة بالمداخلة، تم التطرق لمفهوم زواج التمليك، ومسألة حضانة الأبناء، مقابل قيام المتدخلة بوضع جملة من التساؤلات حول “ما إذا شكلت المدونة أمنا قانونيا للمرأة أم أخفقت في ذلك”؟، على اعتبار، تضيف المتدخلة، “أن أي تشريع قانوني يتقرر إلا وسرعان ما يتضح ضعفه بعد تنزيله وتطبيقه في خضم الأوضاع المعاشة”، دون أن تفوتها الإشارة لارتفاع طلبات الطلاق، وما يشكله ذلك من خطر على استقرار الأسرة المغربية، ومن هنا تناولت المتدخلة ما يتعلق بالأوضاع الصعبة التي يمكن فيها للمرأة طلب التطليق.

أما دة. نوال خادي فتناولت في ورقتها أثر الصحة النفسية في حياة الأمن الأسري الذي هو من المقومات الأساسية للأمن المجتمعي، ورأت بالتالي أن “الدولة تسعى بجلاء إلى ترسيخ الأمن اجتماعيا ودينيا عبر ما تقرره من مقتضيات وقوانين لضمان الأمن الأسري”، لتنطلق في مداخلتها من السلامة البدنية باعتبارها من قواعد الأمن الأسري والصحة النفسية والإعداد الجيد للأبناء الذين قد “يعصف بهم الانحراف والتشرد والاضطراب النفسي في حال انكسار أو تفكك أواصر الأمن الأسري” وتغلغل خلافات الآباء.

وعلاقة بالموضوع، تطرقت دة. خادي لأسباب التوتر الذي “يحدث داخل الأسرة في غياب الجو العائلي الضامن للأمن الأسري”، إلى جانب تركيزها على عدد من الحالات التي منها مثلا “إشكالية ما ينتج عن التمييز بين الأبناء، وبين الذكور والإناث، وما يؤدي إليه ذلك من شعور سلبي وعداوة بين الإخوة، ومن إخماد للدفء الأسري”، فيما لم يفت المتدخلة تناول أهمية التقدير الذاتي والتحفيز الواجب خلقه بين الأبناء، قبل انتقالها للحديث عن تأثير الجانب السلبي للتكنولوجيا على الأطفال رغم كل ما حققته هذه الوسيلة من تواصل وانفتاح.

ومن جهته، انطلق د. المصطفى زمهنى، في مداخلته، من المفاهيم الأساسية في تحقيق الأمن الأسري، انطلاقا مما “يعيشه الإنسان اليوم من مشكلات وألغاز يحاول دائما الخروج منها”، و”مما كتبه الباحثون حول الأزمة التي يتخبط فيها هذا الإنسان في ظل مظاهر الاتصال والتواصل التي جعلته مكشوفا للعالم”، ليؤكد المتدخل على أهمية منهاج سلامة الثقافة في أي إصلاح أو سداد، و”أن أي خلل هو نتيجة لاضطراب في المفاهيم التي من الواجب تحديدها لتقويم التصرفات والمناهج والأقوال”.

وعلى مستوى آخر، تطرق د. زمهنى للقصد من معنى الأسرة في الشرائع السماوية والقوانين الوضعية والتي هي “الأمن في بعده الشمولي والكوني، وهي الاستقرار والطمأنينة”، فيما أكد بالتالي على “مدى ذكاء المشرع في تغيير مادة الأحوال الشخصية بمدونة الأسرة”، مع التفصيل في أبعاد ذلك، قبل تطرقه لمفهوم الجنس البشري في المنظور الإسلامي، واستشهاده في ذلك بأبحاث عائشة عبدالرحمن بنت الشاطئ حول الذكر والأنثى، وبالحديث عن المرأة من الجانب الإنساني المتكامل خارج الطغيان السياسي.

ومن خلال مداخلته، استعرض د. زمهنى “موضوع المرأة والأسرة وحاجته لما ينبغي تحقيقه في البيوت”، فضلا عن تطرقه للعلوم الإنسانية التي فرضها الواقع، وللقانون الذي لا نلجأ إليه إلا حين نجد أنفسنا في حاجة إليه أمام المشكلات، فيما توقف كثيرا عند ما وصفه ب “شبكة المفاهيم الأسرية” وحاجتها إلى منهاج حقيقي لتصريفها في سبيل الحد من المتناقضات والأخطاء، ومما يسيء إلى المعاني والدلالات الحقيقية المطلوبة في الدين، حيث لم يفته وضع فاصل بين الدين والتدين ودعوته للغربلة الضرورية.

وضمن مداخلته دائما، تحدث د. زمهنى عن مفهوم “المودة والرحمة المفروض رعايتهما بين الناس والأزواج”، فضلا عن علاقة المرأة بالزوجة في القرآن الكريم، ومفهوم اللباس بعكس ما يفهمه الناس على أنها لباس من الملبس، انطلاقا من آية “هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ” التي هي لفظة يدعو فيها الله تعالى إلى ضرورة الانسجام والتكامل بين الأزواج، بوصفها الستر والدفء والسكينة والطمأنينة، دون أن يفوت المتدخل تصحيح مجموعة من المفاهيم المتداولة خطأ بين الناس، والمتعلقة أساسا بالمرأة من الزاوية الدينية.