في أفق تحقيق تنمية قروية شاملة تغير ملامح المعيش اليومي لساكنة العالم القروي
الطيب الشكري
عندما نتحدث اليوم عن تنمية حقيقية للعالم القروي، ينبغي أن نضع في الحسبان مجموعة من الإكراهات التي تبقى العائق الأكبر أمام إنجاز تنمية قروية شاملة تلمسها ساكنة العالم القروي بشكل مباشر، لعل أبرزها الوضعية الملتبسة للعقار الذي يبقى في مجمله غير معبأ بالشكل الذي يتماشى واحتياجات الساكنة وبخاصة شبابها ، حيث مساحات شاسعة بملايين الهكتارات من الأراضي السلالية ، الأمر الذي يزيد من صعوبة الإستثمار خاصة في شقه الفلاحي، وذلك راجع بالأساس إلى تعقد المساطر وتشعبها بشكل يستحيل معه الدخول في مغامرة غير محسوبة العواقب. ويأتي الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية العاشرة من الولاية التشريعية العاشرة ، ليعيد النقاش العمومي حول واقع التنمية القروية وارتباطها بكل ما هو فلاحي، حيث تم التأكيد على الأهمية التي يجب أن تعطى للفلاحة والتنمية القروية ضمن عملية الإنعاش الإقتصادي من خلال دعم صمود هذا القطاع الوزان وتسريع تنفيذ جميع البرامج الفلاحية، الأمر الذي سيساهم في تحفيز الاستثمار والتشغيل وتثمين الإنتاج الفلاحي الوطني وتسهيل الاندماج المهني بالعالم القروي وفق الإستراتيجية الفلاحية الجديدة. الخطاب الملكي أكد أيضا على أن عملية تعبئة مليون هكتار من الأراضي الفلاحية الجماعية لفائدة المستثمرين وذوي الحقوق تشكل رافعة أساسية ضمن هذه الإستراتيجية، داعيا إلى تعزيز التنسيق والتعاون بين القطاعات المعنية مع العمل على تحفيز الشباب في العالم القروي عن طريق خلق المقاولات ودعم التكوين ، لاسيما في المهن والخدمات المرتبطة بالفلاحة ، وجعلها من أولويات العمل في المرحلة القادمة.
اليوم، توجد الكرة في الملعب الحكومي من أجل التعاطي الإيجابي مع مضامين الخطاب الملكي الذي يعد خارطة طريق، يجب استغلالها بالشكل الذي يمكن من تحقيق النتائج المنتظرة، بالتنزيل السليم ، وبخاصة في ما يتعلق بالتنمية القروية وضمان أكبر استفادة بما يحقق استدامة حقيقية، وأن لا تبقى تنمية العالم القروي مجرد شعار للاستهلاك الإعلامي او المناسباتي لاغير. كما أن الحكومة والوزارات المعنية بهذا الموضوع ملزمة بتبني استراتيجية فلاحية مندمجة عبر تعبئة مواردها البشرية والمالية وحتى الطبيعية بفتح باب الإستفادة من كل البرامج المبرمجة أمام الراغبين في الإستثمار، وبخاصة دعم الشباب بالعالم القروي بتسهيل ولوجه إلى مصادر الدعم بما يضمن تكافؤ الفرص بين جميع الشباب بجميع فئاتهم الإجتماعية، بعيدا عن أية اعتبارات أو معوقات.
إن الحاجة اليوم ملحة لاستغلال أنجع للموارد الطبيعية التي تتوفر عليها العديد من الجماعات الترابية ،خاصة تلك التي تتحوز على مساحات كبيرة وشاسعة من الأراضي السلالية ، عبر مشاريع تنموية واقعية تستجيب لسوق الشغل وتأخذ بعين الاعتبار ارتفاع عدد العاطلين من جهة والوضع الإقتصادي والإجتماعي الذي تعيشه عدد من هذه الجماعات التي تعتمد على الفلاحة وتربية الماشية كنشاط رئيسي داخل ترابها من جهة أخرى.