لقاء تشاوري بخنيفرة لمناقشة مشروع جامعي في أفق المناظرة الجهوية حول التعليم العالي والبحث العلمي

0
  • أحمد بيضي

تم، صباح يوم الأربعاء 16 فبراير 2022، بقاعة الاجتماعات لمقر عمالة خنيفرة، تنظيم لقاء تشاوري في إطار التحضير للمناظرات الجهوية، والمخطط الوطني، حول التعليم العالي والبحث العلمي، انكب خلاله المشاركون على مناقشة سبل تطوير مشروع النواة الجامعية بالإقليم وتوسيع قطبها، مقابل الانفتاح على المكونات المجتمعية المتدخلة في هذا الشأن، وقد حضر اللقاء، إلى جانب عامل الإقليم، رئيس جامعة السلطان مولاي سليمان، رئيس المجلس العلمي، البرلمانيون ورؤساء الجماعات الترابية وممثلو الإقليم بمجلس الجهة، ومنتخبون وخبراء وأكاديميون وجامعيون، علاوة على عدد من رؤساء المصالح الخارجية المعنية وفعاليات المجتمع المدني.

اللقاء افتتح بكلمة توجيهية لعامل الإقليم، مـحمد فطاح، أوضح من خلالها أهمية اللقاء الذي يأتي بمبادرة من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، باعتباره “فرصة ثمينة للتعبير عن قناعة جماعية مترسخة بأن تنمية هذا الإقليم المتفرد رهينة أساسا بإحداث قطب جامعي متخصص في أفق خلق “اقتصاد البحث والمعرفة”، عبر إحداث معاهد ومؤسسات جامعية مختصة في مهن التنمية المستدامة واقتصاديات الجبل والتكنولوجيات الحديثة، وفي ميادين الدراسات والأبحاث في الثقافة الأمازيغية والموروث اللامادي، تكون الحاضنة الحقيقية لهذا الاقتصاد، والمحرك الأساسي لإنتاج الثروة وتحريك عجلة التنمية بما يراعي العدالة المجالية”.

وفي ذات كلمته، أبرز العامل “دور الجماعات في تطوير منظومة التعليم، وتحسين جودتها، بغاية تعبيد الطريق وفق مقاربة تشاركية مع عموم المتدخلين والفاعلين والقطاعات العامة والخاصة”، مقابل “تعبئة ما يمكن من الامكانات المادية والمعنوية لأجل جعل التعليم ركيزة أساسية تمكن من الحصول على ما ينبغي من القيم واللغات والمعارف وإبراز المؤهلات، وتحقيق ما توليه السياسات العمومية لهذا القطاع من اهتمام باعتباره مسؤولية اجتماعية”، علاوة على ما تضمنه المشروع التنموي الجديد من “اهتمام بذات القطاع لأجل النهوض بمنظومة التربية والتكوين”، ومن هنا أكد عامل الإقليم على مشروعية مطلب إحداث نواة جامعية كخيار استراتيجي.

أما رئيس جامعة مولاي سليمان، نبيل حمينة، فأكد بدوره على أهمية الخروج من اللقاء التشاوري التمهيدي بما يمكن من “التصورات والأفكار الضرورية لجامعة الغد”، سيما في إطار تحضير جامعته لتنظيم المناظرة الجهوية حول التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، المقرر عقدها شهر مارس المقبل، بتوجيهات من الوزارة الوصية، والتي ستشكل “أرضية للتشاور وتبادل وتقاسم وجهات النظر من أجل تجديد وتقوية الشراكة بين جامعة مولاي سليمان ومكونات الجهة، وترسيخ انفتاحها على الامكانيات والمتطلبات الداعمة للتنمية الجهوية، وفقا للتوجيهات الملكية الرامية لتنزيل وتفعيل مشروع النموذج التنموي الجديد”.

ومن خلال كلمته المطولة، ركز رئيس الجامعة المذكورة أيضا على ما يهم سيرة جامعته، واحصائيات طلبتها الذين تجاوز عددهم ل 44 ألف طالبا، وموظفيها الذين تخطى عددهم حوالي 270 شخصا، فيما بلغ مجموع عدد أساتذتها 727 أستاذا، بمن فيهم أساتذة المؤسسات التابعة لها على صعيد جهة بني ملال خنيفرة، بينما لم يفت المتدخل التوقف عند المكانة التي أضحت تحتلها جامعته ضمن الخريطة الجامعية الوطنية، وما تم التفكير فيه من خدمات معززة لهذه الجامعة، مثل إحداث قسم خاص بوكالة التشغيل، ومنصة الكترونية لتقريب الطلبة من عالم المقاولة، وتقوية قدرات الخريجين منهم في التواصل وسبل الاندماج بأسواق الشغل.

وبينما رأى رئيس الجامعة، عقب نهاية أشغال اللقاء التشاوري، أن “المشكل المعيق لتنزيل مشروع الجامعة يكمن في عدم التوفر على الوعاء العقاري”، لم يفت العامل الرد في حينه بما يفيد “أن الوعاء العقاري قد تم وضعه في الوقت المناسب، ولم يتم التفاعل مع الأمر بالشكل المطلوب، مقابل تكبيل ميلاد المشروع بعدد من الشروط والتسويفات، فيما زاد العامل بالتأكيد على “وجود العقار المطلوب”، وبالتشديد على “ضرورة الخروج برؤية شاملة وحقيقية، وبديبلوماسية شفافة تعمل على الحد من دوامة الانتظار عبر إخراج المشروع إلى حيز التنفيذ”، فيما رأى في نبأ التراجع عن المشروع مجرد إشاعة ما لم يصدر أي بلاغ رسمي في الموضوع.    

ومن جهته، أبرز البرلماني إبراهيم أوعابا، “كيف ظلت فكرة النواة الجامعية مطلبا ملحا ينتظر التسريع في تنزيله على أرض الواقع”، داعيا إلى “توفر الإرادة السياسية باتجاه توسيع العرض الجامعي عبر التوافق مع مكونات المجتمع والمتدخلين”، فيما لم يفت المتدخل طرح مجموعة من التوصيات قام العامل بالتعقيب عليها لكونها “توصيات سبق طرحها أمام الوزير أمزازي في انعدام متابعة ملموسة لها”، ذلك قبل تقدم ممثلة الإقليم بمجلس الجهة، فاطمة جعفري، بعرض حول ما يتعلق بمشروع القطب الجامعي الذي تكررت مناقشته على مدى سنوات طويلة، ولا يزال فارضا نفسه كمطلب أساسي.

ولم يفت المتدخلة، فاطمة جعفري، استعمال الشاشة الضوئية في عرضها، وإبراز “حجم الرغبة بإحداث النواة الجامعية نظرا لما يزخر به الإقليم من مؤهلات سياحية واقتصادية، وباعتباره أيضا قطبا ذو خاصية من حيث تكملته للعرض الجامعي على مستوى الجهة، وكذا على مستوى تخصصه مستقبلا في مهن التنمية المستدامة واقتصاديات الجبل والتقنيات الحديثة”، فيما ذكرت بما تمت مناقشته في الموضوع من خلال سلسلة من اللقاءات والاجتماعات والمشاورات، واقتناء العقار، على اعتبار المشروع “مطلبا مستعجلا كان قد قطع عدة مراحل مفصلية من التصور الاجمالي إلى التنفيذ العملي”.

وبالمناسبة، أكد رئيس المجلس الإقليمي، حميد البابور، مدى قناعة الجميع بضرورة إحداث القطب الجامعي، إلى جانب ما ينبغي من “التخصصات والاقتصاديات الجبلية وغيرها من الخيارات الرهينة بتحقيق التنمية المنشودة”، وعلاقة بما راج من أنباء بخصوص “إلغاء مشروع الجامعة بالإقليم”، شدد رئيس المجلس الإقليمي على “ضرورة خروج الوزارة الوصية بتوضيح رسمي حول الأمر”، والمطالبة ب “تنظيم مناظرة وطنية للدفاع عن هذا المشروع وإعطاء ما يمكن من الضمانات بخصوصه”، فيما أشار المتدخل لمشروع إحداث معهد للمهن التمريضية، والذي فات أن حظي بالموافقة من جانب الجهات المسؤولة.

وشارك في اللقاء، رئيس المجلس العلمي المحلي، د. المصطفى زمهنى، بمداخلة استهلها بالتأكيد على “استحالة تحقيق التنمية، في أي بلد، دون مفتاح فكري وعلمي”، وبينما اعتبر الجامعة “قاطرة أساسية في طريق صناعة الانسان”، شدد على أنه “من دون إبداع لا يمكن التحدث عن التنمية طالما أن الابداع هو أصل الحداثة والطريق الصواب”، لينتقل، من خلال كلمته، إلى التركيز على “حاجة إقليم خنيفرة لجامعة بالنظر للتاريخ العريق لهذا الإقليم”، مذكرا بأهل سوس أنفسهم الذين أرّخو تاريخهم من إقليم خنيفرة، وكيف استلهم المختار السوسي أفكاره من هذا الإقليم قبل تأليف كتابيه “المعسول” و”سوس العالمة”.

وكانت مناسبة اللقاء فرصة بالنسبة لرئيس المجلس العلمي المحلي الذي كشف عن مشروع “إحداث مركب ديني على مسافة 3 هكتارات بمنطقة “الكورص” بخنيفرة”، قال بأنه “سيكون قلعة علمية، وصرحا معرفيا، ومساهما بقوة في إشعاع الفكر الديني والثقافي والأمن الروحي، وفي إبراز مكانة الإقليم كموطن شخصية أبي القاسم الزياني، وكبلد المقاومة والقلاع العلمية، ومحج تاريخي لعدد من علماء المغرب وخارجه”، دون أن تفوت المتدخل التعريف بالمجلس العلمي كمؤسسة يرأسها أمير المؤمنين وليس تابعة لوزارة الأوقاف كما يعمد البعض لتداوله على مواقع التواصل والمنابر الإعلامية.

وفي مداخلته، ركز الجامعي لحسن شيلاص، على ما يتعلق بمشروع المعهد السوسيوثقافي بأجدير، و”الأقطاب التي شكلت هندسته بما يتوافق وخصوصيات المنطقة، والتحضيرات الجارية لحفل توقيع اتفاقية موسعة بشأنه”، ومبرزا رمزية منطقة أجدير وزيارة الملك الراحل محمد الخامس لها، في يوليوز 1956، للاشراف على عملية انضمام العديد من جيش التحرير لصفوف القوات المسلحة الملكية، وهي الزيارة التي جاءت اعترافا بما حققته قبائل المنطقة من انتصارات في مواجهة المستعمر الفرنسي، قبل زيارة الملك محمد السادس لهذه المنطقة، في أكتوبر 2001، وخطابه الذي أكد على أن الأمازيغية تشكل مكونا أساسيا من مكونات الثقافة الوطنية وملكا لكل المغاربة.

وأجمع المتدخلون على ضرورة تفعيل مخرجات وتوصيات الأيام الدراسية المنعقدة بإقليم خنيفرة، أيام 1 و2 فبراير 2019، حول مشروع تطوير النواة الجامعية، والتي أوصت ب “إحداث كلية الاقتصاد والتدبير بالمدينة، تضع في صلب اهتماماتها التكوينات في كل ما يتعلق باقتصاديات الجبل وتدبير الموارد الطبيعية”، و”تحويل المدرسة العليا للتكنولوجيا الحالية إلى مدرسة عليا لتكوين المهندسين طبقا لما هو معمول به في هذا المجال”، فضلا عن “إنشاء معهد عال لمهن الصحة يوفر تكوينات في مجالات الطب عن بعد، بشراكة بين وزارة الصحة ووزارة التربية الوطنية والتعليم العالي بالمقر السابق للمدرسة العليا للتكنولوجيا”.

إلى جانب التوصيات الأخرى الداعية ل “إنشاء معهد التنمية المستدامة للتكوين في المهن الخضراء”، و”تفعيل مشروع إحداث المركز السوسيو ثقافي والرياضي بأجدير كمؤسسة للدراسات والأبحاث في مجال التراث المادي واللامادي الأمازيغي والبيئي والطبيعي”، فيما تم التذكير بتصميم التهيئة لمدينة خنيفرة الذي خصص ما يناهز 110 هكتارا، شمال المدينة، من أجل مواكبة التوجهات الاستراتيجية المستقبلية التي تضّمنها المخطط الجهوي لإعداد التراب، وباقي وثائق التعمير المعتمدة ، في سبيل إنجاز مشروع القطب الجامعي  بإقليم خنيفرة”، وهو التصميم الذي جرى تقديمه ومناقشته مؤخرا بقاعة الاجتماعات لبلدية المدينة.

 وعرفت المنصة عدة تدخلات، منها تدخل المستشارة الجهوية، حليمة عسالي، التي حملت المسؤولية لبرلمانيي الإقليم بوصفهم “الصوت القريب من مراكز القرار”، ورئيس جماعة أجلموس، الجامعي امحمد أقبلي، الذي تقدم بعرض مفصل حول المنظومة الجامعية وأهمية الاهتمام بالنظام الايكولوجي، فيما أكد البرلماني، محمد بادو، “الحاجة لاقتصاد المعرفة ومدى تأخر الاقليم على مستوى المعاهد والجامعات”، بينما دعا رئيس جماعة القباب، م. المصطفى الاسماعيلي، إلى إنقاذ طلاب الإقليم من مشاق الترحال للمدن الجامعية، وبينهم الطالبات أساسا، ثم الجامعي، محمد محتان، الذي تطرق للاقتصاد المعرفي في علاقته بالاقتصاد الأخضر والاقتصاد المائي.