بني ملال: افتتاح الأيام الوطنية “26” حول “تدبير المجالات الرعوية بالمغرب واستغلالها”

0

انطلقت الخميس 9 دجنبر 2021، ببني ملال فعاليات الأيام الوطنية السادسة والعشرين التي تنظمها الجمعية المغربية للبحث التاريخي وكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالمدينة، حول موضوع “تدبير المجالات الرعوية بالمغرب واستغلالها: مقاربة التاريخ والعلوم الاجتماعية”، بمشاركة نخبة من الباحثين والأساتذة من مختلف الجامعات المغربية.

وتقارب هذه الأيام الدراسية، التي ستتواصل أشغالها غدا الجمعة بكل من مدينتي قصبة تادلة وأبي الجعد، مجال الرعي بالمغرب، باعتباره “ظاهرة سوسيو-تاريخية، ونشاطا اقتصاديا شكل وما يزال موردا أساسيا لعدد كبير من الساكنة على امتداد جغرافية قرى المغرب”، بالإضافة إلى كونه “حقلا غنيا بالطقوس الثقافية والرموز والعادات الدينية والاجتماعية والاحتفالية، ومنظومة معقدة البنيات والعلاقات”، تتطلب من الدولة وباقي الفاعلين تدبيرا يرتكز على البعد التنموي والقانوني.

وفي كلمة خلال الجلسة الافتتاحية لهذه الأيام، أوضح رئيس جامعة السلطان مولاي سليمان نبيل حمينة ، أن تدهور الحالة العامة للمجالات الرعوية، بسبب التغيرات المناخية التي شهدها المغرب في العقود الأخيرة والرعي الجائر واختلال الأنظمة الرعوية المرتبطة بالترحال والخلافات التي تهدد في بعض الأحيان السلم الاجتماعي، تنجم عنه تداعيات سلبية على المسار التنموي لهذه المجالات وحياة ساكنتها.

وأكد رئيس الجامعة أن الاستغلال المستديم لهذه المجالات الرعوية حتى تتمكن من أداء وظائفها الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، رهين بوضع المسؤولية على عاتق الساكنة في التدبير، بهدف تنمية اجتماعية واقتصادية ذاتية، مضيفا أن هذا التدبير المستديم للمراعي سيحافظ على التنوع الإيكولوجي لها، ويوفر دخلا اقتصاديا مهما للساكنة.

وفي هذا السياق لفت حمينة إلى أن تطور النزاعات على المجالات الرعوية في المغرب أدى إلى خلافات حول تحديد الأملاك، مما أسهم في تغييرات على مستوى الترسانة القانونية المنظمة لهذا المجال، حيث انتقلت إدارة المراعي من التدبير العرفي إلى التدبير المقنن بصياغة القانون رقم 13.113 المتعلق بالترحال وبتهيئة وتدبير المجالات الرعوية والمراعي الغابوية، والمصادق على تنفيذه بظهير عدد 1.16.53 والصادر بتاريخ 27 أبريل 2016.

من جهته، أبرز عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية ببني ملال السيد محمد العاملي الأهمية السيوسيو-اقتصادية والإيكولوجية لموضوع هذه الأيام الدراسية، بالنظر إلى أن “الرعي شكل تاريخيا عصب الحياة الاقتصادية والاجتماعية للعديد من القبائل المغربية “.

وأضاف أن ظاهرة انتشار المراعي القبلية والمراعي الجماعية الكبرى كانت له “آثار سياسية واجتماعية واقتصادية” أدت إلى ظهور خلافات حول هذه المجالات الرعوية بين القبائل بعضها البعض، وبينها وبين الدولة ، مما يطرح ضرورة مقاربة الوضعية القانونية لهذه المراعي الجماعية وطرق تدبيرها.

أما رئيسة الجمعية المغربية للبحث التاريخي لطيفة الكندوز، فأكدت أن الرعي ، إلى جانب الزراعة ، اعتبر من بين الأنشطة الأكثر ممارسة في المغرب منذ الفترة القديمة إلى الوقت الحاضر، مضيفة أن ميل الكثير من القبائل إلى التنقل بحثا عن المراعي الخصبة أسهم في إحداث تحولات كبرى على مستوى مورفولوجية السكان وأنماط العيش، وعلى المستوى السياسي أيضا “حيث كان لتحركات بعض القبائل وانتشارها بالغ الأثر في تغيير ملامح الدولة والمجتمع بالمغرب”.

وأشارت إلى أن الرعي يساهم على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، في الكشف عن أنماط عيش السكان، وتفاصيل معيشهم اليومي، كما يبرز من الناحية الثقافية سمات الذهنيات المختلفة لمجتمع الرعاة، مبرزة أن ذلك يتيح مادة خصبة للباحثين من مختلف المشارب والتوجهات لمقاربة متعددة الأبعاد، تتداخل فيها الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية.

وتضمن برنامج هذه التظاهرة في يومها الأول محاضرة افتتاحية لعميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية ببني ملال حول “نظام الأراضي وتدبير المجال الرعوي بجماعة زاوية أحنصال خلال فترة الحماية”، إضافة إلى جلستين حول ” الرعي والمراعي: رؤى ومقاربات” و “الرعي والرعاة: العرف والقانون والأنظمة” ، على أن تتواصل غدا الجمعة بجلسات تهم “المجالات الرعوية: أشكال الصراع ومظاهر التدبير” و”المجالات الرعوية: نماذج التدبير، و”الرعي المرعى: صور وتمثلاث”.

حضر الجلسة الافتتاحية لهذه الأيام الوطنية عدد من المنتخبين المحليين والفعاليات الجمعوية والمدنية والباحثين والطلية وشيوخ زوايا.