الجماعة الترابية لحكاكشة باقليم سيدي بنور تعيش تحت وطأة سوء التسيير و التدبير و الإهمال ؟

0
  • جمال الدين ناصر

ما أن تطأ قدمك مركز الجماعة الترابية لحكاكشة ، الواقعة بالنفوذ الترابي لإقليم سيدي بنور، حتى تكتشف أنها ما زالت تعاني التهميش وركودا تنمويا مخيفا، وما زالت بثياب قرية نائية، حيث ما زالت الساكنة المحلية تنتظر المسؤولين المحليين والإقليميين والجهويين زيارتها لنفض غبار الحكرة والتهميش عنها، وإيصالها إلى ركب التنمية وإنصافها وإعطائها حقها المفقود في جميع المجالات.

بالرغم من كون مركز الجماعة الترابية المذكورة لا يبعد سوى بحوالي 30 كيلومتر عن مركز مدينة سيدي بنور، و عن بلدية الزمامرة ب 10 كلم تقريبا ، فإنها تفتقر إلى أبسط ضروريات العيش الكريم، إلى درجة أن « الزائر » يحسب أنه أمام بنية ترابية تحتضر وأن المنطقة خاوية على عروشها ولا يسكنها بشر؛ وهو ما دفع الساكنة المحلية إلى وصف مركز جماعتهم بـ “المنهكة   التي قالوا إنها شاخت ملامحها وتعيش التهميش والإقصاء والإهمال من لدن المسؤولين على تدبير شؤونها .

أحدثت جماعة الحكاكشة حسب التقطيع الترابي لسنة ,1992 وتقع جنوب غرب إقليم سيدي بنور، وتمتد على مساحة تقدر ب 89 كيلمترا مربعا، وتضم أكثر من 19 ألف نسمة ، ويعتمد اقتصادها على الفلاحة السقوية وزراعة الخضروات والشمندر السكري و تربية المواشي ..

تعاقب على  الجماعة الترابية لحكاكشة مجموعة من المسؤولين كانوا كلهم ، يعتقدون على أنهم يمتلكون كل الأدوات والإمكانات المتاحة لتنمية جماعتهم بحسب شعاراتهم و الوعود المقدمة من طرفهم للساكنة أثناء حملاتهم الانتخابية ، لكن ميزانيتها ظلت و لازالت عرضة لسوء التسيير، وتصفية بعض الحسابات… مما جعل مجلسها يتعرض لهزات سياسية لم يشهد لها مثيلا في تاريخ الجماعة.

و لعل ما شهدته الجماعة الترابية الحكاكشة خلال السنوات الأربع الماضية ، من تعثر لجل المشاريع و التوقف المفاجئ لقطار التنمية بها ، و ما عرفته دورات المجلس من مشاداة و رفض للميزانية …الى التدبير الفاشل و استغلال آليات وتجهيزات الجماعة و تسخيرها في غير مجالاتها أضف الى ذلك نهج أسلوب المحسوبية و الزبونية و منطق ” المقربون أولى “… لدليل قاطع على التسيب و سوء التدبير بهذه الجماعة ، التي أريد لها و لساكنتها أن تعيش حالة الفقر و التهميش .

الزيارة الاستطلاعية، التي قامت بها الجريدة إلى مركز الجماعة الترابية لحكاكشة ، كشفت أن هذه المنطقة لم تستفيد بعد من برنامج تأهيل الأزقة و المسالك الطرقية الداخلية ؛ وهو ما يجعل الساكنة تعاني مشاكل عديدة مع الغبار المتطايرة، وكثرة الحفر الموجودة بجميع أزقة المركز و المسالك الطرقية المؤدية الى باقي دواويرها .

و لم تخف الساكنة المحلية ممن تحدثت مع الجريدة أن القائمين على تدبير الشأن المحلي للجماعة الترابية لحكاكشة ، مارسوا وما زالوا يمارسون « سياسة التهميش والإقصاء والتجاهل في حق المنطقة وساكنتها »، متسائلين ومستغربين في الوقت نفسه عن الأسباب التي حالت دون استفادة مركز جماعة لحكاكشة من البرامج التنموية، شأنه شأن باقي مراكز الجماعات الترابية الأخرى بإقليم سيدي بنور.

و طالبت الساكنة، في تصريحات متطابقة، السلطات المنتخبة والإدارية محليا وإقليميا بضرورة تأهيل مركز الجماعة الترابية ، وتوفير جميع الشروط الممكنة لتشجيع المواطنين على الاستقرار بالمكان خضوصا ما يتعلق بالتعليم و الصحة و الماء الصالح للشرب و الكهرباء … .

السيد محمد ، أحد سكان مركز جماعة لحكاكشة ، أوضح أن المنطقة في أمسّ الحاجة إلى تنزيل برامج تنموية مهيكلة تهم جميع القطاعات المهمة، كالصحة والبنية التحتية، مذكرا بـ أن خطاب العرش كان  واضحا ، ويجب على المسؤولين العمل به أو ترك مناصبهم للراغبين في العمل بالجد والمعقول .

و زاد المتحدث، في تصريح للجريدة ،  بالرغم من أن مركز جماعة لحكاكشة  يعتبر من بين المراكز المحدثة منذ عقود، فإن المسؤولين أهملوه ولم يعيروا لشكايات وصرخات المواطنين أي اهتمام ، مناشدا في الأخير جميع المتدخلين بضرورة تنزيل برامج خاصة لتأهيل مركز الجماعة في أقرب الآجال للمساهمة في خلق جو مشجع للزوار والساكنة للبقاء قبل أن يضطر الجميع بالهجرة.

هل يعلم المدير العام للمكتب الوطني للماء الصالح للشرب ومعه الجهات المسؤولة المكلفة بالماء أن ساكنة الجماعة الترابية لحكاكشة تعاني من شرب مياه غير معالجة و أخرى تشبه في مذاقها  التراب أو الخز ؟، سؤال طرحته السيدة السعدية ، القاطنة بأحد الدواوير المحيطة بمركز الجماعة الترابية ، مطالبة بضرورة توفير ماء صالح للشرب لكل دواوير الجماعة و العمل على اخضاعه للمراقبة باستمرار حفاظا على صحة الساكنة .

و وجهت المتحدثة رسالة إلى جميع المسؤولين قائلة  إذا كانوا يقتنون المياه المعدنية إلى منازلهم لكونهم يتوفرون على دراهم كثيرة، يعلم الحميع من أين و كيف حصلوا عليها ، فعليهم أن يعلموا أن هناك أناسا لا حول لهم ولا قوة لا يملكون إلا ما سيأكلون في وجبة واحدة ويبحثون عن وجبة أخرى بعرق جبينهم فلا يجدون إلا أن يصبروا ويشربوا هذا الماء الذي تشعر منذ أن تضعه في فمك بأنك تشرب شيئا آخر .

ولم تستبعد المتحدثة أن تقوم الساكنة المحلية بجماعة لحكاكشة بمساندة من جمعيات المجتمع المدني و الحقوقي  بخطوات نضالية لمواجهة سوء تسيير و تدبير الجماعة الترابية لحكاكشة  داعية الجهات المسؤولة من سلطات اقليمية في شخص عامل اقليم سيدي بنور و وزير الداخلية لايفاد لجنة تقصي و افتحاص لهذه الجماعة التي ابتليت بعقلية أقل ما يقال عنها أنها فاشلة بكل المقاييس ، بل لم يسبق للجماعة أن شهدت مثلها من قبل تؤكد المتحدثة.

 الشباب، بدورهم، يعانون مشاكل البطالة وغياب مرافق للترفيه، بالرغم من مرور عقود من الزمن على إحداث الجماعة الترابية لحكاكشة، التي ما زالت لم تجد لنفسها مخرجا، خاصة في ظل سياسة التهميش واللامبالاة التي تنهجها الجماعة في حق أبناء المنطقة عموما ” قال الشاب رفيق و هو يتحدث الى الجريدة بقلق و حيرة .

واستنادا إلى تصريح الشاب ذاته،  فإن كل دوار  من دواوير الجماعة الترابية لحكاكشة يئن في صمت بعيدا عن أعين المسؤولين، خاصة أن المنطقة تفتقد إلى العديد من المرافق العمومية، ناهيك عن البطالة التي نخرت أجساد الشباب الذين يجهلون مصيرهم المستقبلي، ليبقوا في قوقعة وبيئة منعزلة و غياب برامج الجماعة من مشاريع تهتم بهم  .

وفي السياق ذاته، أكد السيد سعيد، ناشط جمعوي، في تصريح للجريدة ، أن نسبة البطالة بالمنطقة جد مرتفعة إلى جانب ارتفاع نسبة الهدر المدرسي ، وهو ما جعل الشباب يقعون فريسة في أيدي مجموعات من المنحرفين الذين يجدون ضالتهم في المخدرات والسرقة، حسب تعبيره.

وتابع قائلا:  وما زاد من تدهور وضع الشباب، الذي راح ضحية الآفات الاجتماعية من جهة أخرى، غياب مرافق ثقافية وشبابية من شأنها توعية الشباب وفتح الآفاق أمامهم ، مؤكدا أن الجماعة تفتقر إلى مثل هذه المراكز التي تعتبر متنفسا لصقل مواهبهم و تطوير مكتسباتهم … .

بالرغم من أن الجماعة الترابية ، المعروفة محليا باسم « لحكاكشة »، لا تبعد سوى بأمتار قليلة على مقر مركزالدرك الملكي بالزمامرة، فإن الساكنة طالبت أكثر من مرة بضرورة إحداث مركز ترابي للدرك خاص بجماعة لحكاكشة ، لاستتباب الأمن، و وضع حد لجميع أشكال الجريمة ومحاربة مروجي المخدرات، وحماية ممتلكات المواطنين.

من جهتها، قامت الجريدة بزيارة لمقر الجماعة الترابية ، لأخذ رأي رئيسها في موضوع التنمية الغائبة؛ و ما تعرفه من تعثر شامل لمشاريعها ، إلا أننا لم نجده ، فحاولنا الاتصال به عدة مرات إلا أن هاتفه ظل خارج التغطية  و بالتالي ظلت الأسئلة التي كنا نحملها اليه بدون جواب من قبيل معرفة مآل مبلغ مالي  قيل حينها أنه مهم لدعم الفئات الهشة والمحتاجين والمتوقفين قسرا عن العمل من مواطني جماعة الحكاكشة والذين سيعانون من تبعات وباء كورونا بالإضافة إلى السنة الفلاحية الصعبة و من قبيل معرفة مآل المبلغ الذي خصصه المجلس وفق بلاغ صادر عنه مبلغ “100 ألف” درهم للصندوق المخصص لمحاربة جائحة كورونا-كوفيد 19 بالاضافة الى معرفة ما حققته الجماعة في ظل التسيير الحالي فيما يتعلق بالمشاريع التنموية و تعبيد الطرق و مساهمتها في مجالات أخرى …