المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بخنيفرة تستعرض مشاريعها وبرامجها، وتشخص حصيلة التعليم في ظل كورونا

0
  • خنيفرة: أحمد بيضي

أوضح عامل إقليم خنيفرة، محمد فطاح، المغزى من وراء اختيار تخليد الذكرى 16 لانطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، هذه السنة، تحت شعار :“كوفيد-19 والتعليم: الحصيلة والآفاق لتحصين المكتسبات”، وذلك بهدف “تكريس المكتسبات المحققة في هذا المجال  واستشراف الآفاق المستقبلية، وكذلك العمل على معالجة تجاوز الصعوبات التي أملتها الظرفية الحالية”، مبرزا “الدروس المستخلصة من تجربة التعامل مع هذا الوباء، وكذا من تجارب دولية، أي ألا نستـهين بقدرة هذا الفيروس الخبيث على التأقلم”، على حد قوله.

جاء ذلك في كلمته خلال أشغال الاجتماع الموسع الذي احتضنه مقر عماله الإقليم، صباح الثلاثاء 18 ماي 2021، تخليدا للذكرى 16 لانطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، في حضور مكونات اللجنة الإقليمية للمبادرة الوطنية، وشخصيات عسكرية ومدنية ومنتخبة وتربوية وجمعوية وإعلامية، حيث لم يفت عامل الإقليم التذكير بخطاب ملكي أثير فيه الانتباه لما يؤكد أن “لا شيء أهم من صحة المواطنين وحياتهم وكرامتهم”، ومن أهمية جعل “البعد البشري والإنساني” في قلب كل السياسات العمومية.

ولم يفت المسؤول الأول على الإقليم التنويه ب “مجهودات وحكمة اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية، ومساهماتها الفعلية في التخفيف من الآثار الناجمة عن الوباء، وسعيها، منذ انطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، إلى “جعل التعليم والصحة من أولى الأولويات، بل إن القسط الأوفر من مجهوداتها وإمكانياتها انصب حول هاتين الدعامتين الأساسيتين للعيش الكريم بالنسبة لساكنة الإقليم”، قبل بسطه لما تم إنجازه وتحقيقه، برسم سنتي 2019 – 2020، في إطار المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.

ومن جهتها استعرضت مسؤولة القسم الاجتماعي والاقتصادي بعمالة الإقليم، نجاة الفيون، حصيلة المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية إقليميا، عبر أربعة برامج ل 110 مشروعا، بمبلغ إجمالي 56.508.668,67 درهم، بدء من البرنامج الأول الرامي إلى تدارك الخصاص على مستوى البنيات التحتية والخدمات بالمجالات الترابية الأقل تجهيزا، من خلال 25 مشروعا بغلاف مالي إجمالي قدره 18.279.523,63 درهم، فيما توجه البرنامج الثاني لمواكبة الأشخاص في وضعية صعبة، من خلال 26 مشروعا بقيمة إجمالية قدرها 11.599.700,00 درهم.

أما البرنامج الثالث فتم تخصيصه لتحسين الدخل والإدماج الاقتصادي للشباب، من خلال 13 مشروعا بقيمة إجمالية قدرها 8.696.776,00 درهم، فيما تم توجيه البرنامج الرابع لأجل الدفع بالرأسمال البشري للأجيال الصاعدة، ويتضمن 46 مشروعا بغلاف مالي قدره 17.932.669,04 درهم، ذلك قبل تفصيل المسؤولة المذكورة ما تم إنجازه برسم 2019، والمتمثل في 49 مشروعا استفاد منه 26580 شخصا، ثم ما تم تسطيره برسم 2020، من خلال وضع 61 مشروعا يستفيد منها 28113 شخصا، وأنجز منها 46 بسبب تفشي الجائحة.

وبدوره، قام المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية، مصطفى مومن، باستعراض حصيلة التدابير الاحترازية المتخذة للتصدي لوباء كورونا المستجد، مقابل تفعيل الاستمرارية البيداغوجية وآفاق تحصين وتعزيز المكتسبات بالقطاع، وذلك من خلال مرحلة وحصيلة ما قبل التوقف الحضوري للدراسة قبل 16 مارس 2020، إلى موسم الدخول المدرسي برسم السنة الجارية، حيث أبرز المدير الإقليمي ما تم القيام به من لجن لليقظة وعدة التنظيف والتعقيم، ومن ملصقات ولافتات وكبسولات وفيديوهات تحسيسية وشراكات جمعوية.

كما استعرض المسؤول الإقليمي على قطاع التعليم ما تم القيام به خلال مرحلة ما بعد التوقف الحضوري للدراسة، من خلال توزيع حقائب بيداغوجية رقمية على المتعلمين لتعويض الدروس الحضورية، وحث رؤساء المؤسسات التعليمية على خلق جسور للتواصل بين الأساتذة وتلاميذهم، عبر مختلف الوسائط المعلوماتية لتغطية أكبر عدد ممكن من التلاميذ داخل الإقليم، ثم تدبير مرحلة توقيف الدراسة باعتماد نمط التعلم عن بعد، وتأمين الاستمرارية البيداغوجية، في سياق التدابير المتخذة في سبيل حماية الصحة العامة.

وارتباطا بالموضوع، لم يفت المدير الإقليمي للتربية الوطنية الكشف عن نجاح المديرية في تدبير ما توصلت به من كراسات وزعتها الوزارة الوصية لفائدة التلاميذ المتواجدين بالمناطق النائية التي لا تتوفر على شروط تتبع الدروس، قبل دخول ذات المسؤول في الحديث عما رافق الدخول المدرسي، في ظل استمرار تداعيات الجائحة، وما تطلبته هذه الظروف الاستثنائية من احترام للمذكرات الوزارية، وجهود لتحقيق الاستفادة من فرص التعليم والتكوين في ظروف آمنة تراعي سلامة الأطر التربوية والادارية والمتعلمات والمتعلمين إلى جانب الأسر.

وبعد تقديمه تفاصيل عمل المديرية منذ انطلاق الموسم الدراسي، والمعطيات الخاصة بإغلاق المؤسسات التعليمية وبحالات الاصابة بالوباء في الوسط المدرسي (254 حالة و2 وفيات)، كشف المدير الإقليمي عن الاكراهات المرصودة، سيما المرتبط منها بتوفر الامكانات المادية واللوجستية، وبفاعلية وصبيب شبكات الانترنيت وبتعدد الوسائط التواصلية المعتمدة في تأمين الاستمرارية البيداغوجية، وفعالية الأقسام الافتراضية، وحداثة تجربة التعليم عن بعد في المنظومة التربوية، وغياب تكوين سابق للفاعلين في المجال.

وعقب فتح باب المناقشة والمقترحات، أكد المندوب الإقليمي لوزارة الصحة، الدكتور إدريس الغزالي، تحسن الحالة الوبائية بالإقليم، دون أن يفوته التحذير من استمرار الوباء، على خلفية ما بات يشهده الفضاء العام من إخلال باحترام التدابير الوقائية، ومنها ما يتعلق بالكمامة التي تبقى الوسيلة الأساسية من وسائل الوقاية، فيما أعرب عن تأسفه حيال عدم الاستمرار في الالتزام بالإجراءات المتخذة في مواجهة الفيروس الذي وصفه ب “الغادر”، ومنوها بالمجهودات المبذولة من جانب الأطر الصحية والسلطات العمومية.

ومن جانبه، لم يفت رئيس المجلس البلدي، إبراهيم أوعابا، التركيز، من خلال تطرقه للمخلفات الوبائية، على المقاولات الشابة التي لا تتلوها أية مواكبة أو تتبع لوضعها، وقد أغلقت الكثير منها أبوابها بسبب تداعيات الأزمة الناتجة عن عدم التحفيز أو جراء تفشي وباء كورونا، كما تناول ما يعانيه التعليم بالعالم القروي من هشاشة وانعدام الوسائل التكنولوجية الضرورية، وعدم استفادة تلاميذه من دروس التعليم عن بعد، ما يستدعي من الوزارة الوصية التفكير في حلول لتدارك ما يجب تداركه.

ومن التدخلات الأخرى، شددت رئيسة “جمعية أنير” على ضرورة توفير ما ينبغي من الآليات لضمان المكتسبات التي تضررت بفعل الجائحة، والعمل أكثر على الاهتمام بالعامل الاقتصادي أمام تصاعد نسبة الهشاشة والفقر والتسول، وبعدها تدخل مدير المدرسة العليا للتكنولوجيا الذي اعتبر نمط التعليم عن بعد غير منتج ولا مفيد، بناء على ما تم تسجيله من نتائج في صفوف الطلبة المستفيدين من هذا النمط، مؤكدا على أنه كان من الواجب اعتبار هذا التعليم تكميليا للحضوري وليس أساسيا، فيما اقترح التفكير في إنشاء إذاعة محلية.

وبينما ذكر بمشروع إحداث مركز لحماية الطفولة والأمومة بخنيفرة، ذكر عامل الإقليم بتجربة مواكبة الشباب المقاول، سيما بالعالم القروي، التي وصفها ب “التجربة الرائدة”، عبر تنظيم أربع منصات للإنصات والاستماع، وهي من تأطير أطر كفؤة ومكونة على يد خبراء أجانب، يستفيد من خلالها المعنيون بالأمر من كيفية تدبير المشروع والحصول على قروض، وإلى جانب دعوته اللجنة الاقليمية للتنمية البشرية لبناء تصور مكتمل لواقع وآفاق التعليم عن بعد بالعالم القروي، اقترح رفع ملتمس لأجل توفر المناطق النائية على التغطية بالأنترنيت.

وكان عامل الإقليم قد استهل أشغال الاجتماع بالإشارة إلى برمجة أربعة مشاريع تخص إحداث دور الأمومة لتقديم الخدمات الصحية عن قرب لفائدة الأم الحامل ومواكبتها، قبل وبعد الولادة، بغلاف مالي يقدر ب 3,4 مليون درهما كما تم تنظيم قوافل طبية بالعالم القروي لفائدة الأم والطفل بمبلغ 2.05 مليون درهم، فيما تمكنت المبادرة الوطنية من إحداث 30 وحدة للتعليم الأولي يستفيد منها 387 طفلا تتراوح أعمارهم ما بين 5 و6 سنوات تحت تأطير 30 مربي ومربية، ما تطلب غلافا ماليا يقدر ب 8 مليون درهم.

   ولتشجيع التفوق المدرسي، ومحاربة الأسباب الرئيسية للهدر المدرسي، أبرز عامل الإقليم مدى تركيز اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية على  توفير وسائل النقل المدرسي، وتحسين ظروف إيواء المتمدرسين والعناية بصحتهم، ومن ضمن ذلك اقتناء 6 وحدات للنقل المدرسي ب 2,2 مليون درهم وإحداث دور الطالب (ة) ب 5,4 مليون درهم، وتنظيم حملات طبية لفائدة التلاميذ بالعالم القروي، دون أن تفوته الإشادة بالدور الإيجابي والفعال لكافة عضوات وأعضاء اللجنة الإقليمية، سواء بصفتهم هذه، أو بمواقعهم داخل المجتمع.

وفي إطار تخليد الذكرى 16 لانطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، تم الانتقال لمدينة مريرت حيث تم افتتاح مركز تصفية الدم، وبعده تدشين مشروع بناء وتجهيز مركز لتدريب وتوجيه الشباب، في إطار “برنامج تحسين الدخل والادماج الاقتصادي للشباب”، والذي رصد لإحداثه غلافا ماليا، من صندوق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، قدره الاجمالي 984.670.00 درهم، فيما ساهمت الجماعة الحضرية لمريرت بالوعاء العقاري، على أن تشرف على تسييره جمعية المركب الاجتماعي متعدد الاختصاصات.