الحزام الأخضر بالصويرة، من مشروع للتنمية المستدامة، إلى بؤرة للتلوث وتهديد أمن وسلامة الساكنة.

0

الصويرة: أنوار بريس – أحمد بومعيز

الحزام الأخضر بالصويرة، مشروع بيئي- مبدئيا- وحسب الأهداف التي رسمت له خلال إعداد مجموعة من المشاريع الذي كانت تصاغ وفق منهجيات التنمية المستدامة في سياق ونهجية ما كان يعرف في الصويرة ببرنامج مذكرة 21 المحلي التشاوري في نهاية التسعينيات إلى حدود سنة 2004. وقد تمت هندسة المشروع من طرف العديد من الخبراء والمتخصصين ، ليشكل حاجزا بين المد العمراني للمدينة والفضاء الغابوي، ويمتد الحزام من مدخل الصويرة الغربي باتجاه الشمال الغربي بطول يقارب 3 كلمترات ،ويحادي أكبر الأحياء بالمدينة خارج السور، وأكثرها كثافة سكانية ورواجا، كحي الصقالة، وتافوكت،والبحيرة، والتجزئة 5، والبرج، وأزلف… وحسب البرنامج الأولي للمشروع، فقد كان منتظرا أن يضم مجموعة من الأنشطة البيئية، والمدارات، وفضاءات الراحة والتجوال، لفائدة ساكنة الصويرة والزوار .

المشروع بين التأجيل والإنجاز والأجرأة:
بعد الصياغة النهائية للمشروع، وبعد عدة ورشات تشاورية سنتي 2000 و2001 ، وضمن الدينامية التي توجت آنذاك بتصنيف الصويرة ضمن التراث الإنساني من طرف منظمة اليونسكو، بدأ البحث من طرف المتدخلين والمسؤولين على التدبير المحلي والشركاء على الوسائل والموارد اللازمة من أجل أجراة المشروع وتنزيله، وقد شكل المشروع في حد ذاته آنذاك تحديا نظرا لبعده البيئي ضمن برامج التنمية المستدامة، وكونه سيحد من التمدد العمراني للمدينة وما يطرحه ويؤطره من نقاش وخلاف واختلاف في وجهات النظر والمصالح. وبعد تأجيل وتفاوضات عدة ، تم البدء في إنجاز الأشطر والمراحل الأولى من المشروع بعد مساهمة مالية من شركة نفطية عالمية بلغت 140 ألف دولار ( حوالي 1,5 مليون درهم ) كمساهمة أولى في ميزانية المشروع، ليتم البدء في إنجاز المرحلة الأولى في نهاية 2003 ،واستمرت عمليات الإنجاز حوالي 10 سنوات تخللتها تعثرات وتوقفات متكررة.

الحزام الأخضر مشروع بيئي رائد بنتائج عكسية:

بعد تتمة أشغال المرحلة الأولى من الحزام الأخضر ،ووضع الحواجز والأبواب، والسياج الحديدي للفصل بين التجزئات السكنية والمجال الغابوي. تم التخلي أو التغاضي على البرامج والعمليات الخاصة بتأهيل المجال الغابوي، ورسم المدارات الخاصة بالزوار .كما لم يتم تتبع بشكل مستدام ومسترسل معالجة البرك المائية للحد من الحشرات التي تنتشر على طول الحزام. والأهم من ذلك، لم يتم وضع برنامج واضح ومتكامل لتتبع المشروع ومواكبته من أجل تتمة التأهيل والمعالجة والترميمات اللازمة والحماية من التخريب. لهذا ،وبعد أقل من 3 سنوات على نهاية الأشغال بدأت عمليات إتلاف السياج والمداخل، وتلويث الفضاء ، والاستغلال الغير السليم للمجال، وانتشار المتلاشيات، والحشرات وحتى الحيوانات ،كالأبقار والخنازير البرية، مما حول المناطق المجاورة للحزام إلى بؤر ومناطق مهددة للسلامة والأمن العام . والأخطر من ذلك ،تم استغلال الفضاءات الغابوية المحادية للحزام كملاجئ سرية لمروجي المخدرات والمختلين عقليا والمتسكعين وحتى الفارين من العدالة، وبذلك صارت المناطق المجاورة تشكل تهديدا لسلامة الساكنة رغم التدخلات المتكررة لرجال الأمن والوقاية المدنية لتوقيف الجانحين أو إطفاء الحرائق على طول الشريط.

الحزام الأخضر والأهداف المرسومة:

إذا كانت الأهداف الأولية من مشروع الحزام الأخضر بالصويرة هي الحد من تمدد البنايات في اتجاه المجال الغابوي، والبدء في ترسيخ مشاريع التنمية المستدامة، وجعل الصويرة فضاء متميزا بمواصفات المدينة البيئية الهادئة،وتأهيل المشاريع البيئية والايكولوجية ، فقواقع الحال، والوقائع اليوم تؤكد عكس هذه الأهراف تماما، فالبناءات والتمدد الحاصل في التجزئات السكنية لم يتوقف بعد إطلاق مشاريع تجزئات جديدة جنوب الحزام منها تجزئة أركان وسيدي مكدول، مما أدى إلى مضاربات عقارية جديدة بالمنطقة. كما أن غياب التتبع والمعالجة والتأهيل أدت إلى خلق بؤر تلوث كبيرة باتت تهدد الساكنة على طول الشريط، إضافة إلى ما سبق ذكره، كاستغلال الحزام والمرافق المجاورة من طرف الجانحين لتهديد الساكنة وترويج واستهلاك الممنوعات . وبذلك يشكل الحزام الأخضر بالصويرة نموذجا حيا للمشاريع التي تؤشر على ضعف الحكامة الحلية، وسوء التدبير المجالي، لمدينة صنفت ضمن التراث الإنساني منذ 20 سنة.