قصيدة شعرية: لَنْ أَسْكُنَ الْمَعَاجِمَ

0
  • صالح لبريني (°)

وَهَا أَنَا أَحْمِلُ الْوَقْت

وَقَدْ تَخّفَفْتُ مِنّي

مِنْ عَتَادِ الْحَرْبِ كَجُنْدِيٍّ نَسِيَ الطّريقَ إلَيْه

وَالْتَحَفَ خَرابَ الْحَياة

تَنْهَرُنِي مَدَامِكُ الْحَيْرَة

وَتِلْكَ الْجِبَالُ تَسْهَرُ عَلَى رِعَايَةِ الْمَعْنَى

فِيمَا النّصُّ خَرَجَ عَنْ مَجْرَى الْأَشْيَاء

لَنْ أَسْكُنَ الْمَعَاجِمَ

وَأَقْتَفِي دَلَالَةَ النّشِيد

أنَا ابْنُ الْماء

أَشُقُّ خَرِيرَ الْمَجْرَى فِي نَايٍ يَنْمُو

فِي قَصَبِ الْأَرْض

كَيْ أَعْزِفَ أُغْنِيَاتي الْمُهَرّبَةَ

أَهَازِيجَ تَسِيلُ مِنْ حَنَاجِرِ السّبَايَا

فِي

ظَهِيرَة

النّسْيَان

وتَحْتَ الْجِسْرِ

تَعْبُرُ عَرَبَاتُ الْأَسْرَى مُثْقَلَةً بِوَجَعِ الْقُيُود

طَافِحَةً بِدَمِ الْأَنْفَاس

وَخُيُولٌ غَرِيبَةُ الصّهِيل

تَعْوِي فِي مَفَاوِزِ الْفَرَاغ

تَعْبُرُ ظِلَالُ السَّادَة كَئِيبَة

شَمْسَ الْحَاضِرُ كَلِيلَة

وَغُيُومُ الْآتِي فِي انْتِظَارِ الْعَاصِفَة

وَأَنا الْغَريبُ

أَعْبُرُ هَذِهِ الْأَرْضَ بِمَا تَبَقّى لي مِنَ الأُغْنِيَات

مِنَ الذِّكْرَيَاتِ الَّتِي نَسِيَتْ حَقْيبَتَهَا فِي دُولَابِ الْبَيْت

مِنْ رَوَائِحِ أُمِّي الّتِي تُرَبّي الصّبْرَ

تَحْمِلُ قِنْدِيلَهَا،تَطْرُدَ الْغِيَاب

وَتَكْتُمُ مِلْحَ الْأَلم

2

لَمْ يَصِلْ أَحَدٌ

فَدَعِي يَدِي تَرْتاحُ قَلِيلاً

عَلَى بَابِنَا الْكَبِير

وَظَهْرِي يَسْتَنِدُ عَلَى الْجِدَارِ

عَلّنِي

أُغَالِبُ عُزْلَةَ الْمَقَام

أَقْتَنِصُ بُرْهَةً مِنَ الْمَاضِي

وَأَكْنِسُ الْمَدَى بِنَظْرَةٍ غَرِيبَة

فَتَمّةَ شَمْسٌ غَائِرَةُ فِي السّفُوح

وَقَطِيعٌ مُثْقَلٌ بِأَنْفَاسِ النَّايِ الْحَارِقَة

وَأَوْبَةُ الْعُمَّالِ إِلَى بُيُوتِهِمْ فَارِغِينَ مِنَ الْفَرَح

فَدَعِي قَلْبِي عَلَى بِلَادٍ غَارِقَةٍ فِي السَّرَاب

إِنِّي أَخَافُ عَلَى الرَّبِيعِ مِنْ مَكِيدَةِ الْخَرِيف

وَعَلَى الْوَرْدِ مِنْ خِيَانَةِ الْأَرِيج

ــــــــــــــــــــــــــ

 (°) صالح لبريني شاعر وناقد مغربي، من أعماله: “تغريبة الناي”، “حانة المحو”، “الزنجي”، “تغريبة الناي”، إلى جانب العديد من الدراسات النقدية والشعرية

  • اللوحة للفنانة فادية عفاش