عن الطالب الباحث الذي ناقش أطروحة الدكتوراه مرتديا “بذلة عمال النظافة”

0
  • أحمد بيضي

لم تمر مناقشة عبدالله ويكمان لأطروحة نيل الدكتوراه، يوم السبت 20 مارس 2021، مثل باقي المناقشات المماثلة على مستوى جامعات المملكة، وذلك لقيام المعني بالأمر بعملية، غير مسبوقة، حملته ليخلق الحدث على مواقع الإعلام والتواصل الاجتماعي، بعد أن تقدم لمناقشة أطروحته، في مجال هندسة البيئة، برحاب كلية العلوم والتقنيات بجامعة السلطان مولاي سليمان، ببني ملال، وهو يرتدي بذلة عمال النظافة، تكريما منه لهذه الشريحة من العمال، وتقديرا لحماة نظافة البيئة بالمغرب والعالم.

الطالب الباحث، عبدالله ويكمان، المنحدر من بلدة تيغسالين بإقليم خنيفرة، حرص على الاهتمام بمجال البيئة منذ انخراطه في العمل الجمعوي، ونيله الإجازة، ثم الماستر الذي حصل عليه في النفايات الصلبة، بتنسيق بين كلية العلوم بمراكش وجامعة دارمشتات بألمانيا، ليختار موضوع أطروحته لنيل شهادة الدكتوراه في موضوع “التثمين الطاقي للنفايات المنزلية”، والتي تقدم لمناقشتها مرتديا بذلة عامل نظافة، ما كان مفاجئا للجميع، في حضور أساتذة جامعيين، ولم يكن يتوقع أن تهتز القاعة بالتصفيق لمبادرته المميزة والحاملة لدلالات عميقة.

ولم يكن اختياره لموضوع “التثمين الطاقي للنفايات المنزلية” عبثا، بالنظر لأهميته بالمغرب الذي كثف من اللقاءات والتظاهرات البيئية الطموحة، مع مختلف الجمعيات البيئية والشركاء والمتدخلين، لتحديث النماذج الجديدة والمشاريع المستعجلة الكفيلة بإنجاح تدبير وتثمين النفايات المنزلية والصلبة، انطلاقا من مقتضيات دستور 2011 حول “الحق في العيش في بيئة صحية لكافة المواطنين”، على خلفية الوعي بالتأثير السلبي لسوء تدبير النفايات على الصحة والبيئة وعلى مستقبل النشاط السوسيو-اقتصادي بشكل عام.

وبينما حصل على الدكتوراه، بميزة مشرف جدا، بعد تنويه اللجنة العلمية بقيمة ومضمون أطروحته، لم يكن الطالب الباحث، عبدالله ويكمان، يتوقع أن تكون “بذلة عامل النظافة” أقوى من “شهادة الدكتوراه”، حين عجت مواقع التواصل الاجتماعي “الفيسبوك” بصوره مرتديا هذه البذلة، لما تحمله من دلالات عميقة تنم بجلاء على سلوك العرفان وثقافة الاعتراف بعمال النظافة، وجهودهم اليومية في الحفاظ على البيئة، وكذلك كان هدف الطالب الباحث هو تغيير نظرة المجتمع، انطلاقا من الجامعة، تجاه مهنة هؤلاء العمال.

وفي تصريحات مختلفة للطالب الباحث/ الدكتور عبدالله ويكمان، بعد الإعلان عن حصوله على شهادة الدكتوراه، أنه فات له أن اشتغل في إحدى شركات النظافة، وله دراية بمعاناة عمال النظافة، لذلك عمد إلى التقدم لمناقشة أطروحته ببذلتهم لما لها من دلالات رمزية بخصوص دور عامل النظافة في الحياة اليومية، والذي كان من بين الصفوف الأمامية في زمن تفشي جائحة كورونا، وما يزال على لسان البعض ك “زبال أو مول الزبل”، رغم أنه هو “مول النظافة” وأن الزبال هو المواطن الذي يقذف بالأزبال والنفايات المنزلية في الأزقة والشوارع والأنهار..