الدار البيضاء – سطات.. تصميم إعداد التراب وسؤال الحكامة المجالية

0

داخل جهة الدار البيضاء ـ سطات، الرهان كبير على التصميم الجهوي لإعداد التراب ، ليمنح كبرى جهات المملكة أداة فضلى لتحديد اختياراتها الاستراتيجية في مجال التهيئة الجهوية، بكل أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والترابية .

فتحقيق تنمية منسجمة ومستدامة ودامجة، يعتبر تحديا كبيرا بالنسبة لجهة تعاني العديد من الاختلالات والفوارق المجالية بين الأقاليم والعمالات المكونة لهذه الجهة، بل حتى داخل الوحدات الترابية ذاتها، وهو ما يجعل التسريع بالخروج بتصميم ترابي جهوي، أمرا ملحا وضروريا لتنزيل أهداف أي مخطط تنموي على مستوى جهة الدار البيضاء سطات .

ويعـد التصميـم الجهـوي لإعـداد التـراب وثيقـة مرجعيـة تمكـن مـن بلـورة منظـور للتهيئـة المجاليـة وتحديـد توجهاتهـا عـلى مـدى 25 سـنة علـى صعيـد الجهـة. كمـا يضـع إطـارا عامـا للتنميـة الجهويـة المسـتدامة والمنسـجمة بالمجـالات الحضريـة والقرويـة، ومقترحـات مشـاريع ترابيـة ومهيكلـة.

ويرمـي إلى تنسـيق تدخلات كل مـن الدولـة والجماعـات الترابيـة والمسـتثمرين الخـواص، ومواكبـة اختياراتهـم الاستـراتيجية في مجـال التنميـة والتهيئـة، مـن خـلال القيــام باستشــارة واســعة أثنــاء إعــداده، وفــق توجهــات السياســة العامــة لإعــداد التــراب عـلى المسـتوى الوطنـي، وفي انسـجام مـع الاسـراتيجيات والبرامـج القطاعيـة العموميـة والتصاميـم القطاعيـة المنجـزة علـى الصعيـدين الجهـوي والوطنـي.

ويشكل التصميم إلى جانب برنامج التنمية الجهوية أداتان للتخطيط الجهوي على المديين المتوسط والبعيد، يتم إعدادهما بتشاور مع كافة الفاعلين المعنيين بهما.

ولضمان الالتقائية على المستوى الترابي، وبلورة رؤية تنموية متناسقة ومتجانسة واستشرافية يتم تجسيدها عبر برنامج عمل متوافق عليه جهويا، عهد مجلس جهة الدار البيضاء-سطات لأحد مكاتب الدراسات بمهمة القيام بالدراسة المناسبة من خلال القيام بعمل تشخيصي والتنسيق مع مختلف المتدخلين للخروج بتصميم جهوي لإعداد التراب يحظى بموافقة كل الأطراف المعنية من مجالس منتخبة وقطاعات وزارية ومجتمع مدني.

وتتوخى الدراسة المذكورة تمكين كافة الفاعلين الجهويين من رؤية مشتركة حول التحديات التي تعرفها الجهة، وتحديد الاختيارات الاستراتيجية وفق مقاربة تشاركية، وكذا آليات التنزيل، إلى جانب تحديد المجالات الأساسية التي ستكون حاضنة للمشاريع المهيكلة للجهة، مع وضع برنامج توقعي وواقعي لتدخلات الدولة والجهة على المدى المتوسط في ما يتعلق بالتجهيزات الأساسية.

وستتيح الدراسة،أيضا، وضع ميثاق جهوي للتهيئة والتنمية، يهم البرامج ذات الأولوية وكيفية إنجازها على المستوى المؤسساتي والمالي، وتدعيم تدخل الفاعلين المحليين في عملية إنجاز المشاريع المبرمجة من خلال التعاقد بين الدولة والجهة.

وتتوزع هذه الدراسة، التي حددت لها مدة إنجاز في 12 شهرا، على أربع مراحل، هي المرحلة التمهيدية وتتضمن التقرير التأسيس، ومرحلة التشخيص الترابي الاستراتيجي والاستشرافي، ثم مرحلة الرؤية التنموية والتوجهات الاستراتيجية ومجالات المشاريع، وأخيرا مرحلة مشروع التصميم الجهوي لإعداد التراب وكيفيات تنفيذه.

وأنهت الجهة مرحلة الورشات التشاورية الأولية التي تهم إعداد المرحلة الأولى من التشخيص الترابي الاستراتيجي، حيث مكنت هذه الورشات من تقديم النتائج الأولية للتشخيص، التي تهم المواضيع المحددة والمصادق عليها في التقرير التأسيسي.

وشملت تلك المواضيع التنمية الحضرية والقروية، والثقافة والتراث، والبنيات والتجهيزات الأساسية، ودراسة الوسط الطبيعي والبيئة، والتنمية البشرية والتشغيل والتكوين المهني، والفقر والفوارق المجالية، والتنافسية الترابية والنشاط الاقتصادية والاستثمار و تنمية الرقمي، والاستراتيجية المتروبولية، والجانب المؤسساتي.

فالغرض من هذه الدراسة، إذن، الخروج بخطة متكاملــة لإعــداد تــراب جهة الدار البيضاء -سطات، تمتد على 25 سنة، أي خطة استشــرافية للمستقبل، غايتها ترشــيد اســتغلال المجــال بكل موارده المتاحــة الطبيعية والبشرية، وإعادة التــوازن للشــبكة الحضريــة، وضبط إيقاع التمدن، والتقليص من الفجوات القائمة بين الأوساط الحضرية والقروية، مع تثمين المؤهلات الاقتصاديــة والاجتماعيــة والحضارية والبيئيــة والتكنولوجيــة بهذه الجهة.

وبعد هذه المرحلة التتشخيصية، والمرحلة التمهيدية التي سبقتها، وتم خلالها إنجاز التقرير التأسيسي الذي يحدد مجال الدراسة، والأهداف والمخرجات والمنهجية التي سيجري اعتمادها، ينتظر أن يتم عرض نتائج وخلاصات المرحلة الأولى على أنظار المجلس، قبل الانتقال إلى المرحلة الموالية الخاصة بالرؤية التنموية والتوجهات الاستراتيجية ومجالات المشاريع.

وبهذا الخصوص، أوضح نائب رئيس الجهة السيد عبد الحميد الجماهري أن إعداد تصميم للتهيئة الترابية الجهوية قلب « اتجاه التفاعل، فعوض اتجاه من الأعلى إلى الأسفل، أصبح من الأسفل إلى الأعلى، وهو بذلك مناسبة لنقاش هادئ ومتزن وغير متسرع، لكي تنطلق المعطيات من الجهات التي تحدد إشكالياتها الكبرى واولوياتها نحو المركز”.

وأضاف الجماهري، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه في إعداد هذا التصميم ” لا يمكن الاكتفاء بالتوجهات القطاعية المحصورة في انشغالات أهلها، بل بالعكس يجب على القطاعات الوزارية أن تمتح من نقاشات الجهوية الموجودة “.

وعليه، يتعين، برأيه، الانطلاق من أن جهة الدار البيضاء -سطات عامة ، والدار البيضاء خاصة ، لها من المؤهلات المتروبولتية / الحضرية ما يجعلها تفكر كذلك .

وأشار إلى أنه يمكن حصر الأولويات التي وضعها المخطط للتنمية الجهوية في أربع ، يهم المحور الأول الخاص ب النقل والتنقل، هيكلة التنقل في الجهة كلها، كخارطة موحدة متناغمة تربط المركز بهوامشه، في ما يسمى التعمير المستدام، ولا يقتصر فقط على استجابات استعجالية فرضتها هذه المعضلة الاجتماعية أو تلك ، غير أنه لاحظ ” أن هذه المخططات العمرانية إن وجدت فهي لا تحترم باعتبار أن الواقع يفيض عليها “.

وتابع أنها تشمل كذلك التشغيل، إذ تعتبر الدار البيضاء مشتلا للمهن والأنشطة، ومع ذلك فهي تعرف إفلاس العديد من مقاولاتها، ويمثل القطب الثالث فيها أي المالية والأبناك ، كل ما له علاقة بالوظائف المتروبولية ، إضافة إلى محور العالم القروي الذي يحتل حيزا هاما من الامتداد المجالي للجهة، سكانيا وجغرافيا، فكان من الضروري مناقشة كيفية استفادته من امتيازات الفضاء المتروبولي، وعليه لا بد من تنظيم العلاقة بين القروي والحضري ، وهنا تأتي أهمية الأقطاب المهيكلة أو المراكز الصاعدة .

وفي ما يخص الحكامة المتروبوليتية، شدد على أن هذه الحكامة ، ولا سيما ما يتعلق بالمخطط الإداري ( الهيكلة الادارية / الأوركانيكرام) لا يمكن اعتماد نموذج واحد لها في كل الجهات، متسائلا ” إن كان لا بد منها في تحديد أدوار الجهات والولايات والجماعات، فهل تصلح الهيكلة نفسها في كل جهة ؟ “.