“إن المملكة المغربية … تواصل بعزم …وإرساء دعائم مجتمع متضامن يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة ، وتكافؤ الفرص ،والعدالة الاجتماعية ، ومقومات العيش الكريم ، في نطاق التلازم بين حقوق وواجبات المواطنة ” الفقرة الأول من تصدير الدستور .
” تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية ، على تعبئة كل الوسائل المتاحة ، لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين ، على قدم المساواة ،من الحق في : …الحماية الاجتماعية … والسكن اللائق …” الفصل 31 .
الكرامة حق من حقوق الانسان
ليس الغرض من هذا التأطير الدستوري ، وفاعلان ، واحد مؤسساتي والآخر مدني ، يقفان على جحيم معاناة فئة من المواطنات والمواطنين، تعجز قواميس الكون عن وصفها ، بينما الأطر المرجعية الوطنية كما الدولية ذات الصلة المباشرة بحقوق الانسان تنتصر لكرامة الجميع .
آلية الرصد التي فعلها الشريكان ليلة الجمعة 29 نونبر وقفا من خلالها على الوضعية الصعبة التي يعيش فيها أشخاص في وضعية الشارع . وضعية ستتفاقم أكثر ونحن على مشارف فصل الشتاء الذي نتوجه لله سبحانه بأن يكون ممطرا بالقدر الكافي بعد السنوات العجاف التي عاشتها بلادنا في السنوات الأخيرة . فكيف ستقاوم هذه الفئة من المواطنات والمواطنين من مختلف الأعمار، الأمطار المنتظرة ، والهبوط الكبير في درجات الحرارة كما عودنا على ذلك مناخ وزان رغم ما لحقه من تغيرات ، وهم في وضعية لا يحسدون عليها … يفترشون الأرض ،ويلتحفون السماء ،ويتوسدون عتبات المنازل والمتاجر ، وبأمعاء يعتصرها ألم الجوع ، وأوجاع تزلزل كل تضاريس الجسد العضوي فيه والنفسي ؟
مبادرة مُواطنة تحسب للمديرية الإقليمية للتعاون الوطني وشريكها المدني ، حركة الطفولة الشعبية ، وتدخل هذه المبادرة في إطار تفعيل مخرجات اللقاء المشترك الذي سبق وجمعهما حول نفس المائدة ، حيث انصب التفكير على تنظيم فعاليات مشتركة تمتح من الفصل 12 بالدستور التي جاء بفقرتها الثالثة ” تساهم الجمعيات المهتمة بقضايا الشأن العام ، والمنظمات غير الحكومية ، في إعداد قرارات ومشاريع لدى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية ، وكذا في تقييمها ….”.
جولة ليلة 29 نونبر حدد الشريكان اطارها والهدف من اطلاقها في الرصد ،لأن من رأى ليس كمن سمع . الخطوة الثانية بعد عملية مسح “النقط السوداء” سيتم فيها الانتقال وبتنسيق مع مختلف المتدخلين ، مؤسساتيين ومدنيين لصياغة الأجوبة الممكنة عن كل حالة من الحالات التي تم رصدها ، انتهاء بتعبئة كل الوسائل والامكانيات اللازمة لحماية هذه الفئة من المواطنات والمواطنين الذين لهذا السبب أو ذاك لم يجدوا غير الشارع بكل قسوته المناخية والاجتماعية يوفر لهم/ن السكن، ولكن غير اللائق ،وهو ما يتعارض مع الحق في العيش بكرامة .
خلاصة القول
أجراس البرد القارس والزخات المطرية القوية قد دقت ، و الوضعية الصعبة التي يكتوي بألسنة لهيبها الأشخاص الذين تم رصد زوايا المدينة حيث يتواجدون ، تستدعي التعجيل بتفعيل آلية الوقاية لحمايتهم/ن من موت محقق ، على أن تبادر المديرية الإقليمية للتعاون الوطني مستقبلا بتنظيم مائدة مستديرة بمساهمة كل الشركاء والمتدخلين ، للتفكير العميق و المواطن في الأسباب التي تجعل العديد من الأشخاص ، بغض النظر عن أعمارهم وجنسهم “يتخذون” من الفضاءات العمومية بدار الضمانة مآويهم. الوقوف على هذه الأسباب، وسلة التوصيات التي ستتمخض عن المقاربة التشاركية في التعاطي مع الموضوع ، لاشك بأنها من الزاوية الحقوقية والخدماتية ستكون بردا وسلاما على هذه الفئة الهشة على أكثر من مستوى.