عرفت مدينة بنسليمان خلال الأشهر الأخيرة قيام السلطات المحلية وعلى رأسها باشا المدينة والأجهزة الأمنية المعنية بمجهودات كبيرة لمحاربة كل مظاهر الفوضى والعشوائية التي تتخبط فيها “المدينة الخضراء” منذ عدة سنوات، من خلال القيام بحملات واسعة ومتواصلة لتحرير الملك العام والتي أسفرت عن تحرير العديد من الفضاءات والأماكن العمومية من الاستغلال البشع لها، من طرف الباعة الجائلين سواء الفراشة أو أصحاب العربات المجرورة وكذا من طرف أصحاب المحلات التجارية والمقاهي التي تستبيح الملك العام لمزاولة نشاطها التجاري و الخدماتي دون وجه حق.
وطالت هذه الحملة أصحاب الكوتشيات المخالفين للقانون من طرف رجال الأمن الوطني، من خلال مطاردة القاصرين الذين يتولون سياقتها، وتحرير محاضر في حق تجاوزات أصحابها في مجال السير والجولان، مما يتسبب في العديد من حوادث السير، وتبقى هذه الحملة محتشمة، وذلك بالنظر إلى البلطجة والفوضى التي يحدثها سائقو الكوتشيات، دون احترام المواطنين ودون احترام حركة السير والجولان.
وقد استحسن البعض هذه الحملات التي تقوم بها السلطات المحلية ( باشا المدينة، رؤساء المقاطعات الحضرية ومساعديهم، أعوان السلطة، الأجهزة الأمنية…) لمحاربة استغلال الملك العام، خاصة بشارع الحسن الثاني وبعض الأزقة المتفرعة عنه، مما ساهم في تيسير حركة التنقل والسير والتقليل من الفوضى والعشوائية به، ويأمل البعض في أن تمتد هذه الحملات لكل الشوارع والأحياء ولا تقتصر على واجهة المدينة لإضفاء طابع التمدن على “إفران الشاوية”، بعد أن تم شويه جماليتها وتم إغراقها في العشوائية وسط الأزبال والنفايات بسبب التهميش والإهمال الذي طالها طيلة السنين الأخيرة.
وتبقى حملات تحرير الملك العام حسب بعض المتتبعين للشأن المحلي دون جدوى، إذا لم تتضافر جهود الكل من مسؤولين ومنتخبين، لمحاربة بعض المظاهر والنقط السوداء التي تعرقل المجهودات المبذولة للرقي والنهوض بأوضاع المدينة، ومن بينها:
عدم الاهتمام بالمساحات الخضراء التي تحولت إلى فضاءات قاحلة يشوه منظرها المكان، نتيجة عدم صيانة ممتلكاتها وسقي أغراسها، حيث أصبح بعضها عبارة عن باركينغ لركن السيارات، مثل ما يحدث بالفضاء الأخضر المقابل للمقاطعة الحضرية الأولى، نفس الشيء يمكن أن يقال عن باقي المساحات الخضراء التي توجد بالمدينة، بما فيها تلك المتواجدة على طول شارع الحسن الثاني والتي ذبلت ويبست أغراسها.
ومن بين المظاهر العشوائية التي تتخبط فيها المدينة، نجد ما تخلفه شاحنات المقالع الكبيرة من أضرار عند مرورها وسط المدينة بتدميرها للطرقات وللبنية التحتية وما تحدثه من عرقلة للسير والجولان ومن إزعاج للساكنة بسبب منبهاتها وضجيجها ومن تشويه لبعض الأماكن التي يتم ركنها فيها.
بالإضافة إلى مشكل استغلال سيارات الأجرة الكبيرة للشارع الرئيسي والتي تعرقل حركة السير وتشوه منظر المدينة، علما أنه تم إحداث محطة للطاكسيات بالقرب من المديرية الإقليمية للفلاحة، بجانب الطريق المؤدية لضريح سيدي امحمد بن سليمان، فكان على المسؤولين تنقيل تلك السيارات إلى المكان المخصص لها، للتخفيف من الضغط الذي يشهده شارع الحسن الثاني، كما أن عدم إيجاد حل للسوق البلدي ( المارشي) وعدم إصلاحه وصيانته أو تنقيل التجار إلى البناية التي تم تشييدها بالقرب من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، لا زال يشكل نقطة سوداء وسط المدينة بسبب الأوساخ والأزبال والروائح المنبعثة من سوق السمك ومحلات بيع الدجاج.
أما البقعة الأرضية التي كان يقام فيها السوق الأسبوعي قديما ( أربعاء بنسليمان) والتي هي مخصصة لإقامة تجزئة سكنية بها، ما زالت لحد الآن أرضا خلاء عارية رغم مرور حوالي 20 سنة على تنقيل السوق الأسبوعي خارج المدينة، مما جعلها تتحول إلى مكان ٱمن للمنحرفين للقيام بأفعالهم الإجرامية، تراكمت فيها الأزبال والنفايات بشكل فضيع، في منظر مشوه بسبب انتشار مساكن ومحلات عشوائية، واستغلها سائقو شاحنات المقالع كمحطة لتوقف وركن الشاحنات، مما يتطلب من المسؤولين إيجاد حل لهذا المشكل الذي أزعج ونغص حياة الساكنة المجاورة.
ولا يمكن لأي أحد أن ينكر تحرك السلطات المحلية والأجهزة الأمنية مؤخرا والمجهودات المبذولة في تحرير الملك العمومي ومحاولة محاربة الفوضى والعشوائية بها، ولكن تبقى هذه الحملات غير ذات جدوى في غياب وضع برنامج تنموي شامل لتأهيل وتنمية المدينة، يراعي خصوصية المدينة على المستوى البيئي والاقتصادي والاجتماعي