محمد كدوري …وداعا أيها الأسد

0

عبد السلام المساوي
وداعا أيها الأسد …وداعا أيها الأب …
وداعا أيها الأسد …وداعا أيها ( البركاني ) ، ” بركاني ” بمكارم أخلاقك ، وبشهامتك وشجاعتك وحنيتك …
أعلم أنك قد اختفيت لكنك لم تمت…
الرجل المهاب….المروءة هي هي العنوان والشموخ سيد الميدان…
الآن ترحل ….فجأة ترحل ….هل تعبت ؟! انت طلقت التعب يوم ولدت …أنت لم تشك التعب أبدا …ترحل وتترك كريمة
ترحل وتترك نور الدين وحسن ويحيى
ترحل وتترك نادية وحنان
ترحل وتترك خولة ومعاذ
ترحل وتترك أهلك ، إخوانك ( ابراهيم وميمون ولحسن وعميتو …) …تائهبن حائرين …الصدمة كبيرة والفاجعة اكبر…
الرجال لا يموتون …العظماء لا يموتون…
نعم لم تمت ولكن ساهمت في اقتلاع الموت من نفوسنا… .
لما نطقت ..لما بدأت الكلام ؛ قلت ” لا ” …لا والمهانة…لا للذل والهوان …..لا للعار والخذلان …لا للنفاق والكتمان …لا للخيانة والنسيان …
قلت لا للموت …امثالك لا يموتون …احياء في التاريخ بل التاريخ حي بهم
ترحل بيولوجيا لتفرض حضورا اقوى …فانت الحضور ، بالأمس واليوم وغدا …
وجودك كان له معنى …لم تأت إلى هذا العالم زائرا …لم تكن مؤقتا …بل أتيت فاعلا وخالدا …انك أب..انك رجل أصيل …
اعلم انك اختفيت ولكنك لم تمت
هل نبكيك ؟! وهل البكاء قادر على إطفاء النار التي اشتعل لهيبها في كياننا لحظة علمنا بخبر رحيلك عنا ….لا …لن نبكي لانك لم تنته بل بدأت …كنت البداية دائما …ستستمر …ستخلد…ستستمر في أولادك وبناتك ، في أحفادك وحفيداتك…
اليوم يتعطل البكاء … لا نودعك ونبكيك ، بل نقدر ونعتبر الخسارة الكبرى التي لحقت كريمة ….
اعرف انك قد اختفيت ولكنك لم تمت
نعم لم ولن تموت …تغنيت بالحياة …تغنيت وعلمتها لكريمة اغنية حلوة وجميلة….
اعلم انك اختفيت لكنك لم تمت
مسار مكتوب بالجد والعمل…. لكنه موشوم بالعزيمة
القوية …موشوم بالصمود والصلابة…
اعلم انك قد اختفيت لكنك لم تمت
تاريخ غني وحي ….مسار شاق وعسير ….أنت أب عظيم
كلمة واحدة في حقك أيها الرجل واصير ملقحا ضد كل نزلات الخيانة والانحراف…فالرجل انت والصدق فيك …والنبل ولد معك…انك مغربي مخلص …انك بركاني اصيل…
اعلم انك قد اختفيت لكنك لم تمت
“ما هموني غير رجال الا ضاعوا ….” لا ثم مليون لا ، الرجال لا يضيعون …الرجال لا يموتون …
واخيرا ترحل ، ترحل عنا ، ترحل فجأة …لن نبكيك …فانت علمتنا الامل والتفاؤل….علمتنا كيف نحيا …علمتنا الصمود والكبرياء لنعيش ” منتصبي القامة مرفوعي الهامة “…
نم مطمئنا يا كدوري …
لقد حدث ما كان حتما سيحدث …وما كان مأمولا أن يتأخر حدوثه…حدث أليوم ، أن جسد محمد كدوري ، افرغ اخر ما استطاع من نفس ، ليسلم انفاس الانسان العزيز لفضاءات التاريخ الرحبة والعطرة بأريج انبعاث النيات المخصبة لمشاتل ، تولد الشمس في مستقبل التاريخ….
أعلم أنك قد اختفيت لكنك لم تمت …
كريمة تبكي …
نادية تبكي…
حنان تبكي…
نور الدين يبكي
حسن يبكي
يحيى يبكي
أعمامهم وعماتهم يبكون عزيزهم …يبكون حبيبهم …يبكون رجلا رضع المروءة والكرامة في معبد الشجعان …
كان كريما ومات كريما…
كان رجلا …أصيلا متأصلا…
السلام عليك يوم ولدت …والسلام عليك يوم رحلت …والسلام عليك يوم تبعث حيا نظييفا…
ومات محمد كدوري …وتيتمت كريمة ..
كنت معنا دومًا وستظل معنا دائمًا.
لن نتركك تغادر، فأنت في بؤرة وجودنا.
لا أريد أن أتذكر،
لأنني لا أريد أن أنسى
ولا أريد أن أنسى
لأن الوجود أبقى
حتى في الغياب.
أب كريمة صنو وجود متعدد
وجود في الأعماق
وجود في الأماكن
وجود في الساحات
الضيقة والفسيحة
لن أقول وداعًا أب كريمة
لأنك لا تودع
أنت ترحب دومًا
أنت لا تودع أبدًا
أنت باق هنا جد خولة
أنت في بؤرة وجودنا
جميعًا
في قلب كل أخ
في قلب كل صديق
وفي قلب كل حبيب
أنت باق أخ عمو ابراهيم وعمو ميمون وعميتو
كبيرًا
كما كنت كبيرًا
شهما كما كنت
مخلصًا كما كنت
ولم تبرح
أنت هنا
وانت اليوم لم تفعل الا أن حلقت الى مثواك في البراري المزهرة لذاكرة الوطن ، وهي التي تصون ، برفق وفرح ، حيوات أمثالك من مولدي التدفق في المجرى العظيم للأمل في أوصال وطن يقاوم الارتداد ويراوغ المطبات …ويمضي بهدوء وثبات وبعزم نحو الامتلاء بالكرامة لمواطنيه…
محمد كدوري ممتد في المشترك المديد والعميق بيننا…
محمد كدوري..كريمة سيحفظ لها التاريخ أنها كانت بنتا مرضية …لذلك لن تذهب بعيدا تحت التراب ، لأنك ستذهب بعيدا فوق التراب …
أنت وفريد …ذكراكما ستزهر وتولد أبدا نفحات النجاح لآل قدوري …