تخليدا للذكرى 66 لتأسيس مؤسسة “التعاون الوطني” من طرف الملك الراحل محمد الخامس، في يوم 27 أبريل من عام 1957، نظمت المندوبية الإقليمية للتعاون الوطني، بخنيفرة، بعد زوال يوم الثلاثاء 23 ماي 2023، بالمركز الاجتماعي للقرب (دار المواطن)، حفلا بهيجا شمل معرضا للتعريف بمنتجات المندوبية وخدماتها الاجتماعية، ولوحات فنية ومسرحية، وعرضا لأزياء مراكز التربية والتكوين التابعة للمؤسسة، إضافة لوصلات موسيقية وفنية وفولكلورية من التراث الأمازيغي المحلي، فضلا عن تتويج فريق كروي من مؤسسة للرعاية الاجتماعية، وتكريم رؤساء جمعيات شريكة وخريجات مراكز تابعة للمؤسسة.
وفي حضور لافت ومتميز بهذا الحفل الذي يعد تقليدا سنويا، على غرار باقي الجهات والأقاليم، والذي سجل حضور منتخبين ومسؤولين بالسلطة المحلية والأمنية، ومندوبين للقطاع من جهة بني ملال خنيفرة، وفاعلين في جمعيات المجتمع المدني ومتتبعين للشأن المحلي، وشركاء ومتدخلين، تمت زيارة المعرض المفتوح الذي اطلع فيه الجميع على الخدمات التي يقدمها التعاون الوطني، والبرامج الموجهة والمواكِبة للأشخاص في وضعية إعاقة والمسنين، والمبادرات الممنهجة في تشجيع المشاريع المدرة للدخـل والتمكين الاقتصادي للنساء، وآليات المساعدة الاجتماعية وحماية الطفولة، واستراتيجيات الدعم والمساعدة المقدمة للشرائح الاجتماعية في وضعية هشاشة.
كما اطلع الجميع بأروقة المعرض على منتجات مراكز التربية والتكوين التابعة لمندوبية التعاون الوطني بخنيفرة، وتتضمن عدة صناعات تقليدية وفنون وإبداعات مجالية، تشمل الخياطة والأزياء والطرز الرباطي والفاسي والحلويات والرسم على الزجاج، قبل التحاق الجميع بالقاعة المزينة بصور الملك الراحل محمد الخامس، المؤسس لمؤسسة التعاون الوطني، حيث افتتحت فقرات الحفل، المسير من طرف المنشد سليمان بوستة، بلوحة من الأطفال الحاملين للأعلام الوطنية، ثم بقراءة لآيات من القرآن الكريم مصحوبة بلغة الإشارة، في سابقة فريدة من نوعها، دون أن يفوت المسير إبراز ما يقدمه التعاون الوطني على مدى 66 سنة من عمره الميداني.
وافتتح الحفل بكلمة للمندوب الإقليمي للتعاون الوطني بخنيفرة، رشيد القرشي، وضع من خلالها الحضور في صلب المناسبة، ومستعرضا تعدد الخدمات الاجتماعية التي تقدمها المؤسسة، والتحديات المفروضة عليها في سبيل مواصلة برامجها وتدخلاتها، وتحقيق إنجازاتها الكبرى ومهامها الأساسية في محاربة الهشاشة والإقصاء الاجتماعي، وفي ملاءمة خطط عملها مع ما تتطلبه كل مرحلة من تحديث وتجديد خدمة الفئات المعنية بمجالات تدخلها عبر العمل الميداني والتفاعل مع التطورات ومنهجيات الحكامة، كما ذكر المندوب الإقليمي بأوراش المبادرة الوطنية للتنمية البشرية باعتبارها قاطرة قوية ساعدت القطاع على حمل برنامج مكافحة الهشاشة.
ومن جهته، انطلق المنسق الجهوي للتعاون الوطني، رشيد العلالي، من إشارته لموقع تاريخ مؤسسة التعاون الوطني ضمن ما عرفته البلاد من هيئات إنسانية ومؤسسات للرعاية الاجتماعية التي لا تقل عن مؤسسة محمد الخامس للتضامن، فيما استعرض حضور مؤسسة التعاون الوطني في كل الطوارئ والمواقف والأوراش الوطنية، معلقا بقوله: “إذا كان عمر المؤسسة ال 66 سنة يلمح لسن التقاعد، فهذه المؤسسة لا تزداد إلا تجددا وتطورا وانخراطا في عصر الرقمنة والبيداغوجيا”، بينما لم يفته التذكير بما قامت به مؤسسة التعاون الوطني من أدوار ميدانية ومجهودات وطنية ووسائل تعبوية شاملة خلال جائحة كورونا.
وبينما تميزت فقرات الحفل بتقدم الطالبة “شيماء” بصورة للملك الراحل محمد الخامس من إبداع ريشتها، أبرزت هذه الطالبة مدى تحديها للإعاقة السمعية بغاية التفوق في دراستها الجامعية بالمدرسة العليا للتكنولوجيا بخنيفرة، مع إشارتها للمساعدات التي استفادت منها لتطوير أعمالها التشكيلية، شاركت بعدها “جمعية دار الأمان” بلوحة فنية من تقديم أطفالها، عبارة عن رقصة جميلة على نغمات أغنية “بعدل الله” للفنان حمود الخضر، ثم تقديم أزياء من منتوجات مراكز التربية والتكوين، شملت أزياء مختلفة باختلاف المناطق المغربية، قبل فاصل تتويج فريق للكرة الطائرة تأهل لنهاية البطولة الوطنية الرياضية 47 لألعاب مؤسسات ومراكز الرعاية الاجتماعية.
وبينما تخللت الحفل وصلات فولكلورية وغنائية من التراث الأمازيغي، تم تسليم شهادات وتذكارات على ثلاثة رؤساء جمعيات شريكة، تقدموا بكلمات حول ما قدمته لهم مؤسسة التعاون الوطني، وهي “جمعية تسيير المركز الاجتماعي للقرب”، في شخص نعيمة أمكلول، و”جمعة دار الأمان للإعاقة والتربية ما قبل المدرسية” و”جمعية تدبير مركز تأهيل وإدماج الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة”، في شخص ماجدة الهكاوي، ثم “جمعية تيغزى أطلس للتنمية”، في شخص محمد آيت خويا، قبل فقرة توزيع شهادات تقديرية على خريجات مراكز التربية والتكوين التابعة للتعاون الوطني، والأطر العاملة بالقطاع، نظير مساهماتهم في خدمة العمل الاجتماعي والفئات الهشة.
وتم تتويج الحفل بمسرحية من أداء مستفيدات ومستفيدي “مركز تأهيل وإدماج الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة”، تحت عنوان: “اليتيم”، والتي تفاعل معها جمهور الحضور بتأثر عميق وتصفيق حار، حيث جرى تشخيصها بصمت مع حكي بالصوت وسرد بالشاشة الضوئية، وتحكي قصة طفل اسمه (ريان) توفيت والدته بعد مرض مزمن، وقرر والده الزواج بامرأة أخرى أنجبت له طفلا، فأخذت الأخيرة في معاملة الطفل (ريان) بقسوة وكراهية شديدتين، ولما توفي الوالد إثر نوبة قلبية، صار الابن يتيم الأبوين قبل إقدام “زوجة أبيه” على طرده من البيت، ولحسن حظه تمكن مركز للرعاية الاجتماعية من رصد حالته وانتشاله من وضعية الشارع وتأمين تمدرسه.
وطيلة نزوله بالمركز التابع لمؤسسة التعاون الوطني، لم يتخلف الإبن (ريان) عن التمسك بطموحه وبسيـره فـي درب النجاح، وعن تفوقه المفضي لضمان مستقبله، إلى أن أصبح، بعد عقدين من الزمن، من أشهر أطباء جراحة الدماغ، وتشاء دوامة الزمن أن تأتي له بزوجة أبيه بعدما أصيبت بورم خبيث ونصحها بعض الأطباء بزيارة الطبيب (ريان) الذي تكلف بإجراء عملية جراحية لها دون أن يكشف لها عن هويته، ولما علمت بأنه هو ابن زوجها، بكت كثيرا وهوت على ركبتيها طالبة الغفران بين قدميه، ولم يكن منه غير التعامل معها بروح من التسامح، راجيا من الله أن يغفر لها ما فعلته به.