لقاء تواصلي بخنيفرة حول مشروع لحماية القرد ماكو (مكاك) وسمك التروتة (لاترويت) من الانقراض

0
  • أحمد بيضي
نظمت “جمعية ألب أطلس المغرب”، بشراكة مع “الوكالة الوطنية للمياه والغابات”، بخنيفرة، لقاءً تواصلياً، يوم الثلاثاء 7 مارس 2023، لإعطاء انطلاقة “مشروع حماية قرد ماكو (مكاك) وسمك التروتة فاريو”، الممول من طرف “برنامج المنح الصغرى لهيئات المجتمع المدني بشمال إفريقيا”، التابع للمنظمة الدولية لصون الطبيعة وشركائها، عبر تعبئة الفاعلين المحليين وإنعاش السياحة الإيكولوجية بالمنتزه الوطني لخنيفرة.
اللقاء التواصلي الذي احتضنه “المركز الثقافي أبو القاسم الزياني”، وعرف حضوراً نوعياً من المهتمين بالطبيعة والبيئة، والمشتغلين في الميدان الغابوي، ومن الفاعلين الجمعويين، افتتح بندوة من تأطير باحثين جامعيين وجمعويين، ومسؤولين بالمنتزه الوطني (ذ. حسن بلحسن، ذ. محمد خافو، ذ. حسن عبا، ذ. عباس المامون) تفاعل الحضور مع مداخلاتهم من خلال نقاشات غنية أفضت إلى الخروج بخلاصات وتوصيات.
انطلقت أشغال اللقاء بكلمة رئيسة “جمعية ألب أطلس المغرب”، ذة. نادية عمار، التي أبرزت فيها أهمية المشروع بإقليم كخنيفرة يعد من أهم المناطق الرطبة، وجعله قبلة عالمية للرياضات المائية، ومدى مساهمة هذا المشروع في ضمان ثقافة الحفاظ على البيئة، فيما ربطته ذة. عمار بالرهان على استقرار عيش ساكنة الجبل والرفع من المرشدين السياحيين، في أفق الاشتغال على مشاريع أخرى مع المياه والغابات.
من جهته، انطلق مدير المنتزه الوطني بخنيفرة، ذ. حسن بلحسن، من الاستراتيجية الغابوية الجديدة: “غابات المغرب 2020-2030″، والتي تشكل نقطة تحول مهمة في تدبير الغابات بالمغرب، وفي إطارها يجري إشراك الجمعيات في حماية المجال، ومتوقفا أكثر بالحديث عن القرد مكاك وسمك التروتة (لاترويت) المتواجد بواد أم الربيع وواد اشبوكة، وما تتطلبه هذه الأنواع السمكية من أدوار فاعلة في حمايتها من الأخطار التي تهدد وجودها.
كما انتقل المتدخل لاستعراض أهمية المنتزه الوطني بخنيفرة في التدبير المستدام للثروات الطبيعية وإنعاش السياحة الإيكولوجية، وحماية البيئة والتنوع البيولوجي، فيما لم يفته التفصيل في إبراز جغرافية وخصوصيات المنتزه، وتميزه بمساحة 32 ألف من شجر الأرز، وبمؤهلات طبيعية وبحيرات كثيرة، و897 نوعا من النباتات، و209 نوعا من الطيور، و7 أنواع من البرمائيات، و30 نوعا من الزواحف و41 نوعا من الثدييات.
وعلاقة بالموضوع، أبرز ذ. بلحسن مساهمة المنتزه في العمل على إدماج السكان المحليين وإشراكهم في عملية التنمية المحلية، وفي الاهتمام بالمواقع ذات الطابع الأثري والتاريخي، والصناعات التقليدية والموروثات الشفهية والمسارات السياحية والرساميل البشرية، وكذا في تثمين الأعشاب النادرة والطبية، فيما أبرز حجم التدخلات للحد من التهديدات التي قد يتعرض لها المجال الغابوي، وما يقوم به المنتزه من أنشطة تحسيسية.
أما الباحث الجامعي ذ. محمد خافو فاختار عرضه حول القرد مكاك أو ماكو (زعطوط)، بوصفه من الأنواع الحيوانية النادرة في العالم، ومن الثروات البيولوجية لمنطقة الأطلس المتوسط، حيث ركز المتدخل على ظروف عيش هذا الكائن الحيواني، وحياته وتوزعه الجغرافي، والسبل الضرورية لحمايته من الانقراض، فيما لم يفت ذ. خافو إبراز محاولات الباحثين لتجميع ما يمكن من المعطيات الدقيقة حول الكائن المذكور.
وفي ذات السياق، شرح المتدخل ما يتعلق بحياة القرد مكاك، وظروف استيطانه بين الغابة والجرف، والفترات التي يتم فيها التزاوج والتوالد في عالمه، ونظامه الغذائي المتكون من النباتات والفواكه والبذور وأوراق الشجر، والفطريات واللافقاريات والسحالي والحلازين، ومن هنا أشار المتدخل لبعض الأطعمة الذي يلقيها الناس للقردة ببعض المواقع السياحية دونما وعي بما يحدثه ذلك من أثر سلبي على صحة وحياة هذه القردة.
وبدوره، تناول الباحث الجامعي ذ. حسن عبا، موضوع سمك التروتة (لاترويت)، والضرورة الملحة لحماية نوعه النادر من الانقراض، والسبل الناجعة والتقنية لضمان استمرارية ثروتها وتدبيرها بالطرق العلمية، حيث توقف المتدخل كثيرا حول الشروط المرتبطة بجودة الماء وبما يوفر لهذا النوع من السمك العيش البيئي الآمن والسليم، وبالموطن المناسب لتوالده، مقابل إشارة المتدخل للتهديدات التي يتعرض لها هذا النوع من الأسماك.
كما تناول ذ. حسن عبا، إشكالية انخفاض عمق وعرض الماء، وأثر ذلك على حياة وسلامة وبيئة سمك التروتة، فيما تحدث عن التدخل البشري السلبي وضرورة تفعيل ما تنص عليه القوانين المرتبطة بنظام حماية الثروة السمكية، دون أن يفوت المتدخل التطرق لأعمال التهيئة الواجب القيام بها وفق ما يتماشى ونظام الطبيعة والتغيرات المفروضة على الأحوال المائية، بينما أشار لحياة سمك التروتة بين جريان الماء وركوده.
ذلك قبل ذ. عباس المامون الذي انطلق في مداخلته من الإعلان عن تحضيرات جامعته المغربية لإحداث مركز إفريقي بخنيفرة للرياضات المائية (الكاياك والرافتينك)، مع مشروع جاهز ينتظر توقيع مصالح المياه والغابات على اتفاقية شراكة بشأنه، فيما أعرب عن اعتزازه بما يتوفر عليه المغرب من أبطال في الرياضات المائية، ومشيرا لوجود أزيد من 700 شخص مرخص لهم بمزاولة هذه الرياضات والمشاركة بها في المنافسات الوطنية والدولية.
وارتباطا بالموضوع، أشار لحاجة وادي أم الربيع لتهيئة مناسبة ولائقة بتنظيم المنافسات الدولية في الرياضات المائية، كما أشار لجوانب أخرى من قبيل المرشدين السياحيين والقوانين المؤطرة لهم بقصد الحيلولة دون ما يفتح المجال للدخلاء ومنتحلي الصفة، فضلا عن تناوله ما يتعلق بالتكوينات التي تم القيام بها بغاية توسيع قاعدة الممارسين للرياضات المائية، على اعتبار كون طبيعة إقليم خنيفرة سياحية أكثر ما هي اقتصادية.
ومن أهم التوصيات التي أفضت إليها نقاشات اللقاء التواصلي، اتخاذ ما يمكن من الإجراءات لحماية القرد ماكو، والمحافظة على عيشه وطبيعته وموطنه، وكذا صون بيئة سمك التروتة، والتحسيس بأهمية تهيئة نهري أم الربيع وواد شبوكة، وإشراك الفعاليات الجمعوية والمؤسسات التعليمية في النهوض بالسياحة البيئية والرياضات المائية، وتقوية التواصل مع المنتزه الوطني لخنيفرة، إلى غيرها من التوصيات التي تصب في اتجاه المشروع.