دورة تكوينية بجهة بني ملال خنيفرة حول مواثيق حقوق السجناء ومنهجية زيارة السجون

0
  • بني ملال: أحمد بيضي

في إطار برنامجها المسطر لسنة 2022، نظمت “اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان”، لجهة بني ملال خنيفرة، يوم السبت 26 نونبر 2022، دورة تكوينية في موضوع “زيارة المؤسسات السجنية”، استفاد منها عدة أفراد، بينهم أعضاء باللجنة الجهوية ومنتمون لحقل القضاء والمحاماة والإعلام وجمعيات المجتمع المدني، حيث تم تقديم أهداف هذه الدورة ومنهجية اشتغالها، قبل عرض محاورها التي تناولت “الإطار المعياري الدولي لحماية حقوق السجناء – المبادئ الأساسية والقواعد النموذجية لمعاملة السجناء”، “الاطار المعياري الوطني: القانون رقم 98/ 23 المتعلق بتسيير المؤسسات السجنية”، ثم “منهجية زيارة المؤسسات السجنية”.

من جهته، استعرض الإطار بإدارة اللجنة الجهوية، رفيق ناجي، ضمن تفاصيل مداخلته، مختلف القواعد والمواثيق والعهود والاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق السجناء، انطلاقا من ميثاق الأمم المتحدة، ثم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وقواعد بانكوك وقواعد نيلسون مانديلا، ثم قواعد بيكين، فيما استعرض المبادئ 11 الأساسية كقواعد نموذجية للترافع عليها من طرف المجتمع الحقوقي والمدني، وغيرها من المواثيق والاتفاقيات التي جاءت من أجل حماية حقوق السجناء، بينما لم تغب عن المتدخل الإشارة لتقرير “أزمة السجون: مسؤولية مشتركة – 100 توصية” الذي أصدره المجلس الوطني لحقوق الإنسان.

أما ممثل المديرية الجهوية للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، ببني ملال، عبدالحق بوناني، فانطلق من الإطار المنظم لتسيير المؤسسات السجنية والقواعد النموذجية لمعاملة السجناء، ليركز أكثر على الضوابط والأدوار المنصوص عليها في قانون 23/ 98، بتأكيده على ضرورة تجاوز النظرة التي كانت تختزل المؤسسات السجنية في الجانب الردعي والانتقامي إلى اعتبارها مجالاً إصلاحيًّا وتربويًّا، مشيرا لخبراء مجال علم الاجرام الذين لم يعثروا على أية وسيلة للعقوبة خارج مكان السجن باعتباره بالغ الأهمية بالنسبة للأمن الإنساني والعام، قبل استعراض ذات المتدخل لما نص عليه الدستور المغربي من ضمانات وحقوق ومعاملات إنسانية بالنسبة للسجين.

ولم يفت بوناني الإشارة ل “دليل السجين” الذي أصدرته “المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج” بكل اللغات العالمية، ولتقريري “تهييء الادماج” و”مبدأ الكرامة”، كما استعرض ما تعرفه هذه المؤسسات من مشاركات السجين في الحياة الثقافية والمسابقات الإبداعية والأعمال الفنية، مع عرض عدد من إبداعات هؤلاء السجناء، والتي يتم المشاركة بها في المعارض الجهوية والوطنية، فضلا عن تظاهرتي الجامعيتين الربيعية والخريفية بالمؤسسات السجنية، كما تطرق المتدخل لشروط وحدود انفتاح المؤسسات السجنية على المجتمع المدني وعلاقة هذه المؤسسات بالمؤسسات الصحية، وكذا لما يتعلق بالإدماج ومتابعة السجين لدراسته وامتحاناته.

ومن جهته، تناول مدير إدارة اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان، هشام راضي، تقنية ومنهجية زيارة المؤسسات السجنية لرصد الاختلالات والتجاوزات، انطلاقا من كيفية تشكيل فريق الزيارة، وطرق التنسيق لإنجاح العمل وصياغة التقارير، والاطلاع القبلي على تصميم المؤسسة المستهدفة وعدد زنازنها ونزلائها، وأصنافهم وعقوباتهم، والمواد واللوازم المطلوبة في الزيارة، والمعلومات والسجلات التي يجب الحصول عليها، والمرافق الواجب معاينتها ومدى ملاءمتها للشروط المطلوبة، وفي مقدمتها المطابخ ومرافق الاستحمام والترفيه والقراءة مثلا، إضافة لضرورة الوقوف على مدى استجابة ورشات التكوين المهني والمصحات لمتطلبات السجناء.

وصلة بالموضوع، أكد راضي على ضرورة الإلمام بطرق وشروط المقابلات والحوارات مع السجناء، وأساليب تحسيسهم بالسرية والراحة النفسية لكسب تصريحاتهم بشكل آمن وعفوي، فيما لم يفت ذات المتدخل الحرص على ضرورة تدوين عدد الأطباء والممرضين الذين تتوفر عليهم المؤسسة المعنية بالزيارة، مع إمكانية الاستماع إليهم للوقوف على الاكراهات والحاجيات، وما إذا كانت المؤسسة تتوفر على أطباء تحتاجهم هذه المؤسسة أم لا؟، سيما أطباء الأمراض النفسية والأمراض المزمنة، قبل انتقال راضي لتقديم منهجية صياغة التقارير والتوصيات، والمجالات التي يجب الاعتماد عليها في الرصد والملاحظة.

وبعد فتح باب المناقشة، تميزت الدورة بعدة مداخلات، تناولت في مجملها جملة من المواضيع مثل واقع الاعتقال الاحتياطي بالمغرب ومدى ارتباطه أحيانا بالاعتقال التعسفي، المقاربة العقابية والمقاربة الاصلاحية، حدود تطبيق المبادئ الأساسية على أرض الواقع، الفرق بين مفهومي السجن والحبس، الحراسة النظرية في القوانين الجاري بها العمل، ثم العقوبات البديلة والعقوبات التصالحية التي من المنتظر تنزيلها خلال منتصف يناير المقبل، الكتب والرقابة المفروضة على بعضها قبل وصولها للسجين، واقع استغلال السجين في السخرة، فيما تساءل آخرون حول مدى الاحترام الواجب للمواثيق المرتبطة بالسجون وإعادة الإدماج داخل المجتمع.

كما حملت فترة المناقشات، مواضيع أخرى من قبيل شروط المحاكمة العادلة، معضلة الاكتظاظ بالسجون، واقع الرعاية الصحية ومساطر العفو التي لا تشمل أحيانا السجناء المصابين بأمراض مزمنة أو عقلية والمسنين، عدم توفير غالبية المؤسسات على ولوجيات، إلى إشكالية عدم تسريع البث في قضايا المعتقلين احتياطا، كما حضر الحديث عن القواعد الخاصة بعدالة الأحداث والجانحين، والتساؤل حول مصير المصادقة على البروتوكولين الخاصين بعقوبة الإعدام ومناهضة التعذيب، وحول غياب التذكير بقواعد الدين الاسلامي حول حماية السجين؟، وطلبات الانتقال المقدمة من طرف السجناء، وغيرها من النقاشات التي أبانت عن مدى تفاعل المشاركين مع أشغال الدورة التكوينية.