عملية نصب مثيرة، بإقليم ميدلت، ضحيتها مستثمر فلاحي وأبطالها مقاول ومدير بنك وموظفان ببلدية

0
  • أحمد بيضي

لم يتردد مستثمر فلاحي (أمين اوشقي) بإقليم ميدلت في وضع “ملف ساخن” على طاولة رئاسة النيابة العامة، بالرباط، يتعلق مضمونه بعلمية نصب واحتيال مثيرة نصبتها له عناصر منظمة ليس من المستبعد أن تكون لها اليد الطولى في مؤسسات عمومية وخصوصية، حيث تمكن المستثمر الضحية من الكشف عن بعض خيوطها وهو يوجه اتهامات خطيرة لمقاول نافذ بمركز بومية، ومدير وكالة بنكية بزايدة، وموظفين مكلفين بتصحيح الإمضاءات ببلدية ميدلت، مطالبا بتشكيل لجنة محايدة ونزيهة للتحقيق في قضيته بغاية اتخاذ ما يلزم من الإجراءات القانونية الكفيلة بإنصافه، ومشيرا في ذات الوقت لاحتمال وجود ضحايا آخرين.

وفي التفاصيل الأولية، يستعرض المستثمر قضيته، في شكايته الموجهة لرئيس النيابة العامة، انطلاقا من اليوم الذي حل فيه بميدلت قادما إليها من مدينة طنجة لأجل الاستثمار في قطاع الفلاحة ضمن مشاريع المخطط الأخضر، حيث تعرف على أحد المشتكى بهم، المقاول النافذ وصاحب شركة، قبل مفاتحته في موضوع رغبته في الاستثمار، طالبا منه القيام بدراسة مشروع يود إنجازه، على مساحة 13 هكتار، تجهيزا وتشجيرا وتثبيتا لشباك يقي من البَرَد، مقابل الحصول على قرض مالي من بنك يعنى بالشأن الفلاحي، الأمر الذي قاد بالمقاول النافذ إلى مساعدته بطرق مشبوهة لم يعلم أول الأمر أنها ستحول أحلامه إلى كوابيس.

وبعد موافقة الوكالة البنكية على تسليم المستثمر المعني بالأمر قرضا بقيمة 3.710.000,00 درهم، لم يكن يعتقد أنه سيفاجأ بكون عقود القرض مزورة، وأن مدير الوكالة البنكية قد سلم المبلغ للمقاول النافذ، في ظروف جد غامضة لم يكن حاضرا فيها باعتباره طالب القرض، فيما وقف بعدها على أن المقاول المذكور لم يقم بدراسة سوى ست هكتارات من أصل 13 هكتارا، بل أن مفاجأته ازدادت عمقا أمام تمكن المقاول من إشراك موظفين ببلدية ميدلت في تصحيح إمضائه على عدة وثائق دون علمه، الأمر الذي أثبت له أنه ضحية سهلة لشبكة من تواطؤات يجمع بينها النصب والاحتيال والتزوير.

وارتباطا بالموضوع، تقدم المستثمر الفلاحي بشكاية للإدارة الجهوية للمؤسسة البنكية المعلومة، بالرشيدية، وأخرى للمديرية الجهوية للفلاحة بالراشدية، قبل تحرك بعض أعيان المنطقة في محاولة لاحتواء المشكل، على أساس قيام المقاول صاحب الشركة بإتمام دراسة المشروع، دون أن يفوت هذا الأخير التوسل للمستثمر بأن يقوم بالتنازل عن شكاياته الإدارية، ومن باب حسن النية أسرع هذا المستثمر للتنازل المطلوب، غير أن المقاول المعني بالأمر لم يقم بعمله المتفق عليه، ليعود المستثمر للوكالة البنكية بزايدة قصد استرجاع أصل ملف القرض، وهو ما واجهه مدير هذه الوكالة بالرفض المثير للاستغراب.

وأمام هذا الوضع المتشابك، واصل المستثمر طريقه بالتقدم للوكيل العام لمحكمة الرشيدية بشكاية (سجلت تحت عدد 03/ 3101/ 2022)، وهي معززة بكل الوثائق التي تثبت أعمال التزوير والاحتيال وخيانة الأمانة، حيث أحيلت على مصالح الدرك الملكي ببومية لأجل تعميق البحث والتحري في مضمونها، وبعد مضي خمسة أشهر، بقيت شكايته، حسب قوله، عالقة في المجهول من دون رد ولا مصير واضح، كما لم يكن يتوقع أن المشتكى بهم سيعمدون إلى تهديده بالتصفية الجسدية إن حاول الاستمرار في طرق باب القضاء، علما أن بعضهم يتوفر على بنادق صيد، حسب الشكاية، ما أجبره على مغادرة المنطقة حفاظا على حياته وسلامته الجسدية وأمنه النفسي.

ولم يجد المستثمر من خيار آخر غير التقدم بشكاية لوكيل الملك لدى ابتدائية ميدلت، والتي أحيلت على درك ميدلت الذي تمكن من إحضار أصل ملف القرض المعلوم من الوكالة البنكية بزايدة، مع استدعاء مدير هذه الوكالة وموظفي مصلحة تصحيح الإمضاءات ببلدية ميدلت، وبعد إجراء المواجهة بين كل الاطراف، اعترف أحد الموظفين المذكورين بكون المقاول هو نفسه الذي جاء بملف القرض لتصحيح الإمضاء في غياب المعني به، فيما وقفت الضابطة القضائية، حسب المشتكي، على فعل التزوير بالوثائق، لتكتفي هيئة المحكمة بالإفراج عن المشتكى بهم مقابل تجريدهم من جوازات سفرهم وإرغامهم على عدم مغادرة البلاد.

ويرى المستثمر الفلاحي (أمين أوشقي)، أن تمتيع المشتكى بهم بالسراح قد يمنحهم الفرصة المناسبة لمعالجة ورطتهم بكل أريحية، والترتيب بسهولة لمحو آي أثر قد يجرهم للعقاب القانوني، حيث التمس من رئاسة النيابة العامة التدخل الحاسم والحازم في قضيته، والتحقيق أكثر في ملف المستثمرين والمزارعين والمقاولين الذين رغبوا أو يرغبون الاستفادة من الدعم لتمويل مشاريعهم في إطار المخطط الأخضر الذي أطلقته البلاد، حيث لم يفت المستثمر المعني بالأمر عدم استبعاد وجود ضحايا مثله، واصفا قضيته ب “الخطيرة” بالنظر لوقائعها وأبطالها، وكذلك لحجم الضرر، المادي والمعنوي، الذي سببته له.