تحويل مداخل مؤسسات تعليمية إلى أسواق عشوائية بمكناس.

0

في زمن الحديث عن جودة التعليم، ومحاربة الهدر المدرسي، تحول محيط مؤسسات تعليمية بمكناس إلى “جوطيات” أو ما يشبه أسواق عشوائية، أرصفتها محتلة من لدن باعة جائلين يعرضون سلعهم ما يجعل معها عملية الولوج ومغادرة المؤسسة في غاية الصعوبة، الأمر الذي شكل ويشكل معاناة حقيقية بالنسبة للتلاميذ والأساتذة على حد سواء.

وبالوقوف على حجم المعاناة حطت ” أنوار بريس ” الرحال أمام الثانوية الإعدادية محمد بن عبدالله بالهديم والثانوية الإعدادية طه حسين التي تقابلها مدرسة عمر بنشمسي بباب جديد، وعاينت حجم المعاناة جراء صراخ الباعة الجائلين الذي لا يتوقف طيلة النهار وطيلة أيام الأسبوع، صراخ يصل صداه إلى فصول الدراسة يتسبب في إزعاج كبير للتلاميذ ويفقدهم التركيز، وصعوبة في استيعاب الدروس، فيما تواجه الأساتذة صعوبات جمة في العملية التعلمية يعيشون معها فترات عصيبة وجحيما لا يطاق.

وما يثير الدهشة والاستغراب، أن فصول هذه المأساة الحقيقية تجري أمام انظار كافة المتدخلين في الشأن التربوي من سلطة محلية، ومنتخبين ومديرية إقليمية لوزارة التربية، وحيرة جمعية أمهات وآباء تلاميذ المؤسسة والإدارة التربوية لهذه المؤسسات. فهل يا ترى يتجرأ أي شخص عرض سلعته أمام باب كوميسارية أو ملحقة إدارية أو مؤسسة أخرى؟ أم أن المدرسة التي يفترض فيها صناعة الرأسمال البشري هي الحيط لقصير؟ أسئلة حيرت بعض الآباء والأمهات والجريدة تلتقط صورا لمداخل هذه المؤسسات مرددين ” اللهم إن هذا منكر “. فيما عبر أستاذ عن امتعاضه بقوله ” رحم الله عميد السوسيولوجيا بالمغرب الدكتور محمد جسوس الذي قال بداية تسعينيات القرن الماضي ” إنهم يريدون خلق أجيال من الضباع ”  

يوسف بلحوجي

فكيف يا ترى نريد صناعة الإنسان الذي هو الركيزة الأساسية والعمود الفقري لأي تنمية أو نهضة، ونحن نحاصر المؤسسة التربوية التي تساهم في بناءه بهكذا صراخ وضجيج و….   في الوقت الذي نلاحظ النقص المهول لدى الشباب على المستوى الفكري والثقافي وغياب التأطير الفكري و الأيديولوجي وعزوفه عن السياسة، فإن محاصرة مداخل المؤسسات التعليمية أمام أنظار الجميع لا يمكن اعتباره سوى مساهمة بطريقة أو أخرى، في المزيد من الشرخ بين الشباب والمجتمع، وتوسيع للهوة المؤدية إلى العلم والمعرفة. أوليس ذلك بمثابة زرع بذور اليأس لدى هؤلاء المتمدرسين؟ أو لا يعتبر صمت المسؤولين على هذه الفضيحة وصمة عار على جبينهم، ومعاكسة لتوجهات الدولة الرامية إلى جعل الشباب، وخاصة المتمدرسين منهم استثمارا وطنيا، وثروة بشرية حقيقية، ورأس مال منتج، قادر على رفع التحدي، ومنخرط بشكل فعال في بناء الوطن ونهضته والدفاع عنه وعن مؤسساته.

وإذا كنا في السابق نسدي كأمهات وآباء – يقول “عبدالعالي” والد “أمينة” تلميذة بالثانوية الإعدادية محمد بن عبدالله – نصائح لأبنائنا كيف يتعاملون قبل الامتحان وكيف يستعدون لاجتيازه، فإن ما نطلبه من المسؤولين كل في دائرة اختصاصاته سوى توفير أبسط شروط التركيز بإزالة هذه الصورة المقززة بعيدا عن الصراخ والضجيج، والبحث عن حلول  واقعية للباعة الجائلين لتمكينهم أيضا من مزاولة تجارتهم في ظروف أحسن لأان من بينهم من له أبناء بهذه المؤسسة.

هي صرخة أب ناب عن أمهات وآباء وتلاميذ هذه المؤسسات التي تحولت منافدها بقدرة فاعل أو فاعلين إلى ملحقات لأسواق عشوائية تسيء لنا جميعا وتسيء لمنظومتنا التربوية على وجه الخصوص، صرخة/نداء على المسؤولين التفاعل الإيجابي معها في هذه الفترة الدقيقة من السنة الدراسية.