تجار الضيعات يتسببون في كارثة بيئية خطيرة ب “وادي اشبوكة”، ضواحي خنيفرة، والساكنة تنتفض بقوة

0
  • أحمد بيضي

كارثة بيئية بكل المقاييس تلك التي تفاجأت بها ساكنة لهري، وما جاورها من قبائل، بإقليم خنيفرة، بسبب إقدام بعض الأشخاص من ملاكي ضيعات الخضروات، على “امتصاص” مياه “واد اشبوكة” باستعمال قنوات ومضخات وحواجز عشوائية لسقي ضيعاتهم الفلاحية من دون احترام للقوانين المرتبطة بالماء والبيئة والحياة، مع وجود تساؤلات قائمة حول الظروف والملابسات التي مهدت الطريق لصناع الكارثة بمنطقة اشتهرت بمعاركها التاريخية ضد المستعمر الفرنسي، كما بواديها الذي جاء ذكره في عدد من الكتب والأبحاث.

النهر المعني بالكارثة، “واد اشبوكة”، الذي ظل وفيا لجريانه وكائناته الحية منذ القدم، ومصدرا لرزق الكثيرين، وحضنا منعشا لأبناء وشباب المنطقة كل صيف، لم يكن منتظرا أن يستيقظ الملأ على توقف جريانه ب “جرة إقطاعية”، ومن غير أية منفعة عامة للمنطقة، ويزداد الوضع سوء أمام نفوق ما يحتضنه هذا الوادي من كائنات حية وثروة سمكية، والتسبب في عطش المواشي وجفاف الزراعة وتهديد الساكنة بالأوبئة، وكم بلغ العمى ب “خلايا الضيعات” في وضعهم لمضخات قوية وحواجز أشبه بالسدود التلية دونما أي ترخيص.

وعبرت ساكنة المنطقة، وفعاليات مجتمعها المدني، عن صدمتها إزاء الكارثة التي طالت “واد اشبوكة”، وشددت بقوة على مطالبة السلطات الإقليمية والجهات المسؤولة بضرورة التدخل وفتح ما يلزم من التحقيقات، وتحديد المسؤوليات في هذا الوضع الخطير والوقوف على المضخات المنتشرة على طول الوادي، فيما عرفت المنطقة حلول مكونات جمعوية وحقوقية للاطلاع والمؤازرة، والمشاركة في قرع ناقوس الخطر عبر تعميم موضوع الكارثة، مقابل دعوات مكثفة ل “مسيرات العطش” واحتجاجات أمام المؤسسات المسؤولة.

ولم يفت عدد من الفعاليات المحلية القيام بطرق أبواب المصالح المعنية بغاية التدخل ل “إعادة المياه إلى مجاريها”، مع توجيه نداءات مكثفة إلى من يهمهم الأمر، مثل وزارة الداخلية، عمالة الإقليم، المياه والغابات، الحوض المائي، السلطات المحلية، المجلس الجماعي، ثم مراكز القرار المعنية بالماء والبيئة والتجهيز، فيما لوح آخرون برفع الأمر للديوان الملكي، باعتبار الماء حقا كونيا وبيئيا، من حيث أن المغرب من بين الدول التي كثفت، هذا العام، من أنشطتها، ومذكراتها الرسمية، بمناسبة اليوم العالمي للماء.

وقد تمكنت الساكنة من تحريك دواليب السلطة بعد حلول لجنة مشتركة بعين المكان، يتقدمها رئيس دائرة أحواز خنيفرة الذي تعهد بمعالجة الوضع وإنهاء أعمال الهدر المائي، وتتخوف الساكنة من الإبقاء على الوعود مجرد “مهدئات” لربح الوقت، أو من اصطدام هذه الوعود بالفوضى القائمة، حيث ذكر أحد النشطاء المدنيين أنه من بين شهود عيان على واقعة حية حين طالب عون سلطة من احد العمال الزراعيين بوقف عملية ضخ عشوائي، فرد عليه قائلاً: “ألا تعلم أن صاحبها هو فلان” في تفسير واضح لحجم ومستوى نفوذ المتسببين في “اغتيال” الوادي.