ريان الذي أضحى رمزا يعيش في أذهاننا

0
  • الحسين وبهو (°)

شيع العالم اليوم الطفل الشهيد ريان، وهو يوارى الثرى تاركا الكون بأسره حائرا عن سر الرجة التي أحدثتها فاجعة فقدانه.

حينما يستشهد الإنسان، يبزغ الفجر على ميلاد أسطورة، ذلك شأن الطفل ريان، الذي ظل لأيام وليال في جوف الأرض وفي غيابات الجب، يكافح ويتشبث بخيط الأمل في النجاة.

لعل قصة ريان قد حظيت بتعاطف دولي قل نظيره، بل وحدت المشتت تحت راية الإنسانية، وجعلت سائر الأطياف والملل والنحل تعيش ” تراجيديا”، من عالم آخر ومن زمن مختلف، مثيل ما كنا نقرأ عن أساطير: “أوديب”، و”سيزيف“…

قضية ريان أعادت للطفولة البريئة نصيبها من النقاش حول أوضاعها، ورافعت نيابة عن أطفال العالم، ضحايا الحروب والفقر والتهميش واللجوء وسائر الفواجع.

مأساة ريان ومعاناته في ظلمات الأرض مماثلة تماما لملايين الأطفال المهمشين الذين لم ترصدهم أضواء “كاميرات الإعلام”، فهناك العطشان، والجائع، والمحروم،…الخ.

وبالرغم من حجم الألم والإحباط الذي سببه عدم خروجه حيا كما أمل العالم، إلا أنه فتح نافذة من إحساس نفسه، تقاسمه الجميع دون استثناء، وصفه محللون نفسانيون بأنه: “احساس انتماء للأرض بذبذباتها وحركاتها وسكناتها التي تؤثر بطريقة معينة على البشر أجمع…”.

لم تمر قضيته مرور الكرام، بل أبت البشرية إلا أن تخلده كرمز سيعيش في أذهاننا أبد الٱبدين؛ فها هو على وجه قمصان اللاعبين، وعلى الأبراج، وفي الساحات العمومية، وها هي الصلوات والدعوات والترانيم، تليت في كل مكان على روحه البريئة الطاهرة، ذكراه اقتسمها العالم بمختلف المراتب والمدارك والهامات.

مأساة ريان وفاجعته استحضرت “جب يوسف”، و”حوت يونس” عليهم السلام، واستمدت جذورها أيضا من أصل الإنسان وارتباطه بالأرض دوما، فمنها خلق  وإليها يعود ساعة رحيله عن الدنيا.

إنا لله وإنا إليه راجعون، عزاؤنا واحد، وداعا  ريان، إلى جنة الخلد إن شاء الله.

(°) فاعل مدني وتربوي