
شباب تيزنيت بين التهميش والانتظار: الشبيبة الاتحادية ترفع صوتها في مؤتمر الاتحاد الاشتراكي
في لحظة وُصفت بأنها أعمق من كونها تنظيمية، وأقرب إلى مساءلة حقيقية للراهن المحلي، السياسي والاجتماعي، اختارت الشبيبة الاتحادية بإقليم تيزنيت أن تُسجل موقفها الصريح والواضح من واقع التنمية في الإقليم، من خلال مداخلة قوية ألقاها كاتبها الإقليمي، ياسين بن داود، خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الإقليمي الرابع لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية.
وأكد بن داود أن المؤتمر يشكل فرصة نضالية بامتياز للترافع عن قضايا الشباب، في ظرفية وطنية دقيقة، حيث تتقاطع انتظارات المواطنين مع محدودية ما تحقق فعليًا على أرض الواقع، وتستمر سياسات التهميش التي تُقصي الشباب من دوائر القرار وتُحبط آمالهم في التمكين والمشاركة.
تهميش ممنهج وبرامج بلا أثر
وجّهت الشبيبة نقدًا حادًا لما وصفته بـ”الإقصاء الصامت” الذي يطال الشباب المغربي، على الرغم من حضورهم القوي في الخطابات الرسمية. وقال بن داود إن البرامج الوطنية الموجهة للشباب غالبًا ما تفتقر إلى النجاعة، وتُعاني من غياب العدالة المجالية والاستمرارية، مما عمّق أزمة الثقة بين الشباب والمؤسسات.
وأضاف أن مخرجات دستور 2011، وما حمله من آمال في التغيير، لم تجد طريقها إلى التنفيذ الحقيقي، بسبب هيمنة الشعبوية والتغوّل السياسي، وسيادة منطق المال والريع، الذي فرّغ السياسة من بعدها القيمي والنضالي، وأحال الشباب إلى أدوات للتسويق أو للهجوم في “معارك وهمية” على مواقع التواصل.
تيزنيت… مؤهلات مهدورة ومشاريع خارج السياق
أما على المستوى المحلي، فقد قدّمت الشبيبة الاتحادية تشخيصًا دقيقًا لما تعانيه تيزنيت من اختلالات تنموية صارخة. فالإقليم، بحسب المداخلة، يزخر بإمكانات بشرية وطبيعية كبيرة، لكنه لا يزال يعيش على هامش التنمية، في ظل هشاشة بنيوية وضعف في الخدمات العمومية، وغياب مشاريع كبرى تُعيد له موقعه الطبيعي.
وتمّ التنديد بـ”الارتباك التنموي” الذي يطبع بعض المشاريع، مثل مشروع “قرية المعرفة” أو “قرية الرياضة والثقافة” أو “القطب العمراني موانو”، والتي ظلت عناوين متغيرة لمشروع واحد لم يكتمل. كما استنكر الوضعية المزرية للمسبح البلدي المغلق منذ سنوات، والتحول غير المفهوم للمحطة الطرقية عن وظيفتها الأصلية، دون أي تدخل فعلي لتأهيلها.
وفي ملف التعليم العالي، أعادت الشبيبة التذكير باستمرار حرمان عدد من طلبة الإقليم من المنح الجامعية، رغم المطالبات المتكررة، مما يفاقم ظاهرة الهدر الجامعي، ويزيد من معاناة الأسر محدودة الدخل.
المجلس الاستشاري للشباب… مؤسسة معلّقة
على مستوى السياسات الوطنية الموجهة للشباب، استحضرت المداخلة التعطيل غير المبرر للمجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، وهي مؤسسة دستورية من المفروض أن تُسهم في صياغة السياسات العمومية وتُعيد الثقة في المشاركة. كما تم انتقاد محدودية برنامج “جواز الشباب”، لعدم مراعاته الفوارق المجالية وغياب البنية التحتية التي تُتيح الاستفادة منه في أقاليم مثل تيزنيت.
انتقاد صريح للتدبير المحلي وتحيز السلطة
في جزء لافت من كلمته، لم يتردد كاتب الشبيبة الاتحادية في توجيه انتقادات مباشرة للسلطات الإقليمية، معتبرًا أن حيادها المفترض لم يتحقق، بل إنها تُكرّس “منطق المحاباة”، وتُجهض أدوار الرقابة والتمثيل التي يفترض أن تقوم بها المؤسسات المنتخبة.
وفي هذا السياق، حيّت الشبيبة الدور الذي تقوم به النائبة البرلمانية نزهة أباكريم، التي وصفتها بأنها “نموذج مضيء للفعل السياسي الجاد”، ومثّلت صوت تيزنيت في قبة البرلمان، كما أشادت بمستشاري الحزب، خصوصًا شباب جماعة تيزنيت، الذين يواجهون الإقصاء السياسي بشجاعة وثبات.
دعوة إلى تعاقد تنموي جديد
في ختام مداخلته، دعا بن داود إلى تعاقد تنموي جديد في الإقليم يُنصف الشباب، ويُعيد الاعتبار لمدينة تيزنيت كمجال حيوي له كفاءاته وتطلعاته. وأكد أن التغيير الحقيقي لا يأتي من التذمر، بل من الالتزام والنضال الجماعي، مجددًا انخراط الشبيبة الاتحادية في مشروع مجتمعي قوامه الكرامة، والمواطنة، والديمقراطية الاجتماعية.