تيزنيت في مرآة الاتحاد الاشتراكي: خطاب الكاتب الإقليمي يكشف الأعطاب ويقترح البدائل

0

في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الإقليمي الرابع لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بتيزنيت، الذي نُظم تحت شعار “لا استدامة تنموية بدون ديمقراطية حقيقية”، ألقى الكاتب الإقليمي للحزب بلخير مسوس كلمة سياسية وتنظيمية قوية، شخص من خلالها أعطاب التنمية بالإقليم، وطرح رؤى الحزب ومطالبه لإرساء نموذج تنموي عادل ومنصف يستجيب لتطلعات الساكنة.
وأكد مسوس أن اختيار شعار المؤتمر لم يكن اعتباطيًا، بل يعكس قناعة راسخة بأن أي مشروع تنموي لن يحقق أهدافه ما لم يكن مرتكزًا على ديمقراطية حقيقية تُقرّ بحق المشاركة والمساءلة والعدالة الاجتماعية. وذكّر بأن مؤتمرات الحزب هي لحظات سياسية نضالية لتجديد العهد مع المواطنين، والدفاع عن قضاياهم العادلة.
تشخيص اقتصادي: طاقات كامنة واستثمار دون الطموح
في الجانب الاقتصادي، أشار الكاتب الإقليمي إلى أن تيزنيت تزخر بمؤهلات طبيعية وفلاحية وبحرية وصناعات تقليدية عريقة، في مقدمتها صناعة الفضة، إلا أن واقع الاستثمار بالإقليم لا يعكس هذه الثروات. فقد نبه إلى ضعف الدينامية الاقتصادية، خصوصًا في العالم القروي، حيث تعاني العديد من الجماعات من التهميش وغياب البنيات التحتية وندرة فرص الشغل، وهو ما يزيد من التفاوتات المجالية.
ودعا مسوس إلى بلورة مخطط تنموي خاص بإقليم تيزنيت، يرتكز على دعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة، وإنعاش الاقتصاد التضامني، وتشجيع الشباب على الاندماج في الدورة الاقتصادية، لا سيما في قطاعات الفلاحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الأخضر.
البيئة: اختلالات هيكلية وتحديات استراتيجية
في المحور البيئي، حذر مسوس من الاختلالات الخطيرة التي تهدد التوازن الإيكولوجي في الإقليم، رغم توفره على مؤهلات ضخمة في مجالات الطاقات المتجددة، خصوصًا الطاقة الشمسية والريحية. غير أن غياب الاستثمارات الكبرى، واستمرار التأخر في بلورة مشاريع حقيقية في هذا المجال، يضع الإقليم خارج دينامية الانتقال الطاقي الوطني.
وسجل الوضع المقلق للغطاء الغابوي وتراجع الموارد المائية، بما في ذلك انخفاض الفرشة المائية وتزايد خطر التصحر، داعيًا إلى تبني سياسة بيئية شاملة ومستدامة، تضمن العدالة المجالية وتحفظ حقوق الساكنة الأصلية في الأرض والثروات، كما شدد على أهمية إشراك الفلاحين والساكنة المحلية في قرارات التهيئة والماء والفلاحة.
كما نبه إلى الوضعية المتردية للتطهير السائل في عدد من الجماعات، وغياب رؤية إقليمية واضحة رغم إحداث شركة “سوس ماسة للبيئة متعددة الخدمات”، داعيًا إلى تعزيز آليات التقييم والمشاركة القبلية للمواطنين قبل إطلاق المشاريع البيئية وليس بعدها.
البعد الاجتماعي: مفارقة الطموح والواقع
أما على المستوى الاجتماعي، فقد كشف مسوس عن مفارقة صارخة يعيشها الإقليم بين طموحات الساكنة إلى عدالة اجتماعية وإنصاف مجالي، وبين واقع تدبيري غير متكافئ يوزع الإمكانات بميزان غير عادل.
وفي قطاع الصحة، أشار إلى الخصاص في الأطر والتجهيزات، وغياب بعض التخصصات الطبية التي تضطر الساكنة إلى التنقل خارج الإقليم لتلقي العلاج، ما يعمق مظاهر الهشاشة الصحية.
أما في قطاع التعليم، فرغم الإشادة بمجهودات الأطر والنتائج المحققة، سجل الكاتب الإقليمي قلقًا بشأن ارتفاع نسب الهدر المدرسي، خاصة في صفوف الفتيات القرويات، وضعف البنيات التحتية، والحاجة إلى تعزيز النقل المدرسي، وتعميم المنح الجامعية، في ظل غياب نواة جامعية بالإقليم.
ودعا إلى تبني سياسات ترابية دامجة، ترتكز على العدالة في توزيع الاستثمارات، وتقوية التعليم والصحة والحماية الاجتماعية، وتوسيع الشراكات مع المجتمع المدني المحلي، بما يمكن من ترسيخ تنمية اجتماعية حقيقية.
الديمقراطية رافعة التنمية
ختم الكاتب الإقليمي مداخلته بالتشديد على أن الديمقراطية ليست ترفًا سياسيًا، بل شرط موضوعي لتحقيق تنمية مستدامة. ودعا إلى تمكين المجالس المنتخبة والهيئات الترابية من صلاحيات حقيقية، وتفعيل آليات الشفافية والمساءلة، وتوزيع الموارد بشكل عادل.
وأكد انخراط حزب الاتحاد الاشتراكي في الدينامية الوطنية الجديدة التي يقودها جلالة الملك محمد السادس، من خلال تفعيل النموذج التنموي الجديد، وتثبيت العدالة المجالية، والدفاع عن القضية الوطنية عبر دبلوماسية حزبية وبرلمانية نشطة تعزز مكانة المغرب على الساحة الدولية.

error: