
العزوف يدفع فلاحين للتخلّص من حليب أبقارهم وشبح الإفلاس يهدد تعاونيات صغرى
تتواصل أزمة حليب الأبقار التي ترخي بظلالها على يوميات العديد من سكان البوادي البسطاء في منطقة الشاوية وغيرها، ومعهم التعاونيات التي تتعامل معهم، بسبب تقليص بعض الشركات للحصص التي كانت تتسلمها منها، مما جعل الفلاحين الصغار والأسر التي كانت تعيش على العائدات البسيطة من الحليب الذي كان يُحلب من أبقارهم المعدودة على رؤوس الأصابع يعيشون حالة من التيه وذلك منذ أشهر، لتصريف ما تم حلبه من خلال قنوات متفرقة تقوم على البيع المباشر للمواطنين على قارعة الطريق وعلى أشكال أخرى مختلفة، وفي حال تعذر ذلك يكون مصير الحليب هو سكبه أرضا؟
مآل محزن، توثق تفاصيله صور وفيديوهات، بالنسبة لأرباب تعاونيات صغرى اختار أصحابها الاستثمار في الحليب و «ماجاوره»، والتكتل في مجموعات للعيش بكيفية تضامنية، تُبقي الشباب أساسا مرتبطين بأراضي الجدود فلا يهجروها نحو المدن سعيا وراء فرصة شغل وبحثا عن سبل لإنقاذهم من الفقر والضياع، أو البحث عن طرق مختلفة من أجل الهجرة السرية نحو أقطار أخرى.
هذا الواقع الذي تعرفه عدد من المناطق اليوم، هو الذي نبهت إليه «الاتحاد الاشتراكي» في مرات سابقة، لكن للأسف لايزال الوضع هو نفسه، وفقا لتصريحات عدد من الفلاحين الذين ربطت بهم الجريدة الاتصال، الذين شددوا على أن معاناتهم تتزايد يوما عن يوم، بل أن أحوالهم تدهورت أكثر بحسب ما عبّر عنه عدد من المعنيين، الذين شددوا على أن أشكال الدعم المتوفرة لا تحول دون تفاقمها، ولا تقدم أي علاج للعلل الاقتصادية والاجتماعية التي يتخّبطون في متاهاتها.
وشدد عدد من المتضررين في تصريحات للجريدة على أن كميات كبيرة ومهمة تهدر من حليب الأبقار، بسبب توجه الشركات المتعاقد معها والمعنية نحو استعمال مسحوق الحليب في عدد من الاستعمالات، دون أن تهتم بمصير الأسر التي تعيش على هذا المورد، مما جعل الكثيرين يقررون طي صفحة تربية العجول والأبقار، خاصة في ظل ما تم التطرق إليه مؤخرا على نطاق واسع والمتعلق بانتشار داء السل الذي يكون مصدره حيواني، أي البقر، الأمر الذي جعل الكثير من المواطنين وبفعل توصيات الأطباء يتخوّفون ويحجمون بدورهم عن اقتناء ما يعرف بـ «حليب لعبار»؟
وأكدت مصادر «الاتحاد الاشتراكي» على أن هناك معضلة كبيرة لم يتم الانتباه إليها من طرف الشركات المعنية والمصالح الأخرى المختصة، التي تركت الفلاح الصغير في ظل ما يقع بلا حماية، دون أن يتم توفير أية بدائل له لتحصينه ماديا وضمان مورد عيش له ولأسرته، مشددة على أن ما يقع اليوم هو ليس وليد اللحظة إذ أن بوادره ظهرت قبل أشهر لكن عوض تطويق المشكل وإيجاد حلول له تم ترك الأمر على حاله إلى أن تفاقم بشكل أكبر، وبات حليب الأبقار مسكوبا على قارعات الطرق عوض أن يجد طريقه إلى المستهلكين!