نداء للشاعر صالح لبريني من أجل انتشال منطقة “ابزو” من التهميش وإنقاذ بحيرتها “تامدة” من الفناء

0

وجه الشاعر والناقد صالح لبريني نداء لعموم الجهات المسؤولة والفاعلين المدنيين من أجل تكثيف الجهود لانتشال بلدته ابزو من وضعية التهميش والاقصاء والهشاشة، والعمل على الاسراع في انقاذ “بحيرة تامدة” من تهديدات الفناء والاندثار، وهذا نص النداء:

“..أبزو، من المدن المغربية العتيقة ذات الجذور الضاربة في تاريخ المغرب المعاصر، توجد على مشارف الأطلس الكبير، تبتعد عن مدينة مراكش بحوالي 200 كلم، وقد شكّلت موقعا تجاريا مهما في إطار المبادلات التجارية مع إفريقيا؛ وكانت تصدّر للسودان الجلود والعسل والزبيب والثمار، كما لعبت منعطفا في تاريخ المغرب، وتطوقها الجبال من كل الجوانب، وتنتشر فيها بساتين الرمان والزيتون والخروب والعنب والتين، وكانت محجا للتجار المغاربة منذ القرن السادس عشر الميلادي، الأمر الذي انعكس على حياة الساكنة، وتُعرَف بإنتاج الجلباب البزيوي الذي يشكّل اللباس الرسمي للدولة المغربية.

وبالرغم من هذا التاريخ والموقع التجاري، والنشاط الفلاحي المعيشي، إلا أن مدينة أبزو لم تتطور كما كان مأمولا من الساكنة بفعل تعاقب مجالس قروية لم تعمل إلا على تكريس الوضع وذلك راجع إلى طبيعة المسؤولين الذين تحمّلوا تسيير وتدبير الشأن المحلي، حيث يفتقد للكفاءات والطاقات التي بإمكانها التفكير في وضع برامج إنمائية تخرج المنطقة من حالة الانتظار إلى وضع يعرف دينامية اقتصادية مما سينعكس على ما هو اجتماعي، فجل الأعضاء يعانون من الأمية السياسية، وتنعدم فيهم روح المبادرة.

كل هذا ساهم في تأبيد الفراغ والشللية، مما كان له انعكاسات سلبية على الفئة الشابة التي تعيش في بطالة أبدية نظرا لانعدام أوراش ومشاريع اقتصادية تدر الدخل على هذه الفئة النشيطة، فغياب شركات ومشاريع تنموية في المنطقة زاد من تأزيم الأوضاع الاجتماعية وهجرة البعض إلى المدن المغربية للبحث عن العمل، لكن الغالبية تعيش الفقر المدقع بسبب ما أشرنا إليه سالفا. إن الأمر يثير العديد من التساؤلات حول المجالس المحلية المتعاقبة، إذ لم تقدّم، منذ ستينيات القرن الماضي، شيئا إذا نظرنا إلى حصيلتها اقتصاديا واجتماعيا، بل عطّلت عجلة التنمية وزاغت عن طريق بناء مدينة بالمواصفات المعروفة، لأن فاقد الشيء لا يعطيه.

ورغم أن المنطقة تزخر بمجال إيكولوجي متميّز، حيث التناغم بين الجبل والسهل زاد من أهمية المنطقة، وتتوفر على فضاءات سياحية لو تمّ استغلالها بالشكل المطلوب لكان لها دور في حركية الحياة السياحية، ومن بين المجالات السياحية نشير إلى “بحيرة تامدة” التي تحولت في السنوات الأخيرة إلى فضاء يستقبل الآلاف من الزائرين إليها وخصوصا في فصل الصيف.

وذلك بعد مبادرات قام بها شباب غيورون تمثلت في العناية بهذا الفضاء السياحي الرائع من حيث تنظيفه وإنشاء مشاريع اقتصادية به، وأصبح موردا اقتصاديا للساكنة نظرا للإقبال الكبير والمتزايد على هذا المدار السياحي، الذي تمّ تهميشه من لدن المجالس المحلية وعدم إيلاء الأهمية له، وكان خارج تفكيرها.

هذه المبادرات حققت شهرة لهذه البحيرة، فذاع صيتها إلى المناطق المجاورة وكذلك على المستوى الإقليمي والجهوي والوطني، رغم أن المسؤولين الإقليميين والجهويين لم يدرجوا هذا المدار ضمن المناطق السياحية بجهة بني ملال خنيفرة، وهذا يعود بالدرجة الأولى إلى منتخبي المجالس المحلية، فالمجالس التي لا تملك وعيا سياسيا لن تملك استراتيجية في تنمية المنطقة.

لكن فضاء “بحيرة تامدة” يعرف اليوم وضعا بيئيا كارثيا، والسبب يعود إلى ما تعانيه من نقص على مستوى الصبيب الذي بدأ يقلّ يوما بعد يوم، لتغدو البحيرة مستنقعا راكدا تكسوها الطحالب، بل إن منابعها توقفت عن الجريان، مما يهدّد المنطقة قاطبة على المستوى البيئي.

وأمام هذا الوضع فقد بادر تلة من الشباب البزيوي الغيور إلى تشكيل لجنة لمتابعة هذا الملف والوقوف على حقيقة الوضع، وقد ناشدت الساكنة المسؤولين المحليين ولم تجد غير الآذان الصمّاء وعدم الاكتراث، رغم ما قيل وروّج له من أن السلطة المحلية عاينت البحيرة ووعدت باتخاذ الإجراءات اللازمة، في غياب تام للمسؤولين المحليين على المجلس القروي لأبزو، كما بلغنا ذلك من مصادر من عين المكان.

وتجدر الإشارة إلى أن لجنة تحضيرية تشكّلت من لجنة المتابعة وقدّمت طلب انعقاد جمع عام لتأسيس جمعية تعتني بالبحيرة ومشكل الماء، لكنه قوبل بالرفض من لدن ممثل السلطة المحلية بدعوى شكايات ساكنة بعض الدواوير ضد تأسيس الجمعية. وأمام الوضع البيئي المتردي للبحيرة فقد تمّ تداول هذا المشكل على منصات التواصل الاجتماعي بنشر نداءات والقيام بحملات إعلامية عبر هذه الوسائط برفع هاشتاغ “أنقذوا بحيرة تامدة بأبزو” والذي لقي صدى لدى متتبعي شبكة التواصل الاجتماعي.

وعليه فإن هذا الوضع يستدعي تكاثف الجهود من لدن أبناء أبزو الغيورين على منطقتهم وتجاوز كل ما من شأنه أن يعرقل أية مبادرة لإنقاذ هذه البحيرة التي تعتبر صمام أمان لكل الساكنة، فانقراض البحيرة إعلان عن انقراض الحياة في المنطقة، ومن تمّ قد يفرض هذا الوضع التفكير في هجرة جماعية، لأن بمياه هذه البحيرة يتم سقي المساحات الزراعية والبساتين، والبحيرة منتجع يؤم الناس في قيظ الصيف..فوجودنا رهين بإنقاذها وزوالها إعلان بزوالنا”

  • صالح لبريني