في إطار الانشغالالعام بمشكل أزمة الماء بمنطقة القباب، إقليم خنيفرة، برمج عامل الإقليم، محمد عادل إهوران، يوم 5 يونيو 2025، لزيارة ميدانية لهذه المنطقة، حملت في جدول أعمالها محطات تقنية واجتماعات مع المسؤولين المحليين، والوقوف على مستجدات ما تم التخطيط له بخصوص وضعية العطش التي تعاني منها الساكنة، غير أن هذه الزيارة أخذت منحى إنسانيا غير متوقع على مستوى البرنامج.
برنامج الزيارة العاملية عرف توسعا حين صادف المسؤول الترابي، سيدة مسنة، بمدينة خنيفرة، تقف تحت أشعة الشمس وتبدو عليها علامات التعب، دفعه السؤال الإداري إلى الاقتراب منها وسؤالها عن سبب وجودها في هذا المكان وفي هذا التوقيت، لتجيبه بصوت مثقل بالمعاناة أنها قدمت من القباب في وقت مبكر من الصباح، علّها تحظى بجلسة علاج بمركز تصفية الدم في ظل ما وصفته بضعف الخدمات وضيق الطاقة الاستيعابية بمركز القباب.
هذا اللقاء القصير كان كافيا ليُحدث تحولا في برنامج العامل الذي قرر، دون إشعار مسبق، إدراج زيارة خاصة لمركز تصفية الدم بجماعة القباب ضمن جدول جولته، وعند وصوله إلى هناك، كانت المفاجأة بانتظاره، إذ وجد نفس المواطنة التي التقاها بخنيفرة وقد عادت إلى مركز القباب، تنتظر دورها بين العشرات من المرضى الذين تقودهم الحاجة إلى العلاج إلى التنقل لمسافات طويلة رغم أوضاعهم الصحية الصعبة.
المشهد لم يكن عاديا، فقد بدا واضحا أن البنية الصحية بالقباب تعاني من ضغط كبير، وسط تزايد حالات القصور الكلوي، وضعف الوسائل والإمكانيات، وقد عكست نظرات المرضى ورسائلهم غير المنطوقة حجم الألم والانتظار الذي صار ملازما لحياتهم، دون أن يفوت العامل الأمر بإيلاء عناية خاصة للمرضى وتجويد الخدمات المقدمة لهم بما يلزم من التجهيزات والموارد البشرية مع معالجة بعض النقائص المسجلة.
الزيارة الميدانية شملت بالتالي عددا من المرافق الحيوية على مستوى منطقة القباب، ومنها دار الولادة، وبعدها المركز الصحي، حيث تفقد ظروف استقبال المرضى، واستمع إلى شروحات حول جودة الخدمات الطبية المقدمة والتحديات التي تواجه الطاقم الصحي، كما زار مركز الادماج وتأهيل الأشخاص دوي الاحتياجات الخاصة، مجددا تأكيده على أهمية إدماج هذه الفئة في الحياة العامة وتمكينها من الوسائل الكفيلة بضمان كرامتها واستقلاليتها.
ذلك قبل قيام العامل بجولة تقنية إلى خزان مركز القباب التابع للمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب – قطاع الماء، والذي يُعد حجر الزاوية في مشروع ربط الآبار به مرحليا في أفق المعالجة التامة، حيث اطلع على سير الأشغال المتعلقة بتزويد الساكنة بالماء الشروب، وعلى المجهودات المبذولة لتأمين التزويد المنتظم بهذه المادة الحيوية، خصوصا في ظل التحديات المناخية والضغط المتزايد على الموارد المائية.
وقد بدا واضحا أن الزيارة العاملية بالشكل المذكور حملت بعدا عمليا وإنسانيا، في وقت باتت فيه المقاربة التشاركية واليقظة الترابية ضرورة لمواجهة التحولات المتسارعة التي يعرفها العالم القروي، سواء على مستوى الحاجيات الأساسية أو تطلعات المواطنين نحو خدمات عمومية ذات جودة، ونحو آذان تنصت إليهم في ظل واقع معنون بمنتخبين متخاذلين لا ينفعون ولا يترافعون في شيء.
ولم يفت العامل محمد عادل إهوران، دون “كوستيم” ولا “كرافاط”، النزول الى ساكنة بالقباب حيث قام بالإنصات المباشر لما تعانيه المنطقة من تهميش وإقصاء اجتماعي وأوضاع مزرية وخدمات متدنية وصراعات سياسوية، ولما يتعلق بتأخر مشروع تزويد المنطقة بالماء الصالح للشرب، وهو المشروع الذي طال انتظاره، حيث أكد العامل على بذل ما يمكن من الجهود لمعالجة الأمور العالقة.
ويذكر أن البلدة شهدت، يوم الثلاثاء 20 ماي المنصرم، مسيرة نسائية سلمية نُظمت مشيا على الأقدام في اتجاه عمالة الاقليم بمدينة خنيفرة، للمطالبة بالماء الشروب، وتمت محاصرة هذه المسيرة على بعد خطوات خارج البلدة من طرف السلطات المحلية، مع تقديم وعود للمحتجين بإيجاد حل للمشكل الذي لم يعد أي أحد ينكر أو يجادل في كون هذا الملف بات من أولى الأولويات القصوى، وبحاجة إلى حلول طارئة وجذرية.