“المبادرة الوطنية للتنمية البشرية” بخنيفرة تكشف في ذكراها العشرين عن تنزيل ما يفوق 1788 مشروعا على أرض الواقع

الحفل ينطلق بتسليم 3 سيارات إسعاف لثلاث جماعات وثلاث حافلات لجمعيات مدنية وخيرية

0
  • أحمد بيضي
احتضنت قاعة الاجتماعات بعمالة إقليم خنيفرة، صباح يوم الاثنين 19 ماي 2025، لقاء احتفاليا بمناسبة الذكرى العشرين لإطلاق “المبادرة الوطنية للتنمية البشرية”، تحت شعار “20 سنة في خدمة التنمية البشرية”، وقد جرى هذا اللقاء تحت رئاسة عامل الإقليم، محمد عادل إيهوران، وبحضور رؤساء اللجن المحلية للتنمية البشرية، وممثلي المصالح التقنية، وعناصر السلطة المحلية والإقليمية، إلى جانب رؤساء الجماعات الترابية، وعدد من المنتخبين، وممثلي المصالح اللاممركزة والمجتمع المدني.
وشكل هذا الموعد مناسبة لتقاسم الحصيلة التنموية التي راكمتها “المبادرة الوطنية للتنمية البشرية”، منذ انطلاقها سنة 2005، واستعراض أثرها على مختلف الفئات المستهدفة والمجالات الحيوية بالإقليم، حيث افتتح عامل الإقليم اللقاء بكلمة أكد فيها على أهمية التحول العميق الذي أحدثته المبادرة في التصور العام للتنمية، مشددا على أنها “ليست مجرد برنامج تنموي ظرفي، بل رؤية استراتيجية متكاملة تعتمد على التدبير المندمج والحديث، وترتكز على مبادئ الحكامة الجيدة، والالتقائية، والتخطيط القائم على النتائج، والتقييم المستمر”.
وفي ذات السياق، استحضر عامل الإقليم فقرات من الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الخامسة لشهر أكتوبر 2006، والذي جاء فيه أن المبادرة الوطنية “تشكل قطيعة مع أنماط التدبير التقليدية، وأنها تمثل ورشا محوريا لتقاطع السياسات العمومية وتناسقها، إلى جانب كونها مدرسة للمواطنة والمشاركة المجتمعية”، وجرى خلال اللقاء إبراز ما تحقق من إنجازات على مستوى إقليم خنيفرة، حيث “ساهمت المبادرة في تحسين مؤشرات التنمية البشرية بشكل ملموس”، حسب عامل الإقليم.
وذكر عامل الإقليم ما حققته المبادرة على مستوى دعم قطاعات حيوية كالصحة والتعليم والتشغيل، وتمكين الشباب والنساء القرويات اقتصاديا، بالإضافة إلى المشاريع المهيكلة التي تهدف إلى فك العزلة، وتوفير الماء الصالح للشرب، وتحقيق العدالة المجالية، إلى جانب تعزيز الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وقد شكلت هذه المناسبة فرصة لتقييم المسار والوقوف عند التحولات التي عرفها الإقليم بفضل تفعيل مشاريع المبادرة، بما يعكس التزام مختلف الفاعلين المحليين بروح التعاون والعمل المشترك في خدمة التنمية المستدامة.
وإلى جانب إبراز حصيلة الإنجازات التي حققتها المبادرة على مستوى الإقليم، وضعت عمالة إقليم خنيفرة برنامجا احتفاليا يمتد من يوم الاثنين 19 ماي إلى غاية الجمعة 23 ماي 2025، بشراكة مع مختلف المتدخلين الترابيين من شركاء وفعاليات المجتمع المدني، ويتضمن سلسلة من الأنشطة من خلال تنظيم منتديات وندوات فكرية تتناول أبعاد وتطورات هذا الورش التنموي، إلى جانب زيارات ميدانية لعدد من المشاريع المنجزة، ومعرض إقليمي للمنتوجات المجالية لإبراز الإمكانيات الاقتصادية المحلية ودعم الاقتصاد التضامني.
ويأتي هذا البرنامج تتويجا لانخراط مبكر وفاعل لإقليم خنيفرة في تفعيل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية منذ انطلاقتها، وفق مقاربة تنموية شمولية استندت إلى تعبئة الموارد البشرية والمالية الضرورية، وتشكيل أجهزة الحكامة المحلية الكفيلة بضمان حسن تنزيل المشاريع والبرامج، والتي تطلبت تكلفة مالية إجمالية منذ سنة 2005 إلى سنة 2025 قدرها 757.62 مليون درهم بمساهمة مالية من “المبادرة الوطنية للتنمية البشرية” تقدر ب 565 مليون درهم من أجل تنزيل ما يفوق 1788 مشروعا على أرض الواقع.
وعرفت المرحلة الثانية من المبادرة الوطنية، الممتدة من سنة 2011 إلى 2018، التركيز على تطوير البنيات التحتية وتجويد الخدمات الأساسية في قطاعات حيوية كالصحة والتعليم والماء والكهرباء، بهدف تثمين المكتسبات المحققة خلال المرحلة الأولى، وقد أولت هذه المرحلة اهتماما خاصا بالتمكين الاقتصادي والاجتماعي للفئات الهشة، حيث تم التمكن من إنجاز 851 مشروعا، بكلفة إجمالية بلغت 290.12 مليون درهم، ساهمت فيها المبادرة الوطنية بمبلغ قدره 198.12 مليون درهم، مما يعكس دينامية تنموية مضاعفة مقارنة مع المرحلة السابقة.
أما المرحلة الثالثة، الممتدة من سنة 2019 إلى غاية 2025، فقد اعتمدت مقاربة جديدة تضع الرأسمال البشري في صلب الاهتمام، عبر الاستثمار في الطفولة المبكرة، وتعزيز صحة الأم والطفل، ودعم الإدماج الاقتصادي للشباب، ومواكبة الأشخاص في وضعية هشاشة، خصوصا النساء والأطفال، إلى جانب العمل على تقليص العجز في البنيات والخدمات الصحية والتعليمية، وقد مكنت هذه المرحلة من إنجاز 664 مشروعا ونشاطا بغلاف مالي إجمالي قدر بـ 350 مليون درهم، منها 284.18 مليون درهم كمساهمة من المبادرة، وهو ما يعكس الالتزام المتواصل بتطوير آليات التدخل وتحقيق الأثر الإيجابي الملموس على أرض الواقع.
وعلى هامش اللقاء الاحتفالي، وفي إطار البرنامج المتعلق بتنمية الرأسمال البشري للأجيال الصاعدة، وتحديدا منه محور دعم صحة الأم والطفل، عملت عمالة إقليم خنيفرة على تسليم مفاتيح ثلاث سيارات إسعاف مجهزة لفائدة جماعات أم الربيع، الحمام، وتيغسالين، بغاية تحسين شروط الولوج إلى الخدمات الصحية الأساسية، خصوصا تيسير تنقل النساء الحوامل في ظروف لائقة وآمنة نحو مؤسسات الصحة، وتعزيز حضور منظومة الوسطاء الجماعاتيين في تقديم الخدمات الصحية على مستوى الدوائر القروية.
وقد بلغت الكلفة الإجمالية لسيارة الإسعاف 1.500.000 درهم، بتمويل من “المبادرة الوطنية للتنمية البشرية” التي تكفلت بتوفير الاعتمادات المالية اللازمة، على أن تلتزم الجماعات المستفيدة بتحمل مصاريف التسيير والصيانة، كما تم تكليف الجمعيات المسيرة لدور الأمومة باستغلال هذه السيارات، في إطار منظومة الصحة الجماعاتية، وبتنسيق مع السلطات المحلية، ويأتي هذا المشروع في سياق تقليص حدة الهشاشة الصحية في المناطق النائية، فضلا عن تحسين مؤشرات الصحة الإنجابية والولادة الآمنة.
وإلى جانب ذلك تقرر عقد حفل ب “المركز الثقافي أبو القاسم الزياني”، في لقاء يستحضر الأثر العميق لورش المبادرة على الفئات في وضعية إعاقة، ويتضمن برنامج الحفل أداء جماعي للنشيد الوطني، وكلمات ل “جمعية دار الأمان للإعاقة والتربية ما قبل المدرسية”، و”المندوبية الإقليمية للتعاون الوطني”، ثم فقرات فنية من أداء أطفال ومستفيدو الجمعيات الشريكة، منها رقصة تحت عنوان “خطوة تعادل ألف ميل”، من أداء أطفال “جمعية دار الأمان”، إلى جانب عرض مسرحي بعنوان “صرخة امرأة” من تقديم مستفيدي “جمعية تدبير”.
كما تمت برمجة تسليم حافلتين مخصصتين لنقل الأشخاص ذوي الحركة المحدودة لفائدة كل من “جمعية العنقاء للثقافة والتنمية الاجتماعية”، و”جمعية سند لذوي الثلث الصبغي والشلل الدماغي”، إضافة إلى تسليم حافلة ثالثة لفائدة “الجمعية الخيرية الإسلامية موحى وحمو الزياني”، موجهة لنقل الأشخاص بدون مأوى، ليختتم البرنامج بتنظيم ندوة حول: “دور المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في مواكبة الأشخاص في وضعية إعاقة”، على أساس إبراز التمكين الاجتماعي وتعزيز الولوج العادل إلى الخدمات الأساسية لهذه الفئات.
error: