ارتباك المؤسسات الصحية بين القانون والتسيب يضع صحة المواطن بين المطرقة والسندان

0

 في سياقات متقاربة نلاحظ تناقضات مختلفة، حيث أن جميع الجهات المتدخلة تقر بأن جهة بني ملال خنيفرة تعرف كباقي الجهات خصاصا حادا في فئة الممرضين وتقنيي الصحة، غير أن المباراة الأخيرة التي كانت تطلب 348 ممرض وتقني صحة تم انتقاء منهم 243  من أصل 466 متباري، ما يعني إقصاء ضعف العدد ليس بسبب عدم نجاحهم في المباراة بل بسبب سوء تدبير هذه المناصب المالية من حيث تم تفويت أزيد من 100 منصب على الجهة ككل والدليل على أن لوائح الانتظار لم تصل لعتبة النجاح بعد.

والمؤكد أن المباراة تشوبها شوائب ما من حيث أن الإعلان عنها كان يتحدث عن المناصب لكل مسلك من المسالك الخمس داخل هيئة الممرضين وتقنيي الصحة غير أن النتائج جاءت تفصل في الناجحين عبر التخصصات، وهو الأمر المناقض تماما لمنطق تنظيم المباريات الذي يعني أنه كان من الواجب ترتيب الناجحين داخل المسلك وليس داخل الشعبة  في إطار الشفافية وفي إطار الحكامة الجيدة والتدبير المحكم للمناصب المالية… وهو ما ضيع على الجهة أزيد من 100 خريج كانوا كافيين لحل أزمة الجهة ككل…  وفي غياب هذا كله يمكن القول بأن ما وقع لن يعتبر إلا إقصاء ممنهجا للممرضين من التخصصات المعنية والمطلوبة تمهيدا للمرحلة المقبلة.

في تاريخ ليس ببعيد عن تاريخ إعلان نتائج هذه المباراة، تطل علينا جمعية تحت غطاء anapec بمباركة وشراكة كل من المديرية الجهوية للصحة والحماية  الاجتماعية ومجلس جهة بني ملال خنيفرة للإعلان عن التعاقد مع ما سموه جميعا (ممرضين)، تحت ذريعة دعم العرض الصحي بالجهة وتوفير الموارد البشرية… نعم هي نفسها الموارد البشرية التي تم تبذيرها في المباراة السابقة،  وفي المباراة تم تضييع 105 مناصب وفي هذا التعاقد الذي لا أساس له يتم طلب 125  فرصة شغل….

وأمام ذلك تناسوا انتحال صفة ممرض التي يمكن أن تقع، بناء على رفض خريجي المعاهد العليا للمهن التمريضية وتقنيات والمعاهد المعادلة له، عملية التوظيف عن طريق هكذا تعاقدات ويفضلون البطالة على هذا النمط من العمل، ما يتيح الفرص أمام من هب ودب العمل تحت مسمى “ممرض” دون أي تكوين يذكر، غافلين الجانب القانوني والعلمي للمزاولة بما في ذلك المواد 3 و 48 من القانون 43.13  الخاص بمزاولة مهن التمريض، وكذا المرسوم 2.17.535.

كذلك تجاهلوا تعريض صحة المواطنين للخطر على خلفية كون أغلب مراكز العمل المعلن عنها هي قرى بها مستوصفات ومراكز صحية قروية أغلبها ليس بها أطباء، ما يعني أن المتعاقد معه (منتحل الصفة) سيقوم بجميع المهام التي يقوم بها الممرضون والأطباء الوضع الذي يضع مقاربة النوع محل شك، وهو استهداف لصحة المواطنين في المجال القروي.

كما تغافلوا حالة البطالة التي يعاني منها ممرضو الصحة الجماعاتية وصحة الأسر وممرضو الصحة النفسية خريجي المعاهد العليا للمهن التمريضية وتقنيات الصحة، في مقدمتهم خريجي معهد بني ملال وهم الأولى بحل مشكل الخصاص وتجويد العرض الصحي بالجهة… ما يضع المجهودات المبذولة من داخل المعاهد العليا ispits والموارد المتاحة وجودة التكوين موضع شك في الغاية منها.

إضافة إلى التجربة الفاشلة السابقة والتي أفرزت تعطيل 159 فرد من أبناء الشعب الذين تم تشريدهم بعد انتهاء عقد العمل لمدة عامين بعدما تم التغرير بهم كأنهم من الممرضين الذين يعول عليهم، الأمر الذي خلف، بعد انتهاء فترة التعاقد، أزيد من 100 أسرة مشردة بعدما أعطوهم الأمل الزائف فتفاقمت أزمتهم.

 في نفس السياق يمضي رؤساء المجالس الإقليمية الخمس المكونة لجهة بني ملال خنيفرة على مباراة لتوظيف مجموعة من الأطباء وتقنيي حفظ الصحة والممرضين متعددي التخصصات، والملاحظ أنهم يعرفون الممرض تعريفا صحيحا “هو الحامل لدبلوم الإجازة المسلم من أحد المعاهد العليا للمهن التمريضية وتقنيات الصحة” على عكس الفضفضة المتروكة في إعلان anapec الذي يأتي بمباركة وشراكة كل من المديرية  الجهوية للصحة والحماية الإجتماعية ومجلس الجهة….

وهنا نتساءل هل المجالس الإقليمية أدرى من المديرية الجهوية عمن أهل بصفة ممرض ؟؟ وهل المجالس الإقليمية بها كفاءات أفضل مما في مجلس الجهة وتدري ما الذي تفعله ؟؟ أم أن تلك الفضفضة مقصودة لغاية في تفس يعقوب، وهي تعريض المهن التمريضية للتسيب وتعريض صحة المواطن القروي للخطر؟؟ أم أن الأمور التي تأطرها وزارة الداخلية تكون أكثر حزما من الأمور التي تشارك فيها وزارة الصحة والحماية الاجتماعية؟؟ أم أن المؤسسات التابعة لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية هي مؤسسات التسيب والمؤسسات التابعة لوزارة الداخلية هي مؤسسات القانون؟؟ أم أن القانون يُحترم في مؤسسات وفي أخرى مؤسسات أخرى يعتبر وهما؟؟

 عبد اللطيف أهنوش/

فاعل نقابي بقطاع الصحة بجهة بني ملال خنيفرة

error: