سعيد أكردي: برنامج عمل الدارالبيضاء تعوزه الواقعية وأرقامه المالية ستكون سبب العجز في تنفيذه

برنامج عمل الدارالبيضاء يمرر بتحفظ كبير من الأغلبية

0

صادق مجلس مدينة الدارالبيضاء، خلال الجولة الثانية من دورة ماي، التي انعقدت يوم الخميس الأخير، على برنامج عمل الجماعة برسم 2023 /2024، أهم ما ميز مناقشة هذا المشروع هو التحفظ الذي عبرت عنه مكونات الأغلبية نفسها حتى من داخل الحزب الذي يقود التجربة الحالية، والذي دفع بضمانات ستكون وراءها الحكومة لإنجاحه في محاولة لإقناع الأغلبية التي تسير معه شؤون العاصمة الاقتصادية، وهي ذات الأغلبية المتواجدة في الحكومة الحالية، أي حزب التجمع والأصالة والمعاصرة وحزب الاستقلال، الذي شكل الفارق قي هذه الدورة بمداخلتين اعتبرتا سياسيتين، الأولى عبرت على أن تصويتها على البرنامج سيكون سياسيا فقط، ولكن من الناحية التقنية عبرت عن تحفظات كبيرة تذهب إلى حد الإيحاء بأنها غير متفقة إلى حد كبير مع بنود هذا البرنامج، وهو ما يعني بأن الأغلبية المدبرة للدارالبيضاء ليست على انسجام كما يريد البعض التسويق له، وبـأن هناك مشاكل تعتري التدبير.
في قراءة لهذا البرنامج استضافت صفحة الدارالبيضاء، الاتحادي سعيد أكردي، عضو مجلس مقاطعة سيدي مومن، الذي استهل مداخلته معنا، بالقول إن البرنامج يعني المقاطعات بالدرجة الأولى ، لذلك كان يتتبع عن بعد كل المشاورات الجارية بشأنه ومختلف النقاط التي تضمنها، ولكن أول ما هالني، يقول سعيد، الأرقام المالية التي تضمنها، فتنفيذ البرنامج، كما هو مدون، يتطلب توفير 39.6 مليار درهم، وهو رقم كبير وكبير جدا، ونحن نتذكر بأن البرنامج التنموي للدارالبيضاء، الذي كان بأمر من جلالة الملك، توفر له ذات المبلغ تقريبا، لكن تعبأت له كل المؤسسات والقطاعات الحكومية، فكيف لمجلس المدينة أن يوفر هذا المبلغ وما هي مصادره وضماناته، علما أن المجلس سيسهم فيه كما هو مدون بما قدره 7.8 ملايير درهم، والمعطيات التي أمامنا من تقارير المجلس نفسه تفيد أنه يعيش على إيقاع القروض التي بلغت لحدود الآن 300 مليار سنتيم من البنك الدولي بفوائدها، و150 مليار سنتيم من إحدى المؤسسات المالية الإسبانية، ولم يعط أي توضيح عن مصدر النسبة التي سيسهم بها، خاصة ونحن نعلم بأن المداخيل المالية لجماعة الدارالبيضاء شحيحة والإدارة الجبائية ضعيفة وعدة قرارات في هذا الباب لم تفعل بعد، نتفهم تطلع المدبرين ولكن من خلال الارتباك الذي رأيناه بين الأغلبية المدبرة حول البرنامج، نستشف بأن ليس هناك اتفاق كلي بينهم حتى أن تمريره في الدورة كان «محتشما» إذا صح هذا التعبير، وأقوى الملاحظات كانت من طرف مسؤولين في ذات الأغلبية، وهي مماثلة لما عبرت عنه المعارضة، التي في الغالب لا يسمع رأيها، وهذا أمر مؤسف حقا، فأساس أي برنامج عمل هو الفعل التشاركي أولا، سمعنا من المدبرين أنهم قاموا باستشارات، لكن الدورة الأخيرة أظهرت عكس هذه التصريحات، فبشهادة الأغلبية أن المنهجية شابها العطب، ولا أعتقد أن أطرافا في الأغلبية اختارت التعبير في العلن بدل جبة الميثاق الذي يربطها مع أعضاء المكتب، كان هكذا اعتباطيا، فأعتقد أن التحرج من البرنامج في شموليته كان هو الدافع، وسأوضح – يقول أكردي – بعض الأمور التي جاءت في البرنامج وأراها شخصيا غير منطقية وصعبة التنفيذ على أرض الواقع أو أن تنفيذها سيتطلب عقودا وليس سنوات، ففي المسألة البيئية يقول البرنامج بتوفير 4000 هكتار موزعة على المقاطعات الستة عشرة المؤثثة للمدينة، لإنجاز متنفسات بيئية، فكرة جميلة ولايمكن للمرء إلا أن يصفق عليها، لكنه لم يدل بكيفية الأجراة، فهذا الأمر يتطلب أولا تصميم تهيئة جديد، ولم يفدنا البرنامج بأي معطى حول حوار في الأمر مع الوكالة الحضرية، ثم إن الجميع يعلم بأن الدارالبيضاء أضحت إسمنتا في إسمنت، فأين سنجد كل هذه العقارات، وما هي كلفتها المالية، وإذا كانت في ملك الخواص كيف ستسرع مساطر نزع الملكية وبأية تكلفة مالية، لما تقرأ سطور البرنامج تجد هذه المعطيات مغيبة تماما، كذلك الشأن بالنسبة لتشييد بعض المرافق والمنشآت ذات الطابع الاجتماعي أو الرياضي أو الثقافي وغيره، فالبرنامج يتحدث عن اتفاقيات مع قطاعات حكومية أو مجلس الجهة، لكن في نفس الوقت لا يحدد أماكن هذه المنشآت، ولا يدلي بالضمانات التي منحته تلك القطاعات الشريكة أو يقدم الاتفاقية أو حتى مشروع الاتفاقية، لكن بالأساس أنا أركز على مسألة التوطين، أين هي العقارات التي ستحتضن تلك المشاريع، وأين هي الأموال التي ستغطي الجانب الالتزامي لمجلس المدينة، وإذا كانت الحكومة كما راج قد أعطت ضمانات لإنجاح هذا البرنامج المكلف، فكيف ستكون التزاماتها مع باقي الجماعات ومجالس المدن، هل ستغلب كفة على كفة ؟ من الممكن أن تضمن جزءا لكن من الصعب أن تضمن البرنامج في شموليته، خاصة مع الملاحظات التي أبديتها كمسألة التوطين وتوفير العقارات، وهي مسألة مهمة ومهمة جدا. وبالعودة إلى الاتفاقيات مع قطاعات حكومية، يقول أكردي، أتساءل في إطار المقاربة التشاركية ونحن نعلم أن العمال هم المنسقون لهذه القطاعات داخل المدن، فكم من لقاء تم عقده مع العمال والمصالح الخارجية لدراسة ما ستنخرط فيه هذه القطاعات؟ جاء في البرنامج أيضا أنه سيتم بناء محطتين طرقيتين واحدة بتراب الحي الحسني والثانية بتراب سيدي البرنوصي، لكنه لم يتحدث عن مآل محطة أولاد زيان وعقارها، وأي مشروع سيحل محلها وما مآل التجار والعاملين بها؟ كذلك الشأن بالنسبة لسوق الجملة، فبماذا سيعوض وكيف أدفع بمشروع يدر علي سنويا ما لايقل عن 9 ملايير إلى جماعة أخرى ؟ أيضا لم يعر البرنامج أي اهتمام لما يملكه بين يديه ومن حقه أساسا، مثلا مآل أرض «كاريان سنطرال» المنتشرة على مساحة 20 هكتارا، مآل أرض «شامة» التي تتواجد بها الروضة المنسية وهي بالهكتارات، تفويت مساكن «للا مريم» المتواجدة بتراب سيدي عثمان المكتراة بسومة لم تعد نافعة، ومن شأن تفويت هذه المساكن لقاطنيها أن يغطي العجز المالي الذي تعانيه خزينة الجماعة، ويعطي الطمأنينة للمكترين في هذه الدور الذين سيصبحون ملاكا بدل التساؤل الدائم عن مصيرهم، أرض «درب البلدية» بتراب الفداء مرس السلطان، فالأرض في ملك الجماعة والدور للقاطنين لماذا لم تتم التسوية حتى لا تظل تلك الأرض ضائعة، كذلك الشأن بالنسبة لسوق «العيون» الشهير وسوق «النعناع» وغيره كثير، أو ليس من الجميل أن ينكب البرنامج على توفير أموال ستخدم مستقبل المدينة وتعفيه من اللجوء في كل مرة إلى القروض؟؟ لم يتم التطرق ولو من باب الإشارة إلى بعض معالم المدينة كسينما «موريتانيا» في الشق الثقافي، وهي بالمناسبة ملك للجماعة، أو غيرها من دور السينما التي تعيش اليوم الإهمال الكبير، هناك أمثلة كثيرة لايتسع المجال لسردها كاملة، وسأختم بمثال موثق في البرنامج، يفيد بأن هناك مشروعا سيتم انجازه بمعبية شركة ليدك في سنة 2028، والحال أن الجميع يعلم بأن العقد الذي يربط بين المدينة وهذه الشركة سينتهي في 2027؟.. في النهاية، يقول اكردي، البرنامج ليس كله أسودا، ولكنه في اعتقادي حالم كثيرا، أعرف بأن النية جميلة لكن الواقع يسير بمخططات واقعية، لا ننسى بأن البرنامج أخذ وقتا أكثر من اللازم، وهذا هدر تدبيري، لكن الخوف ألا يتم التأشير عليه من طرف السلطات كما وقع لبرنامج تنمية الجهة، من الناحية المبدئية لا يمكن إلا التصويت عليه فهو في الأول والأخير برنامج يهم الساكنة والمدينة وبذل فيه مجهود ملموس، ولا يمكن للإنسان أن يكون حجر عثرة أمامه، ونتمنى صادقين أن تتحقق نسبة كبيرة منه، كانت فقط هذه ملاحظاتنا التي لابد أن ندلي بها في هذه المحطة.

العربي رياض