محمد الشيكر، نموذج رجل السلطة الذي حزن الناس لوفاته

0
  • أحمد بيضي

إذا كان بعض أفراد السلطة في عيون الكثيرين من الشعب، والمجتمع المدني، رمزا للقمع والشطط والابتزاز والمخزنة، فلم يكن غريبا أن يعمّ الحزن والأسى منصات التواصل الاجتماعي والعديد من المنابر الاعلامية، منذ يوم السبت 7 ماي 2022، إثر الإعلان عن وفاة رجل السلطة، محمد الشيكر، الذي أجمعت غالبية المعلقين على اعتباره رمزا للتواضع والعفة والحنكة والانسانية والأخلاق الطيبة.

عاش متواضعا ومتفاعلا مع البسطاء والكادحين والمقهورين، كما ظل ذلك الإنسان الهادئ، المثقف والخدوم الذي يتحدث بروية وأدب، وينصت بتمعن لأجل البحث عن أقرب الحلول للمشاكل، حتى وهو “يتقلد مناصب عليا في وزارة الداخلية كان آخرها رتبة عامل دون أن يستغل منصبه في الشطط أو الابتزاز” كما جاء في تدوينة نابعة، بشكل عفوي، من أعماق باكية حين تحولت صفحات فيسبوكية إلى فضاء عزاء ورثاء.

وبين هذا وذاك، كان حاملا للمبادئ والقيم التي لم يفته أن يربي عليها كل المحيطين به، من موظفين وعمال ورؤساء مصالح، وبينما كان الرجل شغوفا بقراءة أمهات الكتب وأحدث الإصدارات والروايات، كان لا يرد سائلا ولا يتوانى عن تقديم المساعدة للمحتاجين، ولم يكن يسمح لكرسي سلطته أن يعميه عن علاقاته بأصدقائه ومعارفه وأفراد أسرته، حتى أضحى مثالا لما يجب أن تكون عليه السلطة في علاقتها بالناس والأحداث والحقوق.

كان الشيكر يحب كل مدينة حل بها، أو انتقل منها، ولا يقطع علاقته بسكانها، وكم تعاطف الناس مع حالته الصحية، خلال صراعه مع المرض الذي لم يمنعه من أن ينذر نفسه ووقته لخدمة الصالح العام، كما كان نموذجا للرجل الذي يحترم المثقفين والمناضلين والجمعويين، ولا يزال الكثير من الفاعلين بإقليم خنيفرة يتذكرون يوم تحدى هذا الرجل مراكز القرار بتسليمه “وصل الإيداع” لجمعية حقوقية ليعيش بسبب ذلك ضغطا تأنيبيا عموديا وأفقيا.

محمد الشيكر عمل قائدا بجماعة القباب بإقليم خنيفرة، ورئيسا لدائرة أحواز القنيطرة وباشا ببوسكورة بولاية الدارالبيضاء، ثم كاتبا عاما وعاملا بالنيابة على إقليم قلعة السراغنة، وفي كل مسؤولية ظل متمسكا بمبدأ الزهد ونظافة اليد والضمير، وقد تجلت قيمة سمعته الطيبة في حجم الموكب الجنائزي المهيب الذي شيعه إلى مثواه الأخير، بعد عصر يوم السبت، بمقبرة ايت سعد بالكنزرة بإقليم الخميسات.