
مرضى الصرع بين مرارة الالم ورفض المجتمع
مرض الصرع ذلك الداء الذي اذا استوطن الجسم ،أحال صاحبه إلى كثلة من الهواجس ،و الوساوس ،احساس بخوف دائم من نوبات مجهولة العواقب ،مرض قد يصيب الصغير و الكبير، ذكرا كان ام انثى ،يغير سلوكياته و نفسيته الى الأسوء ،أدوية و فحوصات معقدة و مواعيد اطباء كلها عوامل تحيل صاحبها الى شخصية حساسة مهزوزة ويائسة ،بل وحتى هاته النوبات و ما يصاحبها من حركات جسدية شديدة قد تجعله من المحرمات و المسكوت عنه لدى الاقارب والأصدقاء، و ربما رافقته نظرة قاسية رافضة مأساوية لمجتمع متوجس، تناشد الدعم و التشجيع و مواكبة الاسرة و القيمين على الشأن التربوي في الوسط المدرسي على وجه الخصوص لإخراج المريض بهذا الداء من دائرة العزلة و الخوف و الخجل الى فضاء التفهم و التقبل و التعايش .
لاشك ان تخليد اليوم العالمي لداء الصرع مناسبة للوقوف على الإشادة بدور الأطباء و الممرضين وكل القائمين في الشأن الصحي لدورهم الفعال في التصدي لهذا المرض، دور فعاليات المجتمع المدني الذي لا يستهان به، وهو كذلك مناسبة لرفع درجة الوعي بهذا الداء والذي رغم تقدم العلم و أدوات التشخيص، و الادوية الفعالة لا زال يشكل لغزا محيرا للأطباء ،لا بد من تظافر الجهود لمحو تلك الصورة النمطية السلبية و التي تضع مريض الصرع في خانة من به مس او ذو تصرفات تجانب المنطق، و الحقيقة انها نوبة صرع تحدث نتيجة نشاط كهربائي في الدماغ وأنه كغيره يمكنه ان يعيش حياة طبيعية مع بعض الاحتياطات وان يمارس هواياته و انشطته و ان يدرس بل و يتفوق و يخوض غمار الحياة العملية بكل ثقة و نجاح فالتاريخ يشهد على عظماء كسقراط والفريد نوبل كانوا من المصابين بهذا المرض لكنهم لم يستسلموا و اثروا البشرية بإنجازات عظيمة وهذا يعطي الحق للمريض بان يحظى بحياة اجتماعية هادفة فاعلة ايجابية .
دكتورة شفيقة غزوي
طبيبة، مسؤولة وحدة التواصل والاعلام
المديرية الجهوية للصحة والحماية الاجتماعية