عندما يتم الدفع بأستاذة من ذوي الأمراض المزمنة إلى ساحة الهلاك

0

× ع. كمال

في زمن الجائحة حيث يتوجب على مديرية تدير شؤون مدرسة اتخذت من القيم الإنسانية شعارا لها، أن تحرص قبل أي وقت مضى على القيم الإنسانية لما للحظة التاريخية من رمزية في  تثبيتها في مخيال المواطن المغربي، وفي تجاهل لكل النصوص السماوية والقوانين الوضعية الكونية والمحلية التي تجعل من الإنسان غاية في حد ذاته وتكفل حقه في الحياة.

وفي قفز على المذكرات المعمول بها في القطاع، تفرض مديرية خنيفرة العمل حضوريا على أستاذة (ك. م) تعمل بم. تاحجاويت بمريرت، عانت من مرض مزمن، ترتب عن حمل (budd-chiari- tension portale- cirrhose)، وجعل مناعتها ضعيفة، رغم أن المذكرة الوزارية التنظيمية لهذا الموسم الاستثنائي في ظل جائحة كوفيد-19 (مذكرة20×39) تؤكد حرفيا في مرفقها المتعلق بالإجراءات القبلية للتهييء للدخول المدرسي في ظل الظروف الاستثنائية: “إمكانية العمل عن بعد بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة أو الذين يعيشون مع أشخاص سريعي التأثر بالمرض“).

 وقد فوجئت الأستاذة المذكورة، التي قضت بالمهنة أزيد من 20 سنة، يوم توقيع محاضر الدخول، بقرار مدير المؤسسة يسند لها قسما حضوريا بدعوى أن المديرية لم ترشده لاتخاذ هكذا قرارات (تعليمات)، علما أنه ينفذ قرارات /إرشادات أخرى لصالح موظفين آخرين، لتضطر لمراسلة مسؤولي المديرية، مذكرة إياهم بكونها تعاني من مرض مزمن، استفادت على إثره من رخصة مرضية لمدة 3 سنوات، من لجنة طبية وطنية، والمديرية لديها كل ما يثبت ذلك في ملفها، مدلية بشهادة طبية جديدة تؤكد خطر الفيروس على حياتها، وكونها من الفئات الهشة صحيا. 

وفي هذا السياق، طالبت المعنية بالأمر أن تعمل عن بعد، ليس بالضبط بمقر عملها، ولكن في مؤسسة أخرى بتراب المديرية أو الأكاديمية أو حتى الوزارة، مادام العمل عن بعد يسمح بذلك، أو إعفائها مؤقتا محليا بتراب المديرية من مهام القسم بناء على وضعيتها الصحية الحرجة وتكليفها (كما باقي بعض الأساتذة الذين يكلفون بمهام أخرى) إلى ما بعد الجائحة وإرجاعها لمهمتها الأصلية التي هي التدريس، وهو طلب تقدمت به الأستاذة لتبدي رغبتها في الانخراط في خدمة المنظومة في زمن نحتاج فيه انخراطا واجتهادا جماعيين.

وستجد الأستاذة/الأم، التي صارعت الموت من أجل أبنائها الثلاثة، وأسرتها، وتخضع لاقتطاع من الأجرة بناء على رخصتها المرضية نفسها أمام  عقلية إدارية يعتقد البعض أنها قد ولى زمنها، وأمام موظفين في المديرية من المفروض فيهم احترام زمن شعار القيم، وأخذ بعين الاعتبار ظروف المستضعفين، عوض انتهاك حقوق أستاذة من الفئات الهشة صحيا، وما يؤكد ذلك هو:

– في تجاوز للقانون يتم التجاهل عمدا لمراسلاتها بهدف احتقارها وإذلالها، حيث أرجعت لها مراسلة الإعفاء المؤقت في ظروف كورونا على المستوى المحلي من مهام القسم بدعوى عدم التخصص، لكن يتم تجاهل الحلول الأخرى ( التدريس عن بعد) بعدم الجواب على مراسلاتها الأخرى المتعلقة بتذكيرهم بمرضها وبالمذكرة أعلاه (39/20) والموجهة لمصلحة الموارد البشرية والكتابة الخاصة للمدير الإقليمي.

– اللجوء لمطالبتها بطريقة غير مباشرة (غير رسمية) بالإدلاء بالشهادات الطبية بنية غامضة لإثبات عجزها عن العمل، علما أنها قادرة على أداء مهام التدريس كما الموسم الماضي، ولكن ظروف الجائحة وضرورة الانعزال الاضطراري والتباعد الاجتماعي هو سبب طلبها لتنفيذ المذكرة ومنحها فرصة العمل عن بعد حماية لحقها في الحياة، والجميع على علم بضعف مناعتها في ظل انتشار الفيروس، وتخضع لاقتطاعات مهمة من الأجرة بناء على رخصتها المرضية المتوسطة الأمد، للتنحي عن عملها لغاية في نية يعقوب، أو للسير لساحة الموت.