اعتراض سبيل عاملين ب “مناجم عوام” ليلاً، والاعتداء عليهما في “انتقام نقابي”

0
  • خنيفرة: أحمد بيضي

لم يكن الرأي العام المتتبع لأوضاع مناجم عوام، التابعة لشركة تويسيت تيغزى، إقليم خنيفرة، يتوقع أن يصطدم بواقعة إقدام مجموعة من العناصر العمالية، ليلة الجمعة/ السبت 24/23 أبريل 2021، على اعتراض سبيل عاملين منجميين، تحت جنح الليل، قرب مقر عملهما ب “منجم إغرم أوسار”، والاعتداء عليهما بشكل دموي بشع استدعى نقلهما، على وجه السرعة، صوب المركز الاستشفائي الإقليمي لتلقي الاسعافات والعلاجات الضرورية، وقد أصيبا بجروح، متفاوتة الخطورة، على مستوى الرأس والوجه ونقاط مختلفة من جسميهما.  

ويفيد الضحيتان (خ. حسن) و(ب. محمد)، أنهما كانا في طريقهما، كالمعتاد، لمقر عملهما بالمنجم، ضمن ما يسمى ب “الفوج الثالث”، ليجدا نفسيهما محاصرين بستة أشخاص من عمال “منجم سيدي أحمد”، نزلوا من سيارتهم على طريقة أفلام الإثارة، وانقضا عليهما رفسا وضربا باستعمال اللكم والعصي، ليلتحقا بهم عدد آخر من الأشخاص، مع سبق الإصرار والترصد واستغلال ظروف الليل، وبينما تمكن أحد الضحيتين من استكمال الدفاع عن نفسه بالحجارة، ظل زميله يقاوم تحت رحمة الاعتداء، وفق روايتهما بمستعجلات المستشفى.

وصلة بالواقعة، ظل المعتدى عليهما بعين المكان مضرجين في دمائهما، وقد أصيب أحدهما بحالة إغماء إثر تلقيه ضربة قوية على مستوى الرأس، قبل إشعار مصالح الدرك التي أوفدت عناصر منها لمسرح الحادث، حيث تم الوقوف على حالة الضحيتين، واستدعاء سيارة الإسعاف التي نقلتهما نحو المستشفى المحلي بمريرت، ونظرا لوضعيتهما الحرجة، تمت إحالتهما على المركز الاستشفائي الإقليمي، بخنيفرة، لتلقي الاسعافات والعلاجات الضرورية، وهناك استكمل أفراد من الدرك مسطرة الاستماع إليهما.

وبحسب تصريحات الضحيتين، فقد “تمكنا من التعرف على أربعة من المعتدين عليهما”، وأن دوافع الاعتداء كانت عبارة عن “نزوة انتقامية وتصفية حسابات نقابية”، إذ أنهما، حسب قولهما، كانا ينتميان لنفس نقابة العناصر المعتدية عليهما، ومن ضمن المنخرطين في إضراب دام لأزيد من أسبوع، خلال شهر فبراير المنصرم، بدعوة من ذات النقابة، قبل حدوث انقسام في الرؤى والمواقف عقب دخول ثمانية عمال منهم، خلال الفاتح من مارس، في اعتصام مفتوح تحت أرضي بمنجم سيدي أحمد.

وأمام استمرار بعض زملاء العمال الثمانية المعتصمين في إضرابهم عن العمل، اختار الضحيتان استئناف العمل لكونهما غير مقتنعين بدواعي الاستمرار في المعركة التي اعتبراها “شخصية وخارجة عن إطار الملف المطلبي الذي يهم عموم العمال”، ما اعتبره الطرف المضرب “خيانة” و”تشويش على المعركة”، قبل اتهام الضحيتين ب “الانشقاق عن النقابة”، لتتأجج “فتاوى الحقد” تجاه الأخيرين، سيما في إعلان انسحابهما من النقابة المذكورة والانضمام إلى أخرى بذات المناجم.

وبينما لقيت واقعة الاعتداء ردود فعل ساخطة بوصفها عبارة عن “سلوك مرفوض”، دخل الرأي العام المحلي في عدة نقاشات حول مصير الوضع العام بالمنطقة المنجمية، خصوصا أمام خيار التعنت الذي تنهجه الشركة المنجمية حيال مطالب العمال وانتظارات الساكنة، وكذا أمام موقف التفرج الذي تتباه الجهات المسؤولة، إلى جانب الأيدي المتفننة في ثقافة “الإلهاء” و”فرق تسد” وتكريس الخلافات، علما أنه بعد احتواء معركة اعتصام أزيد من مائة عامل تحت الأرض، ما يزال بعضهم، لحوالي شهرين، في اعتصام خطير بعمق إحدى مغارات الموت.