ندوة فكرية تلامس أهم قضايا الشأن المحلي الحالي من خلال التداول في موضوع: “المرفق الجماعي بين اختصاصات المنتخبين والتدبير المفوض”.

0

.عبداللطيف الكامل

وفاء لروح الشهيد المهدي بنبركة ووفاء لروح المناضليِن الراحلين خلال هذه السنة الأستاذ حسن التناني والأستاذة فاطمة مسكاوي،نظم مكتب فرع حزب الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية بأكادير،مساء يوم الجمعة 08 نونبر2024،ندوة في موضوع:”المرفق الجماعي بين اختصاصات المنتخبين والتدبيرالمفوض”،من تأطيرالأستاذين:محمد بوعود (عضو المجلس الوطني السابق)ومصطفى أهدار(عضوالمجلس الوطني والكاتب الإقليمي للشبيبة الإتحادية بتارودانت).

وفي افتتاح هذه الندوة،أكدت المسيرة للندوة الأخت خديجة واسكا(عضوة مكتب الفرع الحزبي بأكَادير)أن الحزب ارتأى تنظيم هذه الندوة في موضوع التدبيرالمفوض وعلاقته بالمرفق الجماعي لما لها من اهتمام بالغ حيث تثيرمجموعة من الأسئلة والإشكالات فيما يتعلق أساسا بالتحديات والإكراهات ذاتية كانت أم موضوعية ترافق تفويض بعض اختصاصات الجماعة الترابية لشركات خاصة في إطار مشروع”التدبيرالمفوض”الذي دخل مؤخرا حيزالتنفيذ في بعض المرافق الجماعية.

ويرى محمد بوعود أن التدبير المفوض يرتبط بتطور مفهوم الشراكة بين القطاع العام والخاص في ظل ظروف اقتصادية ومالية تطبعها المطالب المتزايدة على المرافق والتجهيزات العمومية ولهذه لجأت الجماعات الترابية إلى هذا المشروع في سياق نمط من المردودية والمنافسة والخوصصة.

وأوضح في مداخلته أن التدبيرالمفوض هو أحد الأساليب الحديثة في تدبيرالمرافق العمومية بطريقة جديدة ومغايرة تضع حدا للعجز الحاصل في تدبير المرافق العمومية بسبب ضعف الإمكانيات ونقص في القدرة التدبيرية،لذلك اختارت الجماعات الترابية إجراء عقد إداري بين المفوض والمفوض له مثل عقود الإمتيازوالوكالة ومختلف اتفاقيات التفويض،كما أن الملتزم يتعهد بتوفير الأموال والمستخدمين في عقود الإمتياز،بينما في التدبيرالمفوض تبقى التجهيزات في ملكية الإدارة.

مضيفا أن الموضوع يكتسي أهمية لأنه أتاح الفرصة لمدبر الشأن المحلي أن يفوض بعض المرافق العمومية لشركة خاصة في سياق تدبير مفوض على ضوء القانون 05/54،مما يطرح سؤالا جوهريا حول النتائج المرجوة من هذا التدبيرعلى المستوى القصير والطويل خاصة أن هناك شروط ينص عليها دفتر التحملات وعلى الموقعين على هذه الإتفاقيات الإلتزام بها وفق ما نصت عليه المادة 83 من القانون التنظيمي للتدبير المفوض 14/113.

 

وطرح المتحدث سؤالا وجيها:هل تتحقق جودة العمل من خلال هذا التدبيرالجديد؟وهل يضمن هذا النوع من التدبير نتائج إيجابية ويحقق مردودية وأهداف كما نصت عليها دفاترالتحملات وهل يتم تشغيل اليد العاملة الموجودة بتراب الجماعة،وهل يتم من خلال هذا التدبير تحقيق أرباح إضافية تضخ في ميزانية الجماعة الترابية.

وختم محمد بوعود عرضه القيم بالتطرق إلى مجموعة من الإشكالات المطروحة بشأن مدى التزام الشركات الخاصة المفوض لها تدبير المرافق العمومية والجماعية بناء على اتفاقيات وعقود وشروط يتضمنها دفترالتحملات بالابقاء على خصائص التدبيردون تجاوز أوإهمال.

و تساءل حول مدى التزام الجميع بالطابع العقدي للتدبيروالطابع التدبيري للتدبيرالمفوض وعلى حقوق وواجبات المفوض والمفوض له وعلى واجبات كل طرف من أطراف التعاقد كما وردت في الإتفاقيات الموقعة.

أما الأستاذ مصطفى أهدار،فقد اختارأن يتناول موضوعه من زاوية”تحديات القيمة السياسية للمنتخب المحلي”حيث قدم تحليلاً معمقاً لإشكالية التدبيرالمفوض للمرافق العمومية وتأثيرها على القيمة السياسية للمنتخب الجماعي،مسلطا الضوء على التحديات البنيوية والمؤسساتية التي تواجه هذا النمط التدبيري في المغرب.

واستهل مداخلته بتأطيرتاريخي،أشار فيه إلى أن تجربة التدبيرالمفوض في المغرب بدأت عام 1997 مع الاتفاقية المبرمة بين المجموعة الحضرية للدارالبيضاء والشركة الفرنسية Lyonnaise des eaux، قبل أن يتم تقنين هذه الممارسة بموجب القانون رقم 54.05 الصادر في 14 فبراير2006.

وأبرزالمتحدث أن التدبير المفوض يواجه تحديات عديدة،أهمها ازدواجية السلطة التدبيرية وتداخل الاختصاصات بين المنتخبين والشركات المفوض لها،مما يخلق غموضاً في تحديد المسؤوليات،مؤكدا على ضعف آليات المراقبة والتتبع بسبب محدودية الموارد البشرية المؤهلة.

وعلى الصعيد الاقتصادي والاجتماعي،حذر أهدار من إشكالية ارتفاع تكلفة الخدمات على المواطن وتفاوت جودتها بين المناطق الحضرية والقروية منبها في ذات الوقت إلى مشكلة تأثير التسعيرة على القدرة الشرائية للمواطنين وإشكالية العدالة المجالية في توزيع الخدمات،فضلا عن تراجع الدور السياسي للمنتخب.

وفي هذا الشأن أوضح المتحدث كيف أدى التدبيرالمفوض إلى تحول المنتخب من صانع قرارإلى مجرد مراقب للتنفيذ،مما أفقده سلطته المباشرة على الخدمات الأساسية. ملوحا إلى أن هيمنة المعاييرالتقنية والمالية على القرارات حولت الخدمة العمومية من منطق المرفق العام إلى منطق الربح.

ولهذه الأسباب حذر المتحدث من تداعيات هذا الوضع على المشروعية السياسية للعمل المحلي،حيث أدى تراجع دورالمنتخب إلى تراجع ثقة الناخبين وصعوبة تحقيق الوعود الانتخابية،مما خلق أزمة في الديمقراطية المحلية وتراجعاً في المشاركة السياسية للمواطنين.

وختم أهدار مداخلته بتقديم مجموعة من المقترحات للخروج من هذه الأزمة،أهمها
– إعادة النظرفي النموذج التدبيري المعتمد
– تقوية صلاحيات المجالس المنتخبة
– تعزيز آليات المراقبة السياسية
– تعديل قوانين التدبير المفوض
– تفعيل آليات الديمقراطية التشاركية
– تقوية دور المعارضة في المراقبة

هذا وتميزت هذه الندوة بنقاش جاد ومسؤول وبتفاعل مثمرمن قبل الحاضرين لهذه الندوة تناولت جل مداخلات الإخوة والأخوات مستقبل التدبيرالمحلي في المغرب وتداعياته وآثاره الإيجابية والسلبية على تدبيرالمرافق العمومية والجماعية بجودة عالية على أساس تطوير الخدمات وأدائها بشكل جيد يعود بالفائدة على المرتفقين لهذه المرافق كملاعب القرب والملاعب الرياضية والمنتزهات والحدائق والمسابح والنقل العمومي وتوزيع الماء والكهرباء والمراحيض العمومية.

كما تناول النقاش مدى إمكانية استعادة دور المنتخب وقيمته السياسية في ظل التدبير المفوض مما يتطلب إعادة النظر في مفهوم الديمقراطية المحلية ذاتها،خاصة أن إصلاح نموذج التدبيرالمفوض للمرافق العمومية ليس مجرد مسألة تقنية وإدارية،بل هوتحدٍ حقيقي للحفاظ على قيم الديمقراطية المحلية والمجتمع المدني النشيط .