ندوة تحتضنها “جمعية أنير” بخنيفرة في إطار مشروع Speak up حول أشكال العنف الممارس ضد النساء

0
  • أحمد بيضي

تميز الحقل النسائي في خنيفرة بندوة اختتام مشروع Speak up (نتي ماشي بوحدك)، والتي جرى تنظيمها، مساء الجمعة 17 مارس 2023، من طرف “جمعية أنير للتنمية النسوية والتكافل الاجتماعي”، في إطار اتفاقية شراكة بينها وبين “المجلس الوطني لحقوق الإنسان” بهدف مناهضة العنف الممارس على النساء والفتيات، وتشجيع ضحايا العنف على التبليغ، حيث تولت تسيير أشغال الندوة الفاعلة المدنية، ذة. فاطمة أكنوز، وتمت بمشاركة ممثلة اتحاد العمل النسائي، المناضلة ذة. زهرة وردي، رئيس المجلس العلمي المحلي لخنيفرة، د. المصطفى زمهنى، الباحث والفاعل الجمعوي، ذ. محمد ياسين، ثم ممثل جمعية تيغزى أطلس للتنمية القروية، ذ. محمد الصغير.

الندوة التي نظمت برحاب “المركز الثقافي أبو القاسم الزياني”، افتتحت بكلمتين افتتاحيتين لكل من ذة. فتيحة حروش باسم جمعية أنير للتنمية النسوية والتكافل الاجتماعي، وذ. أحمد بيضي، عضو اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان، باسم اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان والمجلس الوطني لحقوق الإنسان، فيما شاركت الشاعرة مالكة حبرشيد بقصائد من دواوينها، لتختتم هذه الندوة بنقاشات وتكريم فاعلتين نسائيتين، الناشطة باتحاد العمل النسائي، ذة. زهرة وردي، التي تقدم زوجها، المناضل محمد لخماس، بكلمة جميلة في حقها، والفاعلة النسائية بالمجلس العلمي المحلي، ذة. مونة ابلقاس، التي تقدم زميلها بذات المجلس، ذ. عباس أدعوش، بكلمة طيبة حول شخصيتها.

وخلال الافتتاح لم يفت ذة. فاطمة أكنوز الإعلان عن إطلاق جمعية أنير لدليل مصاغ في إطار تنزيل مشروع Speak up (نتي ماشي بوحدكـ)، الذي قامت هذه الجمعية بتنزيله بدعم من المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وتنسيق مع عدد من الفاعلين المحليين، ويرمي إلى مساعدة النساء على ضبط المفاهيم والإجراءات المتعلقة بالعنف القائم على النوع، كما يأتي أساسا لإرشاد ومساعدة ضحايا العنف، والناجيات منه، في لوجهن للعدالة، مع تعريفهن على المؤسسات المسؤولة عن الحماية والتكفل، وبينما جرى توزيع نسخ أولى من الدليل على الحضور تم الإعلان عن تحضير الجمعية لطبع المزيد منه وتعميمه. 

من جهته، انطلق رئيس المجلس العلمي المحلي، د. المصطفى زمهنى، من موضوع مداخلته المعنونة ب “حسن التعامل مع النساء في ظلال السيرة النبوية الشريفة”، ليضع تصورا عاما لمسألة العنف ك “ظاهرة مرفوضة دينيا واجتماعيا، وكأول جرم عرفته البشرية من خلال قصة قابيل وهابيل”، ليتوقف كثيرا عند مفهومي الدين والتدين وضرورة عدم الخلط بينهما، على أساس أن الدين مطلق وخالد والتدين فهم للدين حسب كل واحد من البشر، وكيف أن “المعيار الأساس في التأصيل هو السيرة النبوية التي هي التشخيص الحق للدين”، ومن هنا ولج المتدخل للحديث عن تجلي البعد الإنساني في تعامل الرسول (ص) مع المرأة.

كما تحدث د. المصطفى زمهنى عن مفهوم الرحمة في الإسلام، ودلالة جعلها شاملة للعالمين دون تمييز بين البشرية، وعن العلاقات العائلية والإنسانية، سيما بين الزوجين انطلاقا من الآية: “هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ”، فضلا عن حديثه حول المودة والمعاشرة بالمعروف، ومدى تكريم الإسلام للمرأة، فيما قام بتفسير المفهوم الحقيقي ل “..وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ”، بناء على اللغة من حيث المشبه والمشبه به، ليكون المعنى أن الأنثى هنا أفضل من الذكر، قبل تطرقه لمعنى: “وَاضْرِبُوهُنَّ” الواردة في القرآن، وكيف الضرب هنا ليس التعنيف بالمفهوم العامّي، بل تعني الهجر في المضاجع، مبينا أن الرسول لم يسبق له أن ضرب زوجته أو فردا من عائلته.

وبدوره، افتتح الباحث الجامعي/ ذ. محمد ياسين، مداخلته بالتركيز على الأبعاد والأنساق المعنية بالعنف، في ارتباطه بالعلاقات الاجتماعية والحياتية، المادي منه والرمزي، و”الممارس من أجل تحقيق أهداف على حساب الغير، وانعكاساته على البشرية”، ليتوقف بغاية إبراز معنى الإنسان و”معنى وجوده فوق الأرض للممارسة القيم التي خلق من أجلها وليس ليكون شبيها بباقي الكائنات الحيوانية”، فيما تطرق لمفهوم “العنف في منواله الرمزي الذي تتجلى فيه الكثير من التراكمات والأحكام، والذي كلما اتسعت منظومة المجتمع تعددت أدواته”، وكذلك لم تفته الإشارة لكون العنف هو الحد من حرية الغير والحط من الكرامة الإنسانية.

وفي ذات السياق، رأى ذ. محمد ياسين أن “العنف يتجه، عند حصوله، نحو نفي القيمي الانساني المشترك، كما أن اللجوء إليه يبرر التفاعل الانساني المبني على عدم التوازن بين الرجل والمرأة في المجتمع”، فيما تطرق لموضوع المرأة التي أضحت اليوم تحتل المواقع التي كانت محتكرة للرجل، وكذلك ل “حالة سيطرة الأنماط التقليدية واللاتكافؤ الاجتماعي وغياب مؤشرات التمكين، وللمدرسة التي لا تشتغل كما يجب على التمثلات الحاطة من كرامة المرأة”، قبل أن يلجأ المتدخل، بعين الباحث السوسيولوجي، لتفكيك مفاهيم أشكال مختلفة من العنف، الذكوري منها والمؤسساتي والممارس على الذات، قبل دعوته للاشتغال على العنف الأخلاقي المبني على الوصمة.

أما المناضلة النسائية باتحاد العمل النسائي، ذة. زهرة وردي، فانطلقت في مداخلتها القيمة من وضع العنف بالمغرب وتأثيره على المعنفات، قبل استعراضها للمرجعيات الأممية والتوصيات الصادرة عن الأمم المتحدة، ومدى التزام المغرب بالالتزام بها وتنفيذها، فيما أشارت بالتفصيل لدور الحركة النسائية في هذا المجال على مدى أزيد من ثلاثة عقود، وما قام به اتحاد العمل النسائي من مبادرات لدعم المرأة عقب تفشي جائحة كورونا، دون أن يفوتها التأكيد على جرم بعض أنواع العنف التي يعتبرها المجتمع ليس عنفا، أو يبررها بتفاسير خاطئة، ذلك قبل تعريفها لمظاهر العنف المنتشر بالبيت والشارع والعمل والمواقع الافتراضية.

وارتباطا بالموضوع، تحدثت ذة. زهرة وردي عن “العقلية الذكورية التي تعمد إلى شرعنة عنف الرجل ضد المرأة، وتساهم في تكريس العنف على الصعيد العام”، بما فيه العنف الرقمي الالكتروني الذي تجاوزت نسبته أزيد من 13 بالمائة، وتساءلت المتدخلة بمرارة تجاه بعض “الأوساط الاجتماعية التي لا تخجل من إلقاء اللوم على الضحية دونما وعي منها أنها بذلك تزكي مظاهر العنف”، قبل توقفها عند موضوع المتابعات القضائية وواقع الافلات من العقاب، وكذا عند الاشكالات القائمة وحالات الإكراه على الزواج والتحرش الجنسي وزواج القاصرات والوفيات وسط الأمهات الحوامل، والتمييز الممنهج عبر وسائل الإعلام والمقررات الدراسية.

وبخصوص مداخلة ذ. محمد الصغير، ممثل جمعية تيغزى أطلس للتنمية القروية، فلم يفته فيها التطرق للعنف المؤسساتي واكراهات الاشتغال مع الفتيات القرويات، حيث انطلق من التعريف بهذا النوع من العنف الذي تتغاضى الدولة عنه أو تمارسه على الأفراد بأسلوب القمع أو الحرمان من الحقوق”، ليربط ذلك بالعنف الجسدي الذي “تعمد الدولة للسكوت عنه”، و”بالعنف الذي يفرض على جماهير المواطنين”، قبل تحدثه حول “القوانين والقرارات التمييزية الممنهجة في حق المرأة، وما يشمل عليه ذلك من إهانة وتحقير”، حيث حرصت على الإشارة ل “حالة جهل بعض المحاكم للأمازيغية رغم علمها بأن الكثير من المتقاضيات لا يفهمن غير لغتهن الأم”.

وبينما دعا لضرورة إحداث شرطة خاصة بحماية المعنفات، تطرق ذ. محمد الصغير لمدى ارتفاع نسبة زواج القاصرات، ول “العنف الثقافي الذي تجدر عميقا في حياة بلادنا وما يرتبط به من تقاليد وأعراف بائدة”، فيما تطرق للعنف الإعلامي الذي تمارسه القنوات التلفزية والمحطات الإذاعية ومواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدا أن كل ذلك “يجري بعلم الدولة التي تحاول رفع يدها عن أي مجال اجتماعي”، ومن هنا ولج للكشف عما تعانيه جمعيته من تحديات وإكراهات، سيما “بعد حرمانها من عدد من المنح، رغم ما تقوم به من مشاريع للحد من نزيف الهدر المدرسي بالمنطقة”، مشيرا لانقطاع 19 من أصل 21 عن الدراسة السنة الماضية بهذه المنطقة.