احتجاجات الساكنة وحماة البيئة، بخنيفرة، تنتصر ل “وادي اشبوكة” وإعادة مياهه لمجاريها

0
  • أحمد بيضي

كما كان متوقعا أو بشكل مفاجئ، حلت لجنة مختلطة بمنطقة لهري، إقليم خنيفرة، بعد أسابيع حاملة لأجواء من الاحتقان الشعبي الذي عاشته المنطقة، والقبائل المحيطة بها، فضلا عما تم تسجيله بهذه الرقعة الجغرافية من احتجاجات وأحداث، بسبب الكارثة البيئية الناتجة عن إقدام بعض الأشخاص من ملاكي ضيعات الخضروات، على “امتصاص” مياه “واد اشبوكة” باستعمالهم لقنوات ومضخات وحواجز عشوائية، غير مرخصة، لسقي ضيعاتهم الفلاحية من دون احترام للقوانين المرتبطة بالماء والبيئة والانسان والحياة.

ووفق مصادر متطابقة، فقد حلت اللجنة بالمنطقة وهي مكونة من ممثلين عن وكالة الحوض المائي، ومن قيادة أكلمام أزكزا لهري والمديرية الإقليمية للفلاحة، بخنيفرة، مصحوبة بعناصر من القوات العمومية، حيث قامت بتوقيف اشتغال المضخات والمحركات والمنشآت الهيدروليكية، والعمل على حجزها ومصادرتها، علاوة على اقتلاع القنوات المستعملة في امتصاص واستنزاف مياه الوادي، دون أن يتخلى المتتبعون عن تساؤلاتهم حول الأطراف التي مهدت الطريق ل “صناع الكارثة” بمنطقة اشتهرت بمعركتها ضد المستعمر الفرنسي.

وكان ملف “كارثة واد شبوكة” قد عرف سلسلة من الهزات الاجتماعية و”الانزالات الاعلامية” محليا ووطنيا، وكذا دوليا من خلال قيام إحدى الصحف الفرنسية الشهيرة بإيفاد مراسلة بها للمنطقة لإنجاز تحقيق مفصل في الموضوع، فيما عاشت المنطقة عدة احتجاجات بمساندة ساكنة المنطقة، ومكونات جمعوية، وفاعلين إعلاميين، ومناضلين مدافعين عن البيئة وغيورين على حياة المنطقة، ونشطاء حقوقيين، سيما من الجمعية المغربية لحقوق الإنسان التي لم تتوقف عن نداءاتها وتحركاتها في كل الاتجاهات والمصالح المعنية.

وكما سبق قوله، فإن “واد اشبوكة”، الذي ظل وفيا لجريانه وكائناته الحية منذ القدم، ومصدرا لرزق الكثيرين، وحضنا منعشا لأبناء وشباب المنطقة كل صيف، لم يكن منتظرا أن يفاجأ الجميع بتوقف جريانه ب “جرة إقطاعية”، ومن غير أية منفعة عامة للمنطقة، وكم ازداد الوضع سوء أمام نفوق ما يحتضنه هذا الوادي من كائنات حية وثروة سمكية، والتسبب في عطش المواشي وجفاف الزراعة وتهديد الساكنة بالأوبئة، وكم بلغ العمى ب “خلايا الضيعات” في وضعهم لمضخات قوية وحواجز أشبه بالسدود التلية دونما أي ترخيص.

ولم يفت عدد من الفعاليات المحلية القيام بطرق أبواب المصالح المعنية بغاية التدخل ل “إعادة المياه إلى مجاريها”، مع توجيه نداءات مكثفة إلى من يهمهم الأمر، مثل وزارة الداخلية، عمالة الإقليم، المياه والغابات، الحوض المائي، السلطات المحلية، المجلس الجماعي، ثم مراكز القرار المعنية بالماء والبيئة والتجهيز، فيما نجحت الساكنة، أكثر من مرة، في تحريك دواليب السلطة من خلال حلول لجن مشتركة بعين المكان التي زارت المنطقة، لكنها ظلت تكتفي إما بتوزيع الوعود أو بتهديد المحتجين.

 وفات للجمعية المغربية لحقوق الإنسان أن قامت بمراسلة وزير الداخلية، فور إصدار الأخير للمذكرة 12312 المتعلقة ب “الاحتياطات الواجب اتخاذها بشأن تدبير الماء”، والتي تشدد على “ضرورة منع كل جلب غير قانوني للماء من المجاري المائية”، حيث ذكرته بشكاية سابقة من ساكنة لهري، مذيلة ب 70 توقيعا، تشكو “تعرض واد شبوكة للسرقة والاستنزاف لدرجة التجفيف أحيانا، الأمر الذي نتج عنه نفوق الكثير من الأسماك والأحياء المائية بهذا الوادي، ما ينذر بكوارث بيئية واجتماعية غير محسوبة”، وفق مستهل المراسلة.  

ولم يفت ذات الجمعية الإشارة لوقوف لجنة مختلطة، كان قد تم إيفادها لعين المكان، على “جملة من الخروقات والتجاوزات التي لا تليق ببلد يعرف إجهادا مائيا ونذرة التساقطات”، و”الأفظع هو إقدام أحدهم على بناء سد تلي على الوادي المذكور، محولا النهر بقنوات كبيرة القطر لضيعته، وذلك خارج كل الضوابط القانونية المنظمة لجلب المياه من الوديان”، حيث شددت الجمعية على “أن عملية بناء منشأة كهذه لا يمكن ان تتم في غفلة من أعين مسؤولي السلطة المحلية والإقليمية، ما طرح أكثر من علامة استفهام واستغراب بهذا الخصوص”.