الكاتب والباحث عثمان أشقرا: لماذا أساند لحبيب المالكي رئيساً لمهرجان السينما الإفريقية بخريبكة؟

0
  • عثمان أشقرا (°)

في البداية يلزم التأكيد أن وفاة المرحوم نورالدين الصايل خسارة لا تعوض، وليس هناك من يمكن أن يحل محله، لذا برز خطر انهيار المهرجان ما لم تكن هناك بادرة تنقذ ما يمكن انقاذه وتخطط لاستمرارية جديدة. حيث الوضع المالي سيء، فيما ظهرت أطماع في الاستيلاء على المهرجان: أولا من طرف دعاة التوريث، ممثلين في زوجة المرحوم التي، بتنسيق مع مدير المهرجان المنصب شكليا، وأحد المناورين محليا، اتصلوا بالسيد عامل الإقليم من أجل دعمهم، ولكن العامل زجرهم وأحالهم على المجلس الإداري.

وهناك بالتالي جهة خصوم المرحوم الصايل في المركز السينمائي الذين دعوا إلى تنصيب مدير المركز الحالي رئيسا للمهرجان. ثم هناك وزير سابق ومنبوذ في الجهة طرح نفسه وحرك بعض البيادق المحلية. وإزاء هذه الوضعية الملتبسة والخطيرة كان لابد للغيورين على المهرجان ان يتحركوا. لابد من المحافظة على استقلالية المهرجان واستمراريته.  إذ تم الاتصال أولا بالسيد إدريس بنهيمة باعتباره سينفيليا، عاش في خريبكة مدة واكب فيها نشاط المؤتمر، وله وضعه الاعتباري الذي يفيد في ترسيخ واشعاع المهرجان. لكن الرجل اعتذر لأسباب تخصه.

فكان لابد من ايجاد بديل. إن منصب الرئيس هو حساس ولا ينفع هنا إلا من تتوفر فيه شروط بعينها، في مقدمتها ضمان استمرار المهرجان وجلب التمويل وتصالحه مع محيطه المحلي والجهوي حيث المرحوم كان في خصومة مع الكثيرين. بل طغت خصوماته الشخصية مع شخصيات وجمعيات سينمائية أعلنت قطيعتها مع المهرجان. فلابد من شخصية محايدة تنتمي إلى الإقليم، ولها وضعها الاعتباري ثقافيا وسياسيا، ويمكن أن تساهم في تجاوز كل هذه السلبيات. فاقترح اسم لحبيب المالكي. وبصعوبة بالغة تم اقناع الرجل انطلاقا من صداقته المتينة مع المرحوم الصايل وضرورة المحافظة على المهرجان الذي هو معلمة محلية وايقونة وطنية وقارية.

وما تعهد به الرجل، لحبيب المالكي، وألح عليه هو ضمان التسيير الجماعي والانفتاح على كل الطاقات المحلية والوطنية وتجاوز الصعوبات المالية وجعل المهرجان ينخرط في سياسة ثقافية ديبلوماسية كبيرة. وعليه وبدل المزايدات الكلامية والمواقف اللامسؤولة لنعتبر هذه الواقعة فرصة لاستمرار المهرجان مدعوما بطاقات جديدة ورؤية جديدة. إنه التغيير من داخل الاستمرارية.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

(°) عثمان أشقرا، أديب، كاتب وباحث وسوسيولوجي مغربي، حاصل على الدكتوراه الدولة في علم الاجتماع، في موضوع: “الفكر الوطني بالمغرب من 1930 إلى سنوات الاستقلال الأولى: مقاربة سوسيولوجية”، تحت إشراف الأستاذ محمد جسوس، من أعماله “في سوسيولوجيا الفكر المغربي الحديث”، “المتن الغائب (دراسات في الفكر المغربي الحديث)، “في الفكر الوطني المغربي”، “العطب المغربي (بحث في أصول التحديث وإعاقاته بالمغرب)، “دراسة تأملية في واقع المجتمع المغربي في منتصف الستينيات”، “الوطنية والسلفية الجديدة في المغرب”، “المغرب السادس: (بيان من أجل التنوير)، ومن أعماله الأدبية: رجال الميعاد (مجموعة قصصية)، محنة الشيخ اليوسي (جائزة أحسن نص مسرحي مغاربي)، بولنوار (جائزة الرواية المغربية)…